عالم الجزيرة

مهربو البشر

أصبحت الجزر الجميلة في شمال أستراليا نقطة الانطلاق لكثير من اللاجئين الذين يستقلون مراكب يتقاضى أصحابها مبالغ مالية كبيرة، لكن العواقب تكون في الغالب وخيمة بالنسبة للمهرّبين.

لاجئون يأتون من أفغانستان والعراق وباكستان وميانمار، ويدفعون آلاف الدولارات في رحلات خطرة بالزوارق باتجاه أستراليا. وقد جاء أكثر من 4500 من إندونيسيا بالمراكب في العام الماضي و2500 وصلوا عام 2012.

غير أن الذين يقومون بتهريب هؤلاء اللاجئين تكون عاقبتهم وخيمة، فأكثر من مائتي صياد إندونيسي ينتظرون المحاكمة بتهمة تهريب اللاجئين إلى أستراليا، وهي تهمة عقوبتها السجن خمس سنوات.

في مدينة كوبانغ غرب تيمور قُدمت لفيصل أرسياد (17 عاما) وظيفة طاه للتونا في أحد المراكب، وكان الأجر ممتازا. ذهب هذا الشاب -كما يؤكد لحلقة 5/10/2014 من برنامج "عالم الجزيرة"- لأداء العمل فنقل بالطائرة إلى جزيرة جاوا، حيث قضى الليل في أحد الزوارق الذي بدأ بالإبحار وعلى متنه 136 شخصا، بينهم أطفال ورضع.

سأل فيصل الربان عن وجهتهم فأخبره أنه سيأخذهم في رحلة، ليكتشف لاحقا أنهم في طريقهم إلى أستراليا.

وانتهت الرحلة بفيصل إلى زنزانة سجن بعدما أصبح في نظر أستراليا مهرب بشر. في البداية احتفظ به في سجن للأحداث في مدينة دارون، وبعد أربعة أشهر وبدون أي إنذار حوّل إلى سجن الحراسة المشددة الخاص بالكبار في مدينة بريزبون ووضع في سجن مع القتلة وتجار المخدرات وكثير من الأشرار.

يقول الأسترالي ديفد سفوبودا محامي فيصل إن الأطفال الإندونيسيين يوضعون عادة في أستراليا في سجون الكبار.

ولكن من المسؤول عن توظيف كل هؤلاء الأفراد؟ ولمن تدفع التكاليف؟ وإلى أي بعد تمتد مخالب جماعات التهريب؟ 

يطير اللاجئون إلى ماليزيا ثم يسافرون جنوبا إلى جاوا حيث ينتظرون تجهيز المراكب ووصول البحارة، وتكون الوجهة إما جزيرة الكريسماس أو جرف آشمور في الأراضي الأسترالية.

والهدف هو الوقوع تحت قبضة السلطات الأسترالية حتى يطالب الركاب باللجوء، ويعني ذلك أن يذهب البحارة الإندونيسيون إلى السجن، مع العلم أن رجال المال الكبار في جماعات التهريب يكونون عادة في جزيرة جاوا.

أحد اللاجئين (22 عاما) اتصل بحلقة "عالم الجزيرة" ليخبرها بقصته، ويقول إنه كان مترجما في الجيش الأميركي بأفغانستان وهو الآن يهرب من أجل إنقاذ حياته، وإنه دفع 19 ألف دولار للمهربين في أفغانستان ويسمون "كوشاكبار"، وهي مجموعة من مهربي البشر تتكون من 55 أو 60 شخصا. 

ويعاني من يقومون بتهريب اللاجئين من ظروف معيشية سيئة، حيث البطالة والفقر والجهل، مما يجعلهم يقعون ضحية استغلال من قبل شبكات المتاجرة بالبشر. تقول إني إنغرك -وهي سياسية محلية في إندونيسيا- إنها تشعر بالقلق من تزايد عدد الشباب في منطقتها الذين ينتهون في السجون الأسترالية، وتضيف أنهم مجرد قرويين لا يعرفون شيئا عن حياة المدن أو عن الأقطار الأخرى.

من جهتها، تقول والدة أحد المعتقلين في أستراليا يدعى قاسم ماغان (22 عاما)، إن ابنها لم يتلق تعليما كافيا ولذلك فإن الناس يستغفلونه ويخدعونه. وقد أدين ماغان بتهريب اللاجئين، وهو محتجز في سجن الحماية المشددة في بريزبون بأستراليا. 

ويقول السياسيون في إندونيسيا إن حل مشكلة التهريب يجب أن يكون اقتصاديا، وذلك بزيادة أجور المواطنين حتى لا يتوجهوا إلى وظائف التهريب.