برامج متفرقة

"المعسكر".. من فصول مأساة البوسنة

وثائقي يسلط الضوء على حقبة حرب البوسنة التي اندلعت عام 1992، ويسرد قصة “معسكر أومارسكا” للاعتقال الذي ذاع صيته بفعل الجرائم التي ارتكبت داخله بحق مسلمين وكروات.

في الثلاثين من أبريل/نيسان 1992 قامت القوات الصربية وحزبها الديمقراطي بالانقلاب على السلطة المنتخبة وإزاحة الكروات والمسلمين البوسنيين من الحكم بقوة السلاح والحلول محلهم والاستيلاء على الحكم.

وثائقي "المعسكر" يسلط الضوء على حقبة حرب البوسنة من خلال إماطة اللثام عن تفاصيل مريعة شهدها "معسكر أومارسكا" الذي ضم معتقلين عزل من المسلمين البوسنيين والكروات.

كان كفوتشكا أول قائد لمعسكر أومارسكا، وفي يونيو/حزيران 1992 خلفه جيل كوميانيتش، وكان ميوليتسا كوس واحدا من ثلاثة قادة في معسكر أومارسكا، ويشرف على عدد من الحراس.

ومثل المتهم ميلادوراديتش الشهير بكاركان واحدا من بين ثلاثة قادة للحرس في المعسكر، ولم يكن المتهم زوران جيكيتش يشغل أي منصب رسمي في أي من المعسكرات، لكنه كان كثيرا ما يدخلها بهدف تعذيب وسلب وقتل المعتقلين.

وأشارت كل الأدلة -بما لا يقبل الشك- إلى أن الآلاف من المسلمين والكروات تم اعتقالهم وتعذيبهم، وبالتالي قتلوا على أساس انتمائهم العرقي فقط.

آلاف القتلى
يقول رزاق هوكافيتش -أحد ضحايا معسكر أومارسكا- "كانت بريدور مدينة حيوية بامتياز، عاش فيها الناس في وئام، حيث المسجد يقابل الكنيسة، والناس يشاركون بعضهم بعضا في الأفراح والأتراح، ويتزاوجون بغض النظر عن الدين الذي يؤمنون به، فهم جزء من يوغسلافيا ذات الأطياف المتنوعة".

ويؤكد أن أكثر من أربعة آلاف شخص قتلوا في بريدور.

وحول المعتقل يسرد هوكافيتش أن غرفة لا تزيد مساحتها على (10×15) مترا تكدس الناس فيها، ووصل عددهم في النهاية إلى ستمائة شخص.

ومن ضحايا المعسكر أيضا سيريف فليتش، الذي يقول "لقد شعرنا بالبلاء قادما قبل شهر أو اثنين، حينما كان ذلك الشيء يطوف فوقنا في السماء، ومثل شؤون الحياة الأخرى لا أحد يقدر على معرفة المجهول".

ويتابع روايته قائلا "في حوالي الساعة الثانية من ظهيرة هادئة في يوم أحد كنا عزلا من السلاح، ولم نكن مستعدين عندما بدؤوا يقصفوننا بالمدفعية الثقيلة من منطقة مرتفعة، فركضنا كلنا رجالا ونساء وأطفالا وشيوخا باتجاه الجدول والقرية المجاورة".

وفي الصباح التالي، بدأت المفاوضات بينما كان الأطفال والنساء في حالة هلع، وطلبت القوات الصربية من سكان المدينة الاستسلام.

كان الوقت يقترب من منتصف الليل عندما وصل المعتقلون، وبينهم فليتش إلى مكان مجهول، تبين في ما بعد أنه مخزن لمعسكر أومارسكا.

وهنا يصف فليتش المشهد ويقول "بدأنا السير بين صفين من الجنود يفصل بينهما أقل من متر وأثناء مرورنا كانوا يضربوننا، اكتظت الغرفة بنا إلى أن أصبحنا كالأعواد بعلبة كبريت أو أسماك السردين".

مدينة تكره "الفاشية"
أما توسيرتا سوفيتش -من ضحايا معسكر أومارسكا- فذكرت في شهادتها أنه لم يخطر على بال أحد أن شيئا كهذا سيحدث في هذه المدينة التي تكره الفاشية، وأن العلاقات فيها بين الأجناس المستوطنة بها ستختل بهذا الشكل.

وتضيف أن الصرب سيطروا على المدينة وكل ما فيها من أقسام الشرطة ومحاكم وبنوك وحتى البلدية، والأهم هو السيطرة على الإذاعة التي بثت كل ما أرادت السلطات الصربية قوله.

وحال دخولهم المدينة رفع الصرب الأعلام البيضاء ونشروا الرموز الصربية القومية حتى يظن الزائر الغريب أن كل سكان المدينة هم من الصرب.

وداخل معسكر أومارسكا رأت توسيرتا سوفيتش داخل الغرف أقارب لها وأشخاصا من مدينتها تعرفهم من قبل في حين لا تعرف عوائلهم أي شيء عنهم.

وتؤكد الضحية أنه لا يمكن لأي معتقل أن يدافع عن نفسه أمام شخص قوي البنية ومسلح، ويبقى هاجس الجميع كيف يتصرفون بحكمة كي لا يقتلون ويمثل بأجسادهم.

وتضمن الوثائقي أيضا شهادة الصحفي إد وليامي الذي يقول إنه غطى الحرب في كرواتيا، وهكذا فإن البوسنة كانت حاضرة في ذهنه دائما.

ويتابع وليامي القول "كان من غير المصدق أن يعاد تنفيذ نفس ما حصل في كرواتيا في بلد نسيجه العام منتظم بشكل ناعم ومتناسق في منازله وشوارعه وحتى فصوله المدرسية".

وأدلت الصحفية البريطانية بيني مرشال هي الأخرى بشهادتها، وقالت "كانت أول مرة شغلت فيها بقضية البوسنة عندما سمعنا عبر الصحف في لندن ما تردد من شائعات تدور حول ما يمكن أن نسميه معسكرات الاعتقال".

وأضافت أن اللاجئين القادمين إلى كرواتيا كانوا يتحدثون بطريقة دراماتيكية حول ما كان يجري في بريدور.