برامج متفرقة

عام على حرب أفغانستان

أفغانستان بين كابوس الحرب وإعادة البناء، أثر التركيبة العرقية الأفغانية على بناء الدولة الحالية، مدى تحقيق الحرب ضد طالبان أهدافها المعلنة، موقف الشعب الأفغاني من القوات الأجنبية على أرضه، الوضع الأفغاني بين حكم طالبان والحكومة الحالية، زراعة المخدرات في أفغانستان بين طالبان والعهد الحالي.

مقدم الحلقة:

محمد كريشان

ضيوف الحلقة:

محمد صافي: مراسل الجزيرة في كابول
تيسير علوني: مراسل الجزيرة السابق في أفغانستان
سيد فضل الله فاضل: سفير أفغانستان في القاهرة
وضاح خنفر: موفد الجزيرة السابق إلى أفغانستان
هاني السباعي: مركز المقريزي للدراسات التاريخية
مطيع الله تائب: كاتب صحفي أفغاني

تاريخ الحلقة:

07/10/2002

– أفغانستان بين كابوس الحرب وإعادة البناء
– أثر التركيبة العرقية الأفغانية على بناء الدولة الحالية

– مدى تحقيق الحرب ضد طالبان أهدافها المعلنة

– موقف الشعب الأفغاني من القوات الأجنبية على أرضه

– الوضع الأفغاني بين حكم طالبان والحكومة الحالية

– زراعة المخدرات في أفغانستان بين طالبان والعهد الحالي


undefinedمحمد كريشان: مشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله، أهلاً بكم في هذا البرنامج الخاص الذي سنحاول أن نقف فيه على بعض سمات المشهد في أفغانستان بعد مرور عام على الحرب هناك.

ستكون لنا معالجة سريعة مع ضيفنا في الاستوديو تيسير علوني الذي شهد انطلاق الحرب قبل عام من الآن وتابع الموضوع إلى حين انهيار حركة طالبان ودخول قوات المعارضة لها العاصمة كابول، أيضاً سنتابع المشهد الأفغاني مع زميلنا محمد الصافي في كابول وهو الذي يتابع الآن الوضع الأفغاني كما آل عليه الأمر في كابول، وأيضاً مع مراسلنا المتجول وضاح خنفر الذي زار أفغانستان بين الفترتين، بين فترة تيسير وفترة صافي إن صح التعبير، وأعد تقرير موسع هناك وتابع الوضع الأفغاني بشكل جيد لفترة طويلة، ولكن في البداية نبدأ بهذا التقرير الذي أعده تيسير علوني.

تقرير/ تيسير علوني: هناك انفجار أيضاً في جهة الآن.. جاء الطيران الآن الآن نسمع نعم صوت طائرات.

ليل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2001، هذا القصف أنهى معاناة الانتظار والقلق طيلة الفترة التي سبقت بداية الحملة ضد أفغانستان، سماء العاصمة الأفغانية كابول امتلأت بوميض طلقات المدافع المضادة للطائرات وأرضها أصبحت هدفاً لقذائف الطائرات الأميركية، القلوب ومع استمرار القصف بدأ يزايلها الخوف وكان الجميع يعيش الليل بطوله بانتظار الغارة القادمة ويعيش النهار في ملاحقة آثار القصف داخل كابول وخارجها، ويحاول تصوير معاناة السكان المدنيين في أحيائها المختلفة بعد أن منعت حركة طالبان تصوير الأهداف العسكرية لأسباب أمنية، هذا القرار وفر على فريق (الجزيرة) جهداً كبيراً وخطراً شبه محقق فالتجول بين الأهداف العسكرية في زمن الحرب مجازفة لا تحمد عقباها.

أعداد الضحايا المدنيين من قتلى وجرحى تتزايد مع كل غارة، والمستشفيات الفقيرة بالتجهيزات الطبية تضيق بنزلائها يوماً بعد آخر.

جدول الأعمال أصبح روتينياً، فكل يوم يستأنف البحث عن ضحايا الليلة الفائتة، ونتوجه بعدها إلى إحدى المنشآت الطبية.

شوارع كابول وأسواقها استعادت حياتها العادية بسرعة، وسرعان ما أصبحت الغارات الجوية والقصف الصاروخي روتيناً يومياً، وأصبحت الأخبار قالباً موحداً ينقصه فقط تغيير اسم المنطقة المقصوفة وعدد القتلى والجرحى ليصبح القالب آخر الأخبار.

تصوير العمق الإنساني لمعاناة السكان لم يكن عملاً سهلاً تقوم به الكاميرا لوحدها، فقبل بداية الحملة على أفغانستان غادر العاصمة كابول قسم كبير من سكانها، وبعد تزايد أعداد الضحايا اقتنع مزيد منهم بمغادرتها، ولم يبق سوى المعدمين الذي لا يجدون ظهراً يحملهم ولا ملاذاً يحميهم.

حرب أخرى كانت تدور رحاها ولكن في الخفاء، تلك الحرب تجسدت في انفراد مكتب (الجزيرة) بتغطية آثار ا لحرب وتناقض أخباره مع ما يعلنه الجانب الأميركي وخصوصاً عن الضحايا المدنيين، إذ إن ما كانت (الجزيرة) تذيعه عن الخسائر الأميركية اختلف كثيراً عن بيانات أرباب البنتاجون.

أما هذه الطائرة التي يُعتقد أنها طائرة استطلاع فلم يعترف بها أحد.

دونالد رامسفيلد (وزير الدفاع الأميركي): لقد دأبت (الجزيرة) على بث دعاية طالبان مراراً وتكراراً، كما دأبت على عدم التيقن من مصداقية تلك الدعاية.

تيسير علوني: الثالث عشر من نوفمبر / تشرين الثاني رسالة أميركية واضحة عبرت فيما يبدو عن موقف الإدارة الأميركية مما يفعله فريق (الجزيرة) ولكن الذي دفع الثمن في النهاية كان مبنى مكتب (الجزيرة) الذي لا يزال صاحبه الأفغاني يطالب بتعويضه عن أضرار لحقته جراء حرب لم يكن طرفاً فيها.

محمد كريشان: إذن مازلنا معكم مشاهدينا الكرام في هذا البرنامج الخاص الذي نستعرض فيه سمات عامة وسريعة لا محالة عن المشهد الأفغاني بعد عام من مرور الحرب، نبدأ بتيسير علوني، تيسير لو نحاول استرجاع بعض اللحظات من اندلاع الحرب قبل عام الأيام تمر بسرعة يعني.

تيسير علوني: نعم، الحقيقة يعني كانت ذكريات ولا تزال طبعاً ذكريات مؤثرة، ولعلك أنت شخصياً تذكر.. لأنني أذكر أنك كنت الذي تحاورني على الهواء مباشرة ليل السابع من أكتوبر، الحقيقة يعني كانت يعني أيام عصيبة يعني بمجملها قضينا من السابع من أكتوبر وحتى الثالث عشر من نوفمبر تاريخ القصف الأميركي على مكتب (الجزيرة) وتدميره، طبعاً يعني كصحفيين أحب ألفت النظر لقضية يعني استذكر يعني هذا ليس.. ليس كل شيء، يعني هذا الذي رأيناه في التقرير هو عبارة عن أيام الحرب، أنا أحب أن أذكر بما كنا نفعله قبل الحرب، ما كنا نفعله قبل الحادي عشر من سبتمبر، حتى يعني الملاحظة عامة على وسائل الإعلام العالمية قد يغفل عنها المشاهدون بدأت أنا بعد أن غادرت أفغانستان أرى تقارير كثيرة يُرونا بعض المظاهر التي يقولون أنها جديدة في مدينة كابول مثلاً، ويقولون هذا لم يكن على عهد طالبان، يعني مثلاً يطلعوا قضية تدريس البنات أخرجوه كثير، ركزت عليها كل المحطات العالمية هذا لم يكن موجوداً على عهد طالبان، بينما أنا عامل تقرير عن تعليم البنات في كابول وفي ظل حكومة طالبان، قضايا أخرى كثيرة مثلاً منها الرياضة يعني كرة القدم يخرجوا لاعبين أفغان يتكلموا يقولوا والله هذا يعني لم نكن نستطيع ممارسته على عهد طالبان، ألعاب القوى هذا لم نستطع.. لم نكن نستطيع ممارسته على عهد طالبان، بينما أنا عامل تقارير وافية عن هذه الأمور في فترة طالبان الحقيقة يعني ملاحظتي الأساسية هو أن الإعلام العالمي اعتمد الإثارة في هذه القضية مع الأسف، لم يعتمد نقل الحقائق التي تفيد المشاهد.

محمد كريشان: نعم، تيسير أنت تشير إلى ما كنت تعايشه، ومحمد صافي الآن في كابول ويعايش اللحظة الأفغانية الراهنة، محمد، نريد أن نعرف أولاً هل ابتعد كابوس الحرب –على الأقل- من أذهان الأفغان؟ وماذا عن الملاحظات التي ساقها الآن تيسير؟


أفغانستان بين كابوس الحرب وإعادة البناء

محمد صافي: محمد، طبعاً الحكم على هذا الموضوع من الصعوبة بمكان، لكن يمكن القول: أن كابوس الحرب على الأقل ابتعد من أذهان الأفغان بوجود قوات دولية هنا وقوات تحالف دولي تقوده أميركا وقوات (الأيساف) هذه القوات تحفظ نوع من التوازن بين القوات الأفغانية وبين مراكز القوى الأفغانية التي مازالت موجودة، ابتعد كابوس الحرب على الأقل بالشكل الكبير الذي شهدته كابول من سنة 92 إلى سنة 96 حتى دخول حركة طالبان وكذلك الحرب التي كانت بين حركة طالبان وبين الجبهة المناوئة لها، مازالت هناك بعض الإشكاليات القائمة سواءً في الجنوب الأفغاني أو في الجنوب الشرقي، أو في الشمال، ولكن هي إشكاليات يتم احتواؤها نظراً لوجود قوة كبرى يحسب الجميع لها ألف حساب داخل المشهد الأفغاني هنا، هناك مشكلة (باتشاخان زدران) هناك مشكلة دستم ومحمد عطا، لكنها مشاكل تبقى دائماً تعالج داخل إطار الحكومة الأفغانية هنا، وأصبح الهم الأكبر الآن لقوات التحالف الدولي هي التأكد من عدم وجود أي قوات لحركة طالبان أو القاعدة على الأراضي الأفغانية.

محمد كريشان: نعم، على ذكر الحكومة الأفغانية، وضاح، أنت زرت أفغانستان وبقيت لفترة طويلة، في هذه الفترة الفاصلة بين بداية الحرب وبين الوضع الحالي، وربما تابعت ما قيل عن عملية إعادة بناء مؤسسات الدولة في أفغانستان، هل ترى هذا المسار يسير بشكل جيد إلى حد الآن على الأقل؟

وضاح خنفر: الحقيقة أن جهود كبيرة جداً وضعت لإعادة بناء الدولة، الولايات المتحدة الأميركية أعلنت أنها ستذهب لأفغانستان للقضاء على الإرهاب ولبناء الدولة، المشكلة الرئيسية الآن في الدولة في أفغانستان أنها إلى حدٍ كبير متهمة بنقصان الشرعية لاسيما في المناطق التي لا تخضع مباشرة لسيطرتها، نحن نتكلم الآن عن دولة تُحكم من كابول وهي العاصمة، العاصمة تحت حماية دولية، يعني هناك حوالي 4500 جندي دولي أو أكثر، لكن إذا تحدثت عن مناطق أخرى كمناطق البشتون، والبشتون كما تعلم هم الأغلبية أو الاثنية العرقية الأكبر في أفغانستان أتيحت لي الفرصة لزيارة بعض مناطق البشتون، وجدت أن مسألة الحكم في كابول لم تصل بعد إلى تلك المناطق، المشكلة الرئيسية في اختلال البنية السياسية في أفغانستان، هناك معادلات سياسية قائمة في أفغانستان منذ استقلالها أو منذ تأسيس دولة أفغانستان في منتصف القرن الثامن عشر، هذه المعادلات تقول أن البشتون في الغالب هم الذين يحكمون، الآن المعادلة الحقيقية في أفغانستان أن الطاجيك بأغلبيتهم في كابول هم الذين يحكمون، هذا الكلام لن يؤدي إلى استقرار، ليس لأن البشتون يؤيدون طالبان أو القاعدة في.. في مجملهم، ربما هناك تأييد أكبر، طبعاً هذا صحيح، ولكن لأنهم يشعرون بأن المعادلة السياسية مختلة، أن ما يحدث في كابول لا يمثل طبيعة المجتمع الأفغاني، بل يمثل احتلالاً طاجيكياً لكابول في كثير من الأحيان، هناك بعض الزعماء البشتون الذين نتجوا أو خرجوا في مرحلة الفراغ القيادي البشتوني بعد سقوط طالبان، هؤلاء في نظر الكثيرين هم زعماء عصابات نهب وسلب، وبالتالي نحن نتحدث عن معادلة سياسية في غاية الاختلال، ومهما قيل عن حكم في كابول أو عن سيطرة في كابول أو بعض مناطق الشمال الصورة الكبرى لأفغانستان لا تبشر بكثير من الاستقرار.


أثر التركيبة العرقية الأفغانية على بناء الدولة الحالية

محمد كريشان: نعم، جيد أنك تطرقت إلى.. إلى تفاصيل الوضع الأفغاني من الداخل، يعني نرحب بضيفنا الأفغاني هنا في الأستوديو السيد مطيع الله تائب وهو (صحفي مستقل) كما نرحب أيضاً بالضيف الذي انضم إلينا من لندن السيد هاني السباعي وهو (مدير مركز المقريزي للدراسات ومختص في الجماعات الإسلامية).

سيد مطيع الله تائب، ماذا عن هذه الملاحظة؟ هل صحيح بأن هناك شعور لدى البشتون الآن بنوع من الضيم وبأن تركيبة الدولة تركيبة مختلة … أساساً يعني؟

مطيع الله تائب: بسم الله الرحمن الرحيم، لاشك أن هذه الملاحظة موجودة لدى البعض، ولكن أنا رأيي بأن الأستاذ وضاح يعني يحتاج لأن يدرس التركيبة الأفغانية والتاريخ الأفغاني منذ عهد أحمد شاه وتاريخ أفغانستان، أفغانستان دولة وُجِدَت بحد السيوف، وكذلك رجع وأصبحت إمبراطورية في عهد عماد شاه، ثم رجعت إلى دولة صغيرة عازلة بين روسيا وبريطانيا كذلك بحد السيوف الروسية والبريطانية فلم.. فلم تنصهر.. أنا أقول لك.

محمد كريشان[مقاطعاً]: يعني.. يعني.. يعني.. يعني الوضع.. الوضع الحالي أفرزه.. أفرزه السيف في هذه الحالة وبالتالي توازن جديد.

مطيع الله تائب: أيوه، وجاء الشيوعيون واختل النظام.. أو العِقد الاجتماعي المتعارف عليه الذي أيضاً لم.. كان قائماً على.. على السلطة والقوة وليس على العدل، فالعِقد الاجتماعي هذا لم يعد من جديد، الأفغان يحتاجون لأن يجلسوا ويتفقوا على عِقد اجتماعي يشكل.. أو يقبله جميع الأفغان ويُرضي جميع الأفغان، ففي عهد طالبان كان هناك غير البشتون يشعرون بظلم، والآن نقول أنه بشتون يشعرون بظلم، وأنه رجوع بشتون هو الذي يعيد الاستقرار إلى أفغانستان، أنا أرى أنه نظرة سطحية.

محمد كريشان: نعم، ولكن هل من الطبيعي أن.. أن العقد الاجتماعي الجديد هو عقد أساساً أفرزته ليس فقط القوة، إنما أيضاً القوة الأجنبية.

مطيع الله تائب: بالضبط.

محمد كريشان: وبالتالي فهو عقد اجتماعي هجين إن صح التعبير؟

مطيع الله تائب: لا أنا أقول إلى الآن لم يبدأ الأفغان، أنا سنة واحدة وعام واحد ليس كافياً بأن تلتئم جروح 23 عاماً من الحرب وأعوام عديدة من عدم التوازن في توزيع السلطة في أفغانستان.

تيسير علوني: أنا لي تعليق على هذا الكلام لو سمحت، يعني المنطق يقول: إذا كانت البداية صحيحه فعلى الأغلب النهاية أو النتيجة تكون صحيحة، بداية التركيبة السياسية الحالية الموجودة في أفغانستان من أين بدأت؟ بدأت من مؤتمر (بون)، مؤتمر بون طبعاً كان فيه اختلال في التمثيل هذا لا.. يعني لا يختلف عليه، بعدين شكلت اللوياجيركا، أصلاً اللجنة المكلفة باختيار أعضاء اللوياجيركا كانت غير متوازنة، وجاء أغلبها من خارج البلاد، ناس كانوا منفصلين عن واقع البلاد لفترات طويلة، جاءوا ليختاروا أعضاء اللوياجيركا، نأتي إلى أعضاء اللوياجيركا، قسم كبير منهم بالتعيين، النساء بالتعيين، الذين انتخبوا بشكل حر كانوا بين 400 و600، أُغفلت نقطة مهمة في التاريخ الأفغاني، يعني معلش أنت أفغاني بس إحنا أيضاً نفهم التاريخ الأفغاني وعايشنا الأفغان كثيراً في داخل أفغانستان وفي خارج أفغانستان، أُغفلت .. أقول أغفلت نقطة مهمة جداً وهي تمثيل الدين –إن صح التعبير- في داخل اللوياجيركا، كان هناك 6 علماء فقط، مع العلم أن جميع المؤرخين وأنت أيضاً توافق والجميع يوافق على أن الدين يشكل عامل.. عنصراً مهماً جداً في تركيب الشخصية، الأفغانية، فأنا أقول أن الخلل بدأ منذ تشكيل اللوياجيركا، منذ مؤتمر بون أولاً وتشكيل اللوياجيركا ثانياً، فمع الأسف يعني أنا لا أريد لأفغانستان –إن شاء الله- إلا الخير، لكن هذه التركيبة -والله أعلم- لن تقود إلى نتائج مرضية للجميع.

مطيع الله تائب: لاشك أنا ممكن.

محمد كريشان: نعم، يعني معذرة.. معذرة مطيع هو بصراحة ستكون ملامستنا للملف الأفغاني ملامسة إلى حدٍ ما برقية للأسف الشديد، لأن الوضع.. الوضع معقد ليس فقط على.. على مستوى التوازنات الداخلية، ولكن حتى الإقليمية. لو.. السيد هاني السباعي في لندن، من بين المسائل التي سيقت عند الحديث عن الحرب في أفغانستان بأن هذه الحرب هي حرب ضد أفغانستان كقاعدة للإرهاب، هكذا رُوِّج لهذا الموضوع، وبالطبع كان اسم بن لادن وكان اسم تنظيم القاعدة، وكان اسم طالبان، نريد أن نعرف إلى أي مدى الآن.. وسنسأل أيضاً الصافي باعتباره هناك، ولكن نبدأ معك، إلى أي مدى الإرهاب بمفهومه الأميركي الذي أريد أن.. أن تجري محاربته قد استئصل بدرجة أو بأخرى في أفغانستان بعد عام؟


مدى تحقيق الحرب ضد طالبان أهدافها المعلنة

هاني السباعي: بسم الله الرحمن الرحيم، أريد أن بعد ترحيبي بضيوفك، أنا أريد أن أبين نقطة هامة، تعليق سريع، برقيات أيضاً على الهامش، أنا أعتقد إن هناك عدة محاور بمثل.. بعد مرور عام على ضرب الدولة الإسلامية ومشروع الدولة الإسلامية في أفغانستان، بأعتبر إن من الناحية الإعلامية هناك مكاسب تحققت في خلال هذه الحقبة، ومثلاً على سبيل المثال مثلاً يعتبر انتصار إعلام، أنا بأعتبره هذا انتصار إعلامي لجماعة القاعدة وتنظيم القاعدة في.. برغم قلة حيلتهم في مقابل الماكينة الإعلامية الكبيرة الضخمة الأميركية والدليل على ذلك آخر شريط بثته قناة (الجزيرة) أمس للشيخ أسامة بن لادن يعني بحيث صاروا هم الذين يختارون الوقت المناسب ويختارون التوقيت المناسب ليبينوا للعالم أنهم أقوياء، وأنهم موجودون، وأن هذه الحرب فاشلة، وأنها لم تحقق الأهداف المرجوة منها، هذه.. الحصاد الذي حدث في خلال هذه الحقبة هو أنه لأول مرة في تاريخ العالم العربي والإسلامي يكون العرب والمسلمون هم مصدر الأخبار، وتكون جماعة القاعدة أو من.. المقربون إليها من مواقعهم.. من خلال مواقعهم في الإنترنت هم مصدر الأخبار، صرنا الآن وصارت قناة (الجزيرة) عَلَم ومصدر أساسي نباهي به حتى صغرت أمامها ما تسمى قناة الـ CNN.

ثانياً: من الناحية الإعلامية حتى الآن هذه الحرب فضحت.. أنا أعتبرها حرب فاضحة فضحت المنظومة الغربية بأسرها وخاصة الإعلام الأميركي، هذا الإعلام المهووس بإدارته، ولذلك فإن خطاب الشيخ أسامة بالأمس كان –يعني من وجهة نظري- للرأي العام الأميركي المنصاع وراء هذه العصابة التي تريد أن تعربد، والتي وعدت الشعب الأفغاني بالمن والسلوى وبالبقرة الحلوب وبالعسل المصفى…

محمد كريشان [مقاطعاً]: نعم، يعني.. يعني ربما.. ربما هذا سيد هاني.. هاني ربما هذا على صعيد الحصاد الإعلامي مثل ما ذكرت، ولكن حصاد الواقع قد يكون شيء آخر، وهنا نريد أن نسأل محمد الصافي في.. في كابول، هل مازالت هناك، بالطبع الكل يتحدث عن أنه مازالت هناك فلول لطالبان وفلول للقاعدة وتتم مطاردتهم بشكل دائم، وأن هناك عمليات تفجير، وهناك محاولات اغتيال لكرازي، واغتيال لوزراء، على الصعيد الأمني البحت هل هناك فعلاً مازالت قائمة.. قائمة مشكلة اسمها طالبان والقاعدة؟ إلى أي مدى الواقع والتضخيم على الصعيد الإعلامي في هذا الموضوع؟

محمد صافي: محمد، قبل هذا أريد أن أشير إلى أن مؤتمر بون والبنية السياسية التي جاءت بعد مؤتمر بون جاءت بقوة دولية دافعة، وقبلها الأفغان سواءً كرهاً أو طوعاً، وأصبح حتى الجيش الأفغاني الذي يُشكِّل الآن هو يشكل تحت رعاية دولية والرعاية الدولية هي التي تصرف عليه وتنفق عليه وعلى تدريبه وعلى رواتب الجيش ورواتب القادة وإلى ما ذلك، الوضع الآن هو مفروض بقوة دولية وتقبله الأفغان سواءً كما قلت طوعاً أو كرهاً، وسيبقى هذا الوضع إلى غاية وجود هذه القوات الدولية، الإشكالية هو أن هذا الوضع القائم هو وضع هش ويحتاج إلى طرف خارجي هو الذي يفرضه، ومن هذا كان لابد من الإشارة إلى أن هذا الوضع الموجود الآن إذا لم توجد قوة دولية تفرضه فلابد أن تتفجر هناك خلافات، ولابد أن تتفجر نزاعات وقتال بين مختلف الأطراف داخل المشهد الأفغاني.

بالنسبة للوضع الأمني أو الوضع العسكري الآن، أعتقد أن القوات الأميركية قد أنهت –إلى حدٍ كبير- وجود القاعدة وطالبان داخل أفغانستان، يبقى أو.. أو ينقص هذا الإنهاء أو هذا العمل ينقصه التتويج وهو فشل القوات الأميركية في إلقاء القبض على أسامة بن لادن والملا عمر لحد الآن، لكن الوجود العسكري لقوات القاعدة و.. لتنظيم القاعدة ولحركة طالبان يعتبر إلى حدٍ كبير قد انتهى خاصة بعد معارك (شاهيكوت) أما الهجمات التي تقع بين الحين والآخر سواءً بالصواريخ أو القنابل التي تزرع فقد تكون حرب عصابات طويلة النفس، ربما تقوم بها أطراف أخرى غير القاعدة وطالبان، بعض الأحزاب التي كان لها وجود سابق داخل المشهد السياسي والعسكري الأفغاني، فأعتقد أن العمل الذي جاءت من أجله القوات الأميركية قوات التحالف الدولي قد انتهى إلى حدٍ كبير، وأن الوجود الآن.. وجود القاعدة وطالبان لا يربو عن.. عن كونه وجوداً إعلامياً داخل الساحة الأفغانية، ووجود يتمثل ربما في حرب عصابات يمكن لأي أحد أن يقوم بأعمال تفجير أو أعمال إطلاق الصواريخ التي تتم في هذا السياق.

موقف الشعب الأفغاني من القوات الأجنبية على أرضه

محمد كريشان: نعم، وزير الخارجية في أفغانستان عبد الله عبد الله أشار في مؤتمره الصحفي الأخير إلى أن مثلما كانت أفغانستان قاعدة للإرهاب يجب أن تتحول أو .. لا ضير في أن تتحول إلى قاعدة لمقاومة الإرهاب، مما فهم ضمناً بقاء القوات الدولية لفترة طويلة، أنت بحكم المعايشة هناك، هل هناك امتعاض حقيقي من هذا الوجود الدولي وإمكانية استمراره في مدى متوسط وربما حتى طويل في المنطقة؟

محمد صافي: هناك –محمد- امتعاض، ولكنه امتعاض يبقى داخل إطار ضيق جداً ولا يعدو عن كونه امتعاضاً، إذا لم يتعدَّ الامتعاض إلى اتخاذ قرار، إلى اتخاذ حركة، إلى اتخاذ موقف لا يعبر عن أي شيء، فالوجود الأميركي هنا كتب له أن يبقى وهناك إشارة أميركية، وهناك قبول أفغاني لهذه الإشارة وهو أن أفغانستان ستتحول إلى قاعدة لمحاربة ما تسميه أميركا بالإرهاب في دول المنطقة دول الجوار سواءً آسيا الوسطى، وستتحول كذلك إلى تمركز أميركي قوي جانب الجارة.. جانب القوة العظمى الصين والقوة الأخرى وهي روسيا، فالقبول للوجود الأميركي هنا موجود عموماً داخل الشعب لأنه يرى في هذه القوات حتى وإن كان يرى فيها قوات أجنبية، لكن يرى أنها قوات يمكن أن تحفظ الأمن داخل أفغانستان وتمنع عودة الأطراف الأفغانية إلى الصراع.

أما الامتعاض الموجود داخل بعض أو عند بعض القيادات فهو لا يعدو عن كونه امتعاضاً، وحتى هذه القيادات التي كانت ترفض الوجود الأميركي وتحدد له أجندة معينة يخرج بعدها تراجعت عن مواقفها ورحبت بالوجود الأميركي سواءً لمدة 5 سنوات أو 10 سنوات قادمة، وبأن تكون أفغانستان قاعدة أميركية وهو أمر ما كانت تحلم به أميركا في السابق.

محمد كريشان: نعم، شكراً لك محمد صافي كان معنا من كابول وسيغادرنا الآن.

وضاح، هذا الشعور الذي نقله محمد صافي الآن إلى أي مدى أنت وقفت عليه بشكل دقيق إذاً.. إذا كانت القيادات الأفغانية وهي تاريخياً لا ترحب بالوجود الأجنبي، كيف رأيت الوضع؟ هل انتقل تدريجياً من الامتعاض إلى الترحيب بهذه السرعة؟

وضاح خنفر: الحقيقة يعني لا أعتقد إن هناك ترحيباً، والذي حدث هو: الأفغان عموماً كانت عندهم مشكلة، طالبان كانت قوية تسيطر على الأراضي الواسعة، أحداث 11 سبتمبر خلقت حالة من التوتر النفسي والتوتر السياسي في المنطقة، تحالف الشمال مكون من فصائل كثيرة مختلطة لا يجمع بينها سوى هدف واحد وهو التخلص من طالبان، اغتنمت الفرصة ووقفت مع الأميركان، لكن لا.. يجب أن لا تنسى أن تحالف الشمال هذا ليس خليطاً منسجم، هناك عندك التيار الإسلامي الذين كانوا في الأساس هم الذين حاربوا ضد الوجود السوفيتي، هؤلاء كثير منهم الآن يشعروا بعقدة ذنب، عقدة ذنب أنهم وقفوا، يا أخي أنت طردت السوفيت، أنت الآن واقف مع الأميركان وبتحارب شعبك، في كثير من الأحيان، ولكن إذا انتقلت إلى مناطق البشتون وطبعاً تحالف الشمال تتحدث عن الشمال، لكن لو رحت عند مناطق البشتون في الشرق وفي الجنوب تجد أن قبور مقاتلي القاعدة وطالبان في قندهار وفي خوست تحولت إلى مزارات، ربما هؤلاء الناس الآن لم يحملوا السلاح ضد الأميركان، لم يقاتلوهم، لكن مجرد أن تذهب إلى قبر ما يسمى بشهيد عربي أو شهيد طالباني وتقف أمامه وتطلب الدعوات والبركات وتأتي بالمرضى إلى ذلك المكان هو معنى ذلك أنك في داخلك هناك كُموُن، هناك حالة كامنة من الرفض لهذا الوجود الأجنبي، لم تنفجر بعد، لأن الواقع في أفغانستان الآن هناك قوة مهيمنة شديدة البأس جاءت بطائرات B52 وبقوة عظيمة جداً معدة لمحاربة الاتحاد السوفيتي وقوى الأرض العظمى، جاءت لمحاربة قوى صغيرة، إذن المسألة فيه حالة من الكمون، بتقديري أن التاريخ الأفغاني –مرة أخرى- لم يرحب أبداً بالتدخل الأجنبي، لم يعتبر التدخل الأجنبي حالة طبيعية يوقف معها، ولذلك الأقرب إلى الذهن الآن هو التدخل السوفيتي، والذي يعاني منه أو عانى منه كل أفغاني، نعم في مراحله المبكرة جاءت به حكومة أفغانية، دخل السوفيت لحماية نظام كابول، لكن في النهاية خرجوا بعد حرب عسيرة، بعد 10 سنوات، إذن من المبكر فعلاً أن.. أن نقول بأن الفصائل الأفغانية قد قبلت بالأميركان، هناك حالة من الكُموُن، هناك حالة من.. من.. من الانتظار لما يحدث في المستقبل، ولكن في داخل كل..، أنا أذكر حادثة بسيطة يعني حتى تعرف، أحمد شاه مسعود كان هو قائد الشمال، وهو الزعيم.. الآن الزعيم الرئيسي لتحالف الشمال الذي قُتل في السابع من سبتمبر العام الماضي، أنا زرت قبره في بانشير مرة وأذكر أن رجل من بانشير، كما تعرف بانشير هي قلب تحالف الشمال، جاء لزيارة قبر أحمد شاه مسعود، وتحدث باللغة الفارسية ثم انسحب، سألت المترجم قلت له: ماذا قال هذا الرجل؟ قال: خاطب القبر وقال: الحمد لله أنك مت قبل أن ترى الكفار يحكمونك، أنت الآن تتحدث عن قلب الحركة الشمالية الطاجيكية، إذن هل فعلاً هم قبلوا، أم أنهم مازالوا في حالة من الكمون والانتظار؟

محمد كريشان: يعني ربما هذا التساؤل يجيب عنه ضيف أفغاني آخر، إذن الصف الأفغاني تعزز في هذه الحلقة بالتحاق السيد فضل الله فاضل (سفير أفغانستان في القاهرة) وربما يجيب عن هذا التساؤل لوضاح، تفضل سيد فضل.

فضل الله فاضل: بسم الله الرحمن الرحيم، سلام الله عليكم جميعاً.

محمد كريشان: وعليكم السلام.

فضل الله فاضل: حقيقة أجاب على هذا السؤال الأخ العزيز مراسل (الجزيرة) محمد صافي في كابول، وهناك كانت أفغانستان تعيش في مرحلة نستطيع أن نطلق عليها مرحلة سوداء، لذلك هناك نحن الآن والشعب الأفغاني كله يحس أن حدث تغيير هام جداً في حياته، وأهم هذه التغييرات أننا الآن نرى أن أفغانستان عادت مرة أخرى وبكل قوة إلى المجتمع الدولي بعد أن كانت نسياً منسياً.

محمد كريشان: نعم، لو نسأل السيد هاني السباعي في لندن وقد كان يشير إلى الحصاد الإعلامي، هل تعتقد في النهاية بأن بن لادن وطالبان والقاعدة كانت ظاهرة إعلامية أكثر منها ظاهرة يعني متأصلة في.. في أفغانستان وبالتالي لم يبدُ بعد عام بأن الأمر مطروح بقوة شديدة، وأن الحركة مازالت تقوم بعمليات على الأقل يعني ذات.. ذات شأن كبير؟

هاني السباعي: بالنسبة لـ.. أنا أعتقد إن الشعب الأفغاني كما قال الأخ وضاح خنفر، فعلاً الشعب الأفغاني سرعان ما سيستفيق ويتبين له بعد ما يرى هذا الهوان وهذا الذل وأن أميركا ما جاءت إلا بالحنظل والخراب والدمار والمر، سيتبين لهذا الشعب.. إن فعلاً كانت طالبان دولة آمنة مطمئنة لم تكفر بأنعم الله، لكن جاءها هذا الوبال وهذه المصيبة من هذا.. من هذه الهمجية المتغطرسة دولة من أقوى دول العالم مع.. تجر معها 90 دولة لتقتل وتدمر 20 ألف قتيل حتى الآن من المسلمين في أفغانستان لهيكل عظمي لدولة.. مشروع دولة إسلامية، أعتقد إن طالبان أو إن أفكار تنظيم القاعدة أو كل التنظيمات الجهادية في العالم الآن هي متحدة، واتحدت شعورها، الاتحاد الشعوري والاتحاد الفكري أن العدو قد اتضح وأن المفاصلة واضحة، وأن هناك فريقان الآن، فريق في.. يجره بوش ومن ورائه بوش، وفريق من المؤمنين الذين يجاهدون ويدافعون عن هذه الأمة، الأمة ستتجرع دماً في الأيام القادمة، ولكنها سرعان ما تستفيق وسرعان ما تقوم مرة أخرى، والحقيقة بالنسبة للأخ صافي الذي يتكلم عن الوضع في أفغانستان أعتقد أنه جانبه الصواب في بعض الأمور، الجندي الأميركي لما دخل في (شاهيكوت) شاهيكوت لم يفر منها المجاهدون وكانوا عبارة عن مائة لا.. لا يتجاوزوا مائة، الجندي الأميركي بشهادة الجنود والضباط الأميركان قالوا إن هذه المعركة الوحيدة أول معركة يخوضوها تبين أن هذا الجندي جندي من ورق، جندي لم يستطع أن يقاتل، حوصر من.. من قِبَل هؤلاء المساكين الذين حاصروهم وأسروا واعترفوا بذبح ضابط كبير في الاستخبارات وبعدد كبير من الجنود في (شاهيكوت) هذه خسائر، لكن الإعلام عتَّم عليه، ونتمنى من إخواننا المراسلين هناك يبينوا الحقائق ولا يخفوها، وأن حقبة طالبان هي حقبة الأمان والأمن، وهي حقبة ليست سوداء كما قال السفير الأفغاني الذي.. صاحب رباني، هذا ما نستطيع أن نؤكد عليه..

الوضع الأفغاني بين حكم طالبان والحكومة الحالية

محمد كريشان [مقاطعاً]: نعم، ولكن.. ولكن سيد هاني يعني على.. على ذكر.. على ذكر.. على ذكر الإشارة إلى المرحلة السوداء كثيرون كانوا يعتبرون حكم طالبان حكم تعصب، حكم تخلف، حكم قهر المرأة، برأيك كل هذه المواصفات التي قيلت في شأن حكومة طالبان إلى أي مدى –برأيك أنت- تعتقد بأن الأمور تغيرت وتحركت قليلاً في الاتجاه الإيجابي على الأقل كما يروج لها؟

هاني السباعي: لم تتحقق أي إيجابيات، المرأة الآن مهانة، ماذا فعلوا للمرأة؟ المرأة عبارة عن.. غربوها وخلعوها ثوب الحياء وبرقع الحياء، المرأة الآن بيوت الدعارة والمواخير الآن تم حرق كذا بيت ومحلات الفيديو، ماذا قدموا للمرأة؟ ضحكوا على المرأة وجمعوا أكبر عدد للمرأة ولم يفعلوا شيئاً، وقال لك الأستاذ يسري.. الأستاذ علوني قال لك: إنهم هناك مدارس فتحت، وأنا من الذين تابعوا هذه المدارس، كانت هناك مدارس فعلاً لتعليم النساء والبنات وهناك مشاغل بأمر طالبان، طالبان هذه ظلمت والملا عمر هذا الرجل الذي أعتبره أعجوبة هذا الدهر، وهذا الرجل الزاهد أمير المؤمنين هذا الرجل ظلم ولم يأخذ حقه، لو استمر فترة من الزمن أنا.. أنا أؤكد أن الدولة كانت ستكون أفضل حالاً، الآن لو أنا أستطيع أن أقرأ لك سريعاً على الوضع المتأزم تجد الآن فيه (باميان) عراك بين شيعة وسنة، وما بين رحمة الله وهذا محمد إيار، وفي مزار الشريف مصايب بين الأستاذ ما يسمى الأستاذ عطا، وما بين هذا السفاح الذي يُسمى دُستم، وهناك في جارديز ومصايب باتشاخان و.. وأتباع الحكومة، وهناك في قندهار والمصائب والخلافات بين هؤلاء المتناحرين، هيرات، إسماعيل خان والمصايب المنتشرة هناك، المجتمع الأفغاني الآن بعد طالبان صار ممزقاً، لماذا لا نعترف؟ لماذا يقولون إن الشعب حكم بالقوة بقوة طالبان؟ قوة طالبان كان يصحبها الدين، كان يصحبها المصحف والوازع الديني هو الذي سيطر على كل هؤلاء جميعاً، أما أميركا بقوتها وبـ52 وبطائراتها العملاقة ماذا فعلت؟ قدمت وجاءت وأهلكت الحرث والنسل ثم تركت الأفغان الآن يتقاتلون ويدمرون بعضهم ليفنوا بعض.

ثانياً: هذه الفتاوى الشرعية لماذا يتجاهلها الإعلام؟ فتاوى العلماء الذين بينوا كيف بأن الرجل له أجر الشهيد إذا قاتل الأميركان، هؤلاء نادوا بإخراج الأميركان؟ الآن لماذا نتجاهل هذه الفتاوى المنتشرة الآن؟ لماذا..؟

محمد كريشان [مقاطعاً]: نعم، على كل.. على كل سيد هاني السباعي.. سيد هاني السباعي طرحت.. طرحت الكثير من الأسئلة خاصة فيما يتعلق بما ذكرته من أن لو استمرت طالبان لكان الوضع أفضل، وبأن المرحلة السوداء هي المرحلة الحالية برأيك، سنحاول أن نستفسر على هذه.. حول هذه المسألة مع السفير الأفغاني وكذلك مع مطيع الله وبقية الضيوف.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: سيد فضل الله فاضل، السيد هاني السباعي رسم صورة سوداء للواقع الحالي وليس لواقع طالبان وبمفردات حتى قاسية، بلا شك ترى الصورة بشكل مختلف أكيد.

فضل الله فاضل: أولاً: إن ضيفكم الأخ هاني الموجود في لندن أنا أوجه له سؤال ما كانت تقوم به طالبان في شمال أفغانستان وفي مناطق أخرى في ظل سيطرتها لأفغانستان، وما ارتكبته من مجازر وأبشع أنواع التعذيب والقتل والدمار وحرق النسل والزرع في حق الشعب الأفغاني المسلم لم يرتكبه أحد، فإذن ما.. ما.. يعني ما نوعية الإسلام اللي كان بيتحدث؟ وما نوعية الإسلام الذي كان بتنفذه طالبان؟ هل إسلام طالبان كان بيجيز لهم قتل الأبرياء من الشعب الأفغاني بمجرد أنهم كانوا لا يوافقون آراءهم وتهجير الآلاف من السكان؟ أنا أستغرب من الحديث الذي بعض من إخواننا يدافعون دفاعاً عمياء عن طالبان وهم يدافعون وهم لا يعلمون ما كان يرتكب على أرض الواقع في أفغانستان، الشعب الأفغاني هو شعب مسلم..

محمد كريشان: يعني.. يعني عفواً عفواً هذا.. هذا فيما يتعلق بالدفاع عن حصيلة طالبان، ولكن ماذا عن الإشارات التي أشار إليها عن هذا التمزق في النسيج الاجتماعي والسياسي وهذا الوضع المنفلت في مناطق عديدة، إلى أي مدى هذا هو التحدي الحقيقي أمام الحكومة المركزية في كابول؟

فضل الله فاضل: أفغانستان عانت من حروب متتالية لأكثر من الربع قرن ويجب أن نتوقع أن يكون هناك حدوث هذه الأعمال وعدم الاستقرار أو الأمن أو عدم الانسجام التام بين الجماعات الموجودة في أفغانستان، ولكن الذي يحدث حالياً في بعض من الاقتتال أو بعض من النزاع من بين بعض من الأفراد في بعض من المحافظات الأفغاني أو بعض الجهات الأفغانية لا يمكن أن نعوم أو.. على كل الشعب الأفغاني أو على كل أفغانستان، هذا الخلافات المسلحة التي تُغذى من قِبَل بعض من الدول الإقليمية والدول الأجنبية كهذا شيء متوقع جداً، لأن لهؤلاء الدول مصالح لابد من أن تقوم بتغذية النزاعات العرقية لكي تستمر أو لكي تكون … تحصد مزيد من المصالح لها في أفغانستان.

محمد كريشان: مطيع الله تائب، أنت عدت من كابول قبل أسبوع فقط، وفي هذه الذكرى بعض المنظمات الإنسانية الدولية التي تعمل من إسلام أباد تقول بأن الأوضاع الاقتصادية للمواطنين الأفغان تحسنت إلى حد كبير مقارنة بأوضاعهم منذ عام، على الصعيد الاقتصادي الاجتماعي البحت إذا تركنا هذه الهموم السياسية، هل انتعش المواطن الأفغاني في.. في.. في رزقه، في لقمة عيشه، في تنقلاته، في.. في عمله؟

فضل الله فاضل: لا شك أن هناك تغييراً ملحوظاً في الحركة التجارية في مدن مثل هيرات القريبة من إيران وتركمنستان ومثلاً مدينة.. مثل وفي كابول نفسها الحركة التجارية انتعشت، والشعب حدث له شيء من الأمل أن الأمور قد.. قد.. تمشي نحو الأحسن فبدأ يستثمر في بعض الأمور.. والاستثمارات الصغيرة حسب، ممكن الاستثمارات الكبيرة والتجار الكبار قد لا يقحمون أموالاً كثيرة في.. في.. في هذه الحالة، ولكن على المستوى الشخصي والمستويات الصغيرة، هناك حركة تجارية، وكذلك على المستوى الاجتماعي التعليم عاد بقوة وفيه اهتمام كبير، ولكن الأمل الكبير كان أن هناك عملية إعداد.. إعادة إعمار أفغانستان تبدأ بقوة هذه.. هذه لم تحدث، يعني تجد الكثير من المؤسسات في كابول ولكن..

محمد كريشان: وصعب أن تحدث في.. في عام واحد يعني كي نكون واقعيين.

فضل الله فاضل: أيوه وأنا.. أنا شخصياً.. ولكن كان لازم إنه تتم.. تتم هذا العمل.

محمد كريشان: تبدأ على الأقل.

فضل الله فاضل: أولاً الحكومة الأفغانية يعني تأمل على حصول مساعدات التي التزمت بها دول عديدة منها يعني 4 مليارات ونصف مليار، منها مليار و800 مليون هذا العام اللي لم يحصلوا على جزء بسيط ممكن على نصف.. نصفها، فعدم وصول هذه المساعدات و.. البيروقراطية الموجودة في الأمم المتحدة وفي الـNGOS والمؤسسات الموجودة قد تعيق هذه العملية، فبالتالي الآمال تتضاءل وبالتالي يعني كثير من السكان يفقدون الأمل في أنهم يستثمروا أموالهم أو أنهم يبدءوا بجدية الحياة، الحياة خارج مدينة كابول هي كما هي منذ ربع قرن لم تحدث.. لا.. لا يوجد هناك مرافق الحياة العادية، فالحياة عادية واللي حدث هو نوع من التغييرات البسيطة.

محمد كريشان: على كل إذا لم تتغير في ربع قرن فمن العبث أن نتحدث عن تغييرات في..

فضل الله فاضل: أيوه أنا أقول لك..


زراعة المخدرات في أفغانستان بين طالبان والعهد الحالي

محمد كريشان: في غضون سنة، ولكن هناك مسألة أساسية نريد أن نسأل عنها تيسير علوني، من الأشياء التي حسبت لطالبان -بغض النظر عن أي اعتبار سياسي- محاربتها القوية لتجارة المخدرات، الآن هناك حديث عن عودة قوية لتجارة المخدرات في أفغانستان والبعض يتحدث حتى عن نمو الزراعات بـ 1400% كيف تفسر ذلك؟ يعني إذا كان هناك انتعاش اقتصادي يُفترض على الأقل أن يبحث الناس عن بدائل غير المخدرات، كيف تفسر هذه العودة القوية؟

تيسير علوني: والله ما هو انتعاش اقتصادي، يعني معنى الكلمة مثل ما تفضل الأخ مطيع ما حصل انتعاش اقتصادي لأنه مشاريع إعادة الإعمار يعني لم تبدأ ولن تبدأ وأنا يعني أظن أن الأفغان يتعرضون الآن إلى عملية خداع، يعني المؤسسات الدولية التي وعدت بمليارات الدولارات لم تقدم حتى الآن يعني ما.. يعني ما وعدت به، ولم تقدم يعني إلا شيئاً يسيراً جداً لا يحتسب بالنسبة لزراعة المخدرات يعني كان طبعاً الإعلام ومنه طبعاً مكتب (الجزيرة) يعني نحن نشرنا تقارير عن زراعة المخدرات في عهد طالبان ونشرنا تقارير عندما منعت حركة طالبان زراعة المخدرات ويعني كانت هناك صور حية اعترفت بها الأمم المتحدة في كافة تقاريرها، طلع مرة تقرير نُشر في الصحافة الأمم المتحدة تقول: أن لجانها زارت 80% من المزارع التي كانت مزارع للأفيون وجدت أنه يعني قُضي تماماً على زراعة المخدرات، طبعاً يعني هو الضحية في هذه القضية، الضحية هو الشعب الأفغاني، يعني الشعب الأفغاني كأنه يُجبر على هذه الزراعة ومن ثم يُلام، يعني المسألة يعني فيها طبعاً إعلام –مع الأسف الشديد- الإعلام يساهم فيها مساهمة سلبية تماماً يعني ما تشوف إلا صحفي جاي زاير أفغانستان أسبوع أو أسبوعين عنده المواضيع التالية واحد منها المخدرات، راح أخذ كم لقطة للمخدرات، والله الأفغان مجرمين يزرعوا المخدرات، طيب ماشي الحال الأفغان مجرمين يزرعوا مخدرات، جاء أحد لتقديم بديل لهم؟ أنا هنا أدين الأمم المتحدة، الأمم المتحدة تنفق بشكل منحرف على مشاريع الزراعات البديلة منذ ما قبل طالبان، وفي عهد طالبان والآن في عهد الحكومة الحالية كم قدمت الأمم المتحدة لمشاريع الزراعات البديلة؟ الحقيقة شيء مؤسف تماماً ولا أحد يتحدث عما تفعله الأمم المتحدة مع الأسف الشديد، يعني أذكر لك مثال كان في عهد طالبان كان مشروع الزراعات البديلة، يأتي مزارع فعلاً مهزلة يعني.. يأتي مزارع بعد أن يخرجوا كشف على أرضه يقدم هو يعني نتيجة الكشف الذي وقعه خبراء الأمم المتحدة كم زرعت أنت؟ والله 10 هكتار أفيون، هذه المساعدة تبعك عشان الزراعة البديلة، أمشي دمر الحقل، يقول لك لا السنة هاي راحت، السنة الجاية إن شاء الله. يجي اللي بعده المهزلة وين؟ يجي اللي بعده كم زارع أنت أفيون؟ يقول له والله ما أنا زارع أفيون، روح ما إلك مساعدة!! طيب منين آكل أنا، المعروف أن ملكيات الأرض في أفغانستان الملكيات صغيرة، هذه الملكيات لو زرعت قمحاً أو شعيراً أو.. أو.. وخضراوات يعني لن تكفي عائلة أفغاني.

محمد كريشان: على كل أنت تيسير أشرت إلى من يبقى أسبوع أو أسبوعين، على كل وضاح بقى بالتأكيد أكثر من هذا بكثير..

تيسير علوني: خمسة أشهر وضاح.

محمد كريشان: وأعد برنامج وثائقي الحصاد المر، أليس كذلك؟ وسيتم بثه في (الجزيرة) على حلقتين، ماذا فيما يتعلق بهذه النقطة؟ ماذا لاحظت؟ هل هناك جزء من الانتعاش الاقتصادي ربما هو انتعاش المخدرات، لأنه فعلاً انتعاش اقتصادي أيضاً يعني؟

وضاح خنفر: هو الحقيقة ليس كذلك فقط، بل أقول أن الحرب خلقت حالة من الاقتصاد أسميه اقتصاد الحرب، بالإضافة إلى اقتصاد المخدرات، كثير من الناس الذين كانوا يحاربوا مع الفصائل الأفغانية لا يحسنون غير القتال، خلال 23 سنة هؤلاء لا يحسنون إلا القتال، يأخذوا المرتبات لأنهم جنود في هذه الفصائل، أنت الآن تسرح هؤلاء الناس، ليسوا مدربين، وليسوا متعلمين، فماذا يفعلون؟ أقول أن القتال في أفغانستان هو حرفة رائجة وهي حرفة سهلة ويسيرة، ولن تعدم أن تجد من دول الجوار ومن القوى المتصارعة من يمدك بالمال والسلاح، هذه نقطة، النقطة الأخرى يعني ليس دفاعاً عن الذين يزرعون المخدرات، ولكن انتصاراً للضعفاء والفقراء في أفغانستان، هؤلاء الناس كنا عندما نزورهم في حقول الأفيون ماذا يفعلون؟ هو عنده فدان القمح وفدان الأفيون، فدان الأفيون بيربح فيه 30 ضعف وأسهل بكثير ولا يحتاج إلى كثير من المسائل، ولكن في نفس الوقت.

محمد كريشان: وترويجه سهل أيضاً..

وضاح خنفر: وترويجه سهل، ولكن هو يحصل مقابل الكيلو الواحد من المادة الخام على مبلغ بسيط، ولكن هذا المبلغ بعد هذا.. هذه الكيلو بعد أن يتم.. تتم معالجتها تذهب إلى أوروبا لتباع بالهيروين والكيلو ربما بأكثر من مائة ألف دولار، إذن هناك سؤال كبير: من هو في الحقيقة المستفيد من تجارة الأفيون؟ هل هو الإنسان العادي؟

تيسير علوني: هذا سؤال مهم جداً نعم.. نعم..

وضاح خنفر: أم أولئك الذي يتنفذون في المداخل والمخارج أمراء الحرب، أولئك القوى المحيطة، أجهزة الاستخبارات، التي تربح بالمليارات من أفغانستان؟ في حسبة بسيطة وجدنا إنه 2500 طن من الهيروين من أفغانستان تعادل نفط.. نفط إحدى الدول الخليجية المهمة.

تيسير علوني: السعودية

وضاح خنفر: مثل السعودية، إذن من الذي يستفيد؟ بالطبع ليس من يراسل، لأنه اذهب إلى هون هذه السنة ستجده بائس وفقير، اذهب في العام القادم ستجده أيضاً بائس وفقير، هو يزرع لكي يحصل على لقمة الخبز، وبالتالي المسألة أكبر بكثير.

محمد كريشان: يعني.. يعني ليس هو المستفيد يعني.

وضاح خنفر: قطعاً ليس هو المستفيد.

تيسير علوني: 2000 روبية باكستانية ثمن كيلو الأفيون، 2000 روبية باكستانية على أيام طالبان كانت 40 دولار، بينما كيلو الهيروين يُباع في أوروبا مما يقارب 150 ألف دولار، بعد الخلط طبعاً والكلام هذا، فالمسكين الأفغاني في النهاية يعني، ولا شيء.

محمد كريشان: نعم، السفير الأفغاني في القاهرة السيد فضل الله فضل الله.. فضل الله فاضل هذا.. هذا التحدي الذي أشار إليه الزملاء قد يبدو للبعض جزئية في المشهد الأفغاني، ولكن كيف تنظرون إليه ربما كان.. كان يمكن أن يكون سُبَّة في جبين أي حكومة أخرى، ولكن هذه الحكومة الحالية ربما تتمتع بغطاء دولي يجعل البعض يرغب في عدم إثارة مثل هذه القضايا.. هل.. هل يمكن اعتبار هذا الرأي صحيح؟

فضل الله فاضل: التحدي في أي مجال تتحدث؟ في أي مجال بالضبط؟

محمد كريشان: مجال.. مجال هذه زراعة المخدرات.. عودة زراعة المخدرات بقوة.

فضل الله فاضل: هو طبعاً زراعة المخدرات أنها لم تتوقف يوماً في أفغانستان في خلال الربع قرن السنوات الماضية، أنا يعني بأظن أنها لم تتوقف يوماً حتى في أي زمان عهد طالبان، وكانت هناك فتوى يصدرونها زعماء طالبان بشرعية زراعة المخدرات وبيعه، ولكن من جانب هذه الحكومة الوليدة والمشاكل المتعددة التي تواجهها، هناك بالفعل اتخذت إقدامات وخطوات فعالة، ولكن أيضاً يجب أن يكون على عاتق المجتمع الدولي والأمم المتحدة أن تقدم دعم للبرنامج الذي يسعى إلى تقديم المساعدة للمزارعين لحثهم على عدم زراعة المواد المخدرة.

محمد كريشان: نعم، على كل في نهاية هذا البرنامج الذي حاولنا فيه بشكل سريع وبرقي -مثلما ذكرت- ملامسة بعض الواقع الأفغاني الجديد بعد عام من الحرب، بالطبع لا يمكن أن نغطي المشهد بشكل كامل، ولكن على الأقل رؤوس سريعة لتحتاج إلى متابعة، وربما البرنامج الذي أعده مرة أخرى -وهنا أقوم بدعاية مجانية لوضاح- البرنامج الذي أعده وضاح خنفر في حلقتين سيتم بثه قريباً ربما يعطي المشهد الأفغاني بأكثر عمق وسيكون بعد موجز الساعة العاشرة هذه الليلة.

نشكر ضيوفنا هنا في البرنامج نبدأ هنا في الأستوديو زميلنا تيسير علوني، أيضاً زميلنا وضاح خنفر، وكذلك زميلنا أيضاً لأنه أيضاً في المجال الصحفي أخونا مطيع الله تائب، كما نشكر السفير الأفغاني في القاهرة السيد فضل الله فاضل، وزميلنا محمد صافي الذي كان معنا في البرنامج من كابول، وكذلك هاني السباعي، الذي كان معنا من لندن، تحية طيبة، وفي أمان الله.