عالم الجزيرة

جمهورية الجوع

يصف الفيلم مشكلة الجوع في الهند بأنها أكبر مما هي عليه في جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا. مشكلة في بلد مرشح أن يكون الاقتصاد رقم واحد في العالم عام 2050.

قال المهاتما غاندي يوما "قد تغدو كسرة خبز لجائع كل ما يؤمن به من معتقدات"، ولكنْ في البلد الذي بشر فيه غاندي بالمساواة، هناك أكثر من 40% من الأطفال يعانون من سوء تغذية. الأخطر من سوء التغذية معاناة خمسة وعشرين مليون طفل من الجوع.

عاين الفيلم الاستقصائي "جمهورية الخوف" الذي بث في 22/3/2015 ضمن سلسلة "عالم الجزيرة" مشكلة الجوع في أكبر ديمقراطية بالعالم، وفي بلد مرشح لأن يحتل المرتبة الأولى في الاقتصاد العالمي عام 2050.

يصف الفيلم مشكلة الجوع في الهند بأنها أكبر مما هي عليه في جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا.

وطافت الكاميرا لتواجه عدة مسؤولين حكوميين وناشطين حقوقيين وأطباء وأسر فقيرة وأطفال.
وبينما تعتمد كثير من الأسر على المساعدات الغذائية من نظام الرعاية الاجتماعية فإن هذا النظام يتهم بسوء الإدارة والفساد. فمن المفروض أن تتلقى الأسر المحتاجة أكياسا من القمح من خلال نظام توزيع حكومي. ولكن الناشط القانوني ساشين جاين يقول إن الكثير من الأكياس تتسرب لتباع في السوق السوداء، كما تفسد بعض الحبوب بسبب البيروقراطية البطيئة.

ويمضي جاين يقول "لدينا الموارد، من حيث الغذاء، ومن حيث المال. هذا يعني أن هناك شيئا غير صحيح، هناك إهمالا، وحرمانا من الحقوق، لهذا فهي جريمة دستورية".

وتؤازر خبيرة الاقتصاد التنموي ريتي كاتيرا رأي جاين وتقول "الشيء الذي يفزعني اليوم أيضا هو عندما أنظر إلى الأرقام وأرى أن نصف الأطفال تحت سن الثلاث سنوات يعانون من سوء تغذية. الأمر ببساطة أمر غير منطقي".

ستة أيام جوعا
روشان خاتون ابنة التسع سنوات تعيش في ضواحي دلهي مع أقاربها. الذهاب إلى الفراش جائعة أمر اعتادت عليه. وتقول "خلال ستة أيام أتناول طعاما مرة واحدة، ثم في الأيام الستة التالية لا آكل شيئا البتة".

روشان خاتون ابنة التسع سنوات تعيش في ضواحي دلهي مع أقاربها. الذهاب إلى الفراش جائعة أمر اعتادت عليه. وتقول "خلال ستة أيام أتناول طعاما مرة واحدة، ثم في الأيام الستة التالية لا آكل شيئا البتة

وخاتون كغيرها من ملايين الطلاب تستحق وجبة يومية ساخنة غنية بالبروتين والسعرات الحرارية يتم توضيبها في أوعية ثم تشحن من المصانع إلى الصفوف المدرسية في أنحاء الهند، ضمن برنامج تعتمده الحكومة لمكافحة سوء تغذية الأطفال من خلال ما يعرف ببرنامج وجبات منتصف النهار.

هو أكبر برنامج غداء في العالم، حيث يحق بموجب القانون لكل طالب في مدرسة هندية يتراوح عمره بين ست سنوات و14 سنة الحصول على وجبة ساخنة مجانية.

ولكن البرنامج البالغ من العمر خمسين سنة أبعد ما يكون عن الكمال. وتقول روشان إنها وسواها من الأطفال لا يتناولون الوجبات "لأننا نجد فيها ديدانا وحشرات".

 
تعيش روشان في بلاد الفائض الغذائي التي شهدت نموا اقتصاديا سنويا سريعا وازدهارا في المدن الكبرى على مدى العقدين الماضيين، ولكن المنتقدين يرون أن معدلات الجوع الخطيرة عند الأطفال في المدن المزدهرة تشير إلى انعدام المساءلة في البرامج الحكومية.

ويشير الناشط جاين إلى أسرة قروية ويقول إنها والعديد من القرويين يبقون على قيد الحياة بسبب تناولهم العشب والجذور وتناول البذور التي يجمعونها من روث الأبقار.

هذا وجه من وجوه الهند العملاقة ذات المليار ومائتي مليون نسمة والتي تمضي بتحولاتها كإحدى أكبر الاقتصادات النامية. ولكن من دون الرعاية الاجتماعية الكافية للأطفال -وهم القوة العاملة في المستقبل- فإن محركها الاقتصادي قد يتأثر بشكل كبير.

تقول الطفلة روشان إنها تريد أن تصبح طبيبة، وحينها ستقول للناس "ما يمكنكم أكله وما لا ينبغي أن تأكلوه".