عالم الجزيرة

أميركا تبني قواعدها على أحلام "العبيد"

نحوُ 40 ألف مواطن من دول ثالثة يعملون في قواعد تديرها القيادة الأميركية الوسطى في أفغانستان والعراق، وفي أماكن أخرى، هم ضحايا لتجار بالبشر.

رغم الوعود التي قدمتها لهم أميركا، وقع عمال من الهند والنيبال على وجه الخصوص ضحايا للخداع والديون، ولتجار البشر الذين تزدهر أمورهم من خلال العقود العسكرية. وقد تحول الوعد بالنسبة لكثير منهم إلى كذبة.

حلقة الأحد (29/6/2014) من برنامج "عالم الجزيرة" تسلط الضوء على هؤلاء العمال الذين وعدوا بالعمل في أفغانستان، وتتحرى عن كيفية اعتماد الجيش الأميركي عليهم كقوة عمل من خلال عقود مجحفة.

رافي، نموذج لهؤلاء العمال، يقول إنهم خدعوه بالعمل في أفغانستان مقابل راتب كان أقل من نصف ما وعدوه به. فعندما كان في بلده قدمه صديق لأحد متعهدي التوظيف الذي أخبره أنه إذا دفع رسماً كبيراً فسيحصل على عمل لدى شركة "داين كورب" في أفغانستان، وسيسافر إلى دبي بالطائرة حيث سيرتبط بداين كورب وسيسافر بعد ذلك إلى القاعدة الأميركية.

وقال له المتعهد إنه سيرسله إلى داين كورب وإنه سيتسلم راتباً أساسياً قدره 1200 دولار شهرياً.

تجدر الإشارة إلى وجود شركتين أميركيتين تديران المنشآت العسكرية في أفغانستان، هما: شركة فلور، وشركة داين كورب العالمية. وتسمى هاتان الشركتان "المقاولين الرئيسيين" لأن الحكومة الأميركية تعاقدت معهما مباشرة.

غير أن رافي وقع في فخ، لأن الوظيفة لدى داين كورب لم تكن موجودة أصلاً. وبدلاً من ذلك، أسكنه المتعهد بمعسكر للعمل في دبي. وبعد ثلاثة أسابيع، قال له إن بإمكانه أن يحصل له على عمل مع شركة مقاولات من الباطن هي إيكولوغ، مقابل دفع رسم إضافي.

قال رافي إنه دفع للمتعهد إجمالاً أربعة آلاف دولار، بينما كان الراتب الذي تقاضاه مقابل الوظيفة التي حصل عليها خمسمائة دولار. وتم توظيف هذا الرجل وفق شروط احتيال أجبرته على العمل لمدة سنة كاملة ببساطة لتسديد دينه.

اتجار بالبشر
ووفقاً لوزارة الخارجية الأميركية والأمم المتحدة، فإن هذا يُعد اتجاراً بالبشر، وهو غير قانوني وفقا للقانون الأميركي والدولي.

تقول سيندو كافينامانيل -التي كانت تعمل لدى شركة مقاولات من الباطن بالكويت، وهي الآن تدافع عن العمال المهاجرين- إن "الديون تجبر المرء على العمل في أي مكان. لا يهم إن كان ذلك في منطقة حرب، لا يهم إن كانوا يوفرون لهم الطعام الجيد أو السكن الجيد، فهؤلاء رجال مستعدون للتضحية".

أما المستشار القانوني السابق بالجيش الأميركي سام ماكاهون -الذي خدم في العراق وأفغانستان وعمل على مدى عدة سنوات في الترويج لإصلاح نظام التقاعد العسكري- فيؤكد أن هناك متاجرة بالرجال وبيعهم مثل الماشية، إنهم أشياء وبضاعة معدة للاستخدام.

ويضيف ماكاهون أن الشخص الوحيد الذي لا يجني شيئاً هو العامل الذي يقوم بالعمل.

تدير شركات مقاولات من الباطن، مثل برايم بروجيكت العالمية وإيكولوغ، عملياتها في الشرق الأوسط  في دبي، ولها معسكرات عمل هناك يستعملونها في إيواء العمال وهم في طريقهم إلى القواعد العسكرية.

وبعيداً عن أبراج دبي التي تسلب العقول، يؤوي معسكر عمل متزايد الاتساع يسمى سونابور مئات الألوف من العمال المهاجرين من جنوب آسيا.

تعني كلمة سونابور باللغة الهندية "مدينة الذهب" لكنها في الواقع أقرب إلى حي أكواخ عشوائية، حيث إنها تمثل المستودع الذي تدخله شركات المقاولات الأميركية من الباطن للعثور على العمال للقواعد العسكرية في أفغانستان.

ويعلق رافي على الأمر قائلا "لم تكن هناك سوى مساحة صغيرة جداً، وكنا بين 35 وأربعين شخصاً في غرفة واحدة، لكنها لا تتسع إلا لثلاثة أشخاص".

ويبقى هؤلاء العمال في غاية الأهمية بالنسبة للمنشآت الأميركية في أرجاء العالم حتى وإن خففت أميركا من حدة حروبها.