عالم الجزيرة

فنزويلا المنقسمة في "عالم الجزيرة"

غضبٌ عارم ينصب على حكومة فنزويلا، يقابله تأييد واسع للرئيس نيكولاس مادورو الذي خلف هوغو شافيز بعد وفاته. وقد سلطت كاميرا “عالم الجزيرة” الضوء على الانقسامات الموجودة بهذا البلد النفطي.

أكثر من أربعين شخصاً لقوا مصرعهم على يد قوات الشرطة، واعتقل ما يزيد عن ثلاثة آلاف خلال احتجاجات مناوئة للحكومة منذ شهور في شرق عاصمة فنزويلا كراكاس، وتحديداً في التاميرا حي الأثرياء.

تصدرت تلك الاحتجاجات عناوين الأخبار حول العالم التي تتحدث عن دكتاتورية لا ترحم وتسحق معارضيها باستخدام العنف، ولكن في فنزويلا هناك روايات متضاربة: هل هذا قمع فاشي، أم صدَام بين أفراد تختلف رؤاهم بشأن مستقبل بلدهم اختلافا جذريا؟

بعد عام من وفاة الرئيس شافيز، جاءت عدسة برنامج "عالم الجزيرة" إلى كراكاس لتقف على حقيقة ما يجري في الشارع.

وبحسب المحلل السياسي والباحث في شؤون الاستفتاءات لويس فينسنت ليو فإن نزول المحتجين إلى شوارع أحياء الأثرياء في كراكاس، سببها ما تعانيه فنزويلا من مشاكل، حيث تسجل أعلى معدل تضخم في العالم وليس في أميركا اللاتينية فقط، بواقع 59% عن الأشهر الـ12 الماضية، وأن مستوى المعيشة ينحدر يوماً بعد يوم.

غير أن ما تشهده أحياء الأثرياء من احتجاجات لا أثر له في الأحياء الفقيرة، مثل حي باتاري الذي يعد الأكبر في العاصمة، فالكثيرون يقفون في طوابير طويلة أمام محال البقالة، لكنهم لا يعبؤون. وتقول المواطنة نيلفي كارمونا إنها ما فتئت تقف في الطابور منذ الساعة الخامسة صباحاً، والسبب هوأن السلع هنا أرخص بكثير.

ويتهم هيراردو رزبلاندور كاريرو -وهو أحد القادة الطلابيين- الحكومة الحالية بالدكتاتورية، ويقول "إنها دكتاتورية لا يمكننا الجلوس أو الحوار معها، ولن تجمعنا معها طاولة الحوار تحت أي ظرف أو شرط".

وقد قام هيراردو وبقية المحتجين بتقييد أنفسهم بالسلاسل أمام المحكمة وسط كراكاس احتجاجا على ما سموه احتجاز الآلاف منذ بدء الاعتصامات، وهو ما أثار ردة فعل مختلفة هذه المرة من قبل بعض الفنزويليين، بينهم إدوين خوزيه فالدوينا الذي يقول "لا أصدق أن في هذا البلد يشرع أربعة من السفهاء في شل حركة البلد بأكملها.. عاش القائد شافيز".

كلوكتيفو
ويقول المناوئون إن الحكومة تستخدم عصابات مسلحة (بلطجية) لقمع المحتجين وترهيبهم، يطلق عليها اسم "كلوكتيفو"، غير أن وزمارينا راميريز -وهو من سكان كراكاس وأحد أعضاء الجماعة- يؤكد أن هذا المصطلح تمت شيطنته، فالكلمة تعني جماعة العوام التي تناضل داخل المجتمعات، وهي ليست جماعة "فنحن مسلحون بالقانون وبثورتنا".

وفي رأي المحلل السياسي، فإن الرئيس الحالي نيكولاس مادورو يحظى بتأييد قوي من الفقراء في فنزويلا.

من جهته، يؤكد ميغول فيفانكو من منظمة هيومن رايتس ووتش أن حكومة فنزويلا تستخدم عصابات مسلحة ضد المحتجين السلميين، ويعتبر أن انتهاكات قوات الأمن لحقوق الإنسان هي جزء من منظومة ممارسات ممنهجة.

في نفس السياق يقول مدير منظمة "بروفيا" الفنزويلية لحقوق الإنسان ماريو بيتانكورت إن "كولكتيفو" تتحرك بالتنسيق مع الشرطة للقيام بأعمال قمع المحتجين، بدليل أن المدعو خوان مونتويا -الذي قتل خلال الاحتجاجات- كان قائد الجماعة الثورية في الشق الحضري الكبير بالعاصمة كراكاس، كما أنه كان في الوقت ذاته يشغل منصب مسؤول في قوة شرطة العاصمة.

كما عرض مشروع قانون في الكونغرس الأميركي بشأن اتخاذ عقوبات ضد أفراد مرتبطين بحكومة فنزويلا أو من أعضاء الحكومة بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبت بحق شعبهم.

والخلاصة أن الاستقطاب المتفاقم في فنزويلا يصبح أكثر حدة بفعل تهديدات بالتدخل الأجنبي، مما ينثر بذور صراع أكثر احتداماً، وهو صراعٌ يكون فيه كل ما يحدث مجرد غيض من فيض مما سيشهده هذا البلد، وقد رحل عنه شافيز.