مراسلو الجزيرة

حملات التنصير في اليمن

حملات التنصير في اليمن بين التيارات الإسلامية والمسيحيين والأجهزة الرسمية. كيف يعتنق مسيحيون الديانة الإسلامية. جذور التواصل الثقافي العربي مع البوسنة وافتقارها اليوم إلى مركز ثقافي عربي واحد. التركة الثقيلة في تيمور الشرقية وذكريات المجازر البشعة التي لم ترع حرمة الإنسان وبيوت الله.

مقدم الحلقة:

محمد البوريني

تاريخ الحلقة:

16/03/2002

– حملات التنصير في اليمن
– جذور الثقافة العربية في البوسنة

– العقبات التي تواجه الحكام الجدد لتيمور الشرفية بعد انفصاله عن إندونيسيا

undefined

محمد خير البوريني: أهلاً بكم مشاهدينا الكرام إلى حلقة جديدة من برنامجكم (مراسلو الجزيرة) نتواصل من خلالها معكم ونستمع إلى مقترحاتكم وطلباتكم الخاصة بعمل البرنامج.

نشاهد من اليمن تقريراً يتناول ما يوصف بحملات التنصير السرية هناك ونستمع إلى الأطراف المعنية من أتباع تيارات إسلامية، إلى رسميين، إلى بعض من يُشار إليهم بأصابع الاتهام بشأن طبيعة أعمال يقومون بها، ونتطرق في المقابل إلى من يعتنقون الديانة الإسلامية من المسيحيين في اليمن وغيرها.

ومن البوسنة نشاهد موضوعاً نتناول فيه جذور الثقافة العربية في تلك البلاد ونرى كيف أحب البوسنيون لغة القرآن الكريم وكتبوا قديماً بالأحرف العربية واستخدموا مفردات عربية، ولكنهم يتساءلون اليوم عن أسباب غياب مركز ثقافي عربي واحد في بلادهم، ونحن نسأل بدورنا أين منظري الثقافة العربية من رسميين وغير رسميين الذين يصمون آذاننا على شاشات التلفزة ووسائل الإعلام الأخرى؟

ومن تيمور الشرقية نشاهد تقريراً مفصلاً يتحدث عن التركة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الثقيلة أمام الحكام الجدد بعد انفصال الإقليم عن إندونيسيا، ويتحدث التقرير عن ذكريات المجازر البشعة التي وقعت في الإقليم والتي لم ترحم إنساناً أو حيواناً، كما لم يراعي مرتكبوها حرمة حتى لبيوت الله.

أهلاً بكم معنا إلى أولى فقرات هذه الحلقة.


حملات التنصير في اليمن

undefined

يقول أتباع تيارات إسلامية في اليمن إن جهات مسيحية تعمل في مجال التبشير تنشط في البلاد وإنها تستخدم وسائل خفية للوصول إلى غاياتها مستفيدة من ظروف الفقر التي تمر بها شرائح اجتماعية، ويرى هؤلاء أن من المبشرين من يجدون آذاناً صاغية وتجاوباً من قبل البعض الذين يعتنقون الديانة المسيحية ولكنهم لا يجاهرون بها خشية من ردة الفعل الاجتماعية وغضب المحيطين بهم من أهل وأقارب.

وفي الوقت الذي يقلل فيه رسميون يمنيون من أهمية الأمر، يتساءل غربيون: لماذا يطالب المسلمون ببناء المساجد ورفع المآذن في دولنا ويقومون بفتح المراكز الدينية ويمارسون الدعوة الإسلامية بحرية كاملة مستغلين قوانين حرية الأديان، بينما لا يتمكن رجل دين مسيحي من عرض وجهة نظره الدينية على الملأ في أي دولة من الدول الإسلامية؟ ويسألون أيضاً: لماذا لا نتعامل مع المسلمين بالمثل؟ ألا يعلن العديد من المسيحيين سنوياً في مختلف دول العالم ترك دينهم ويدخلون في الإسلام؟ فلماذا يبيح المسلمون لأنفسهم ما يحرمون على غيرهم؟ الإجابة واضحة في الدين الإسلامي، تقرير مراد هاشم من اليمن.

تقرير/مراد هاشم: تعد اليمن واحدة من ست دول إسلامية فقيرة، تتعرض منذ سنوات لحملات تنصيرية سرية ومنظمة، وذلك بحسب تأكيدات العديد من الصحف والأوساط الإسلامية في اليمن، وترُجع هذه الأوساط بدايات النشاط التبشيري في اليمن إلى خمسينيات القرن الميلادي الماضي وتشير إلى أنه لايزال ينشط في مناطق معينة في البلاد من بينها (عدن) و(تعز) و(جبلا) و(حضر موت) و(صنعاء) و(حجة).

حمود السعيدي (مدير عام الوعظ والإرشاد/وزارة الأوقاف اليمنية): حقيقة أ، بلدنا بفضل الله –عز وجل- بلد ديمقراطي منفتح، وتدخل ضمن هذه الجاليات كثيرة تبشيرية و.. يعني هم لا يتظاهروا بالتبشير فعلاً لو تظاهروا بالتبشير.. سنوقفهم، لكن ما يتظاهرون ويمشوا ويعملوا حاجة في خفاء ولعدم.. لضعف الرقابة الدينية هنا سواء كان في.. في الموانئ، أو في المطارات أو في الموانئ البحرية أو الجوية يوجد دخل البلاد من هذا البلاء ولضعف الرقابة صحيح وُجدت هذا، ولكن بفضل الله سبحانه وتعالى.. إذا ما وجدنا مثل هذا، مثل ما وجدناه مرة في عدن وأن بعض أصحاب الكنائس نشطت كذا وكذا، فتكلمنا ونزلنا وبفضل الله حدينا من هذا الوضع وكاد يعني أن يكون اختفى كلياً.

مراد هاشم: ورغم الاعتراف بوجود هذا النشاط داخل البلاد إلا أن بعض المسؤولين في اليمن يشككون في نجاحه وسط مجتمع غالبيته العظمى من المسلمين ويحملون في الوقت ذاته على الصحف والصحفيين الذين يقولون غير ذلك.

عبد القادر باجمال (رئيس الوزراء اليمني): لا يجوز أن نتكلم على حالة أو حالتين أن اليمنيين ذاهبون لمسألة الدين المسيحي لفقرهم، كانوا أفقر الناس اليمنيين فذهبوا للإسلام قبل أن يدخل بعدهم الإسلام إلى اليمن، ذهبوا حفاة لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، لم يكونوا أغنياء. كانوا فقراء ودخلوا الإسلام وهم فقراء، هل يخرجون منه لفقرهم؟!

مراد هاشم: الأقلية المسيحية الموجودة في اليمن تنحدر من أصول هندية ويمارس أفرادها طقوسهم الدينية بكل حرية إلا أنهم ممنوعون من ممارسة أي نشاط تبشيري بين المسلمين، والأمر ذاته ينطبق على مئات من أبناء الجاليات الأجنبية في اليمن ممن يدينون بالمسيحية، في المقابل يظل أمر معتنقي الديانة المسيحية الجدد من اليمنيين طي الكتمان لا خوفاً من محاكمتهم وإعدامهم بتهمة الردة فحسب، بل أيضاً تجنباً لما قد يتعرضون له من أذى في مجتمع معروف بتدينه ومحافظته الشديدة، وكما تقول الصحف اليمنية فإن هؤلاء تنصروا على أيدي أفراد بعثات تنصيرية أجنبية تعمل تحت ستار أنشطة طبية وخيرية، وإنسانية وتعليمية في العديد من المستشفيات والمراكز الصحية والمدارس ومراكز تعليم اللغات والكنائس، أبرزها كنيسة المسيح بحي التواهي بعدن التي أُعيد افتتاحها عام 95، بعدما أُلحق بها مركز طبي.

بن تشيسي (مسؤول كنيسة المسيح/عدن): هذا ليس جزءً من عملنا هنا، بعثتنا في منطقة عدن هي فقط لخدمة المسيحيين الذين يقيمون هنا لأي سبب كان، إذ تقدم الدعم لهم في حياتهم اليومية، أما خارج ذلك فإننا مكلفون –حسب ديننا المسيحي- بأن نحب جيراننا حيث نعيش، بغض النظر عن جنس أو عرق أو دين هؤلاء الجيران، وكذلك نحن مكلفون بالعناية بكل الناس على وجه الأرض بغض النظر عن دينهم، لذلك فإننا نساعد الناس من خلال العيادة الصحية الخاصة بنا والتي هي موجودة من أجل ذلك تماماً، مثال على ذلك أنه خلال الشهرين الماضيين قام العاملون معنا من أطباء وممرضين –وهم جميعاً من المسلمين- قاموا بتقديم الرعاية الصحية إلى جميع من راجع هذه العيادة من المسلمين أيضاً، فكيف يقوم مسلم بتحويل مسلم آخر إلى الدين المسيحي؟ ولماذا يفعل ذلك؟ من الواضح أنهم هنا للعناية بالناس المرضى ونحن قادرون على فعل ذلك طالما أننا من بني الإنسان، ليس لدينا عدا ما ذكرت أي أهداف أو مصالح من خلال أنشطتنا.

مراد هاشم: أسباب اقتصادية واجتماعية ودينية تدفع البعض إلى تغيير دينهم من بينها الصراعات والحروب المتكررة وما ينجم عنها من تميز، وانتشار الفقر والبطالة بالإضافة إلى الصورة المشوهة التي تقدمها عن الإسلام جماعات العنف والتطرف، ولهذا تعد الفئات الفقيرة بالإضافة إلى آلاف من اللاجئين الصوماليين في اليمن في مقدمة الشرائح المستهدفة من حملات التنصير.

حسين السقاف (مدير مكتب الأوقاف في عدن): أي واحد يمني عندما يتنصر، كيف يجد نفسه؟ كيف يجد نفسه في الوسط الذي يعيش فيه؟ صعب جداً عليه، هيكون إنسان منبوذ، يكون إنسان منبوذ، وطبعاً كل من.. إذا.. إذا وجد شخص متنصر فأنه لن يتنصر إلا نتيجة مصلحة وظيفية أو مصلحة آنية.

مراد هاشم: هذه المحكمة الواقعة في حي (التواهي) بعدن شهدت قبل عدة أعوام محاكمة مسلم صومالي تنصر على يد قسيس في إحدى الكنائس الحي، وقد تم ترحيله خارج البلاد بعد حصوله على حق اللجوء الإنساني في دولة أوروبية، فيما لا يزال سكان الحي يتحدثون عن محاولات أخرى استهدفت إحداها استقطاب طالبات في إحدى مدارس الحي إلى المسيحية، بعد إغرائهن بدورات مجانية في اللغة الإنجليزية.

تلميذة يمنية: نحنا رحنا أنا وثلاث صديقات إلى الكنيسة بحكم إحنا في الثانوية وفي ثانويتنا بجانب الكنيسة، رحنا لهناك دخلنا فرحَّب بنا القائم على الكنيسة ودخلنا وسمح لنا ندخل نتفرج على مكان الصلاة، فشرح لنا.. كنا نشوف أشياء منحوتة بالجدران، في السقف والجدران إنه لما يسألنا مين هادول قال لنا هذا سيدنا عيسى وهذه أمه السيدة مريم وأمها، والسيدة مريم كانت حاملة سيدنا عيسى في.. بكتفها على.. وهو رضيع.. وشرح لنا وروى لنا كمان الكتب، كتب الإنجيل وحاول بيحاول يعطينا.. هي، بس إحنا قلنا لما نيجي المرة الثانية نبقى ناخدها.

مراد هاشم: استمرار عمليات التبشير أثار ردود فعل غاضبة تجاوزت وسائل التعبير عنها الأساليب السلمية من خلال ما ينشر في الصحف وما يقال من على منابر المساجد إلى استخدام العنف كما ظهر في حادثي اغتيال ثلاث راهبات في العام 98 ومحاولة تفجير كنيسة المسيح بحي (التواهي) في يناير الماضي من قبل شبان ينتمون إلى تنظيم الجهاد الإسلامي اتهموا الكنيسة خلال جلسات محاكمتهم بتنصير المسلمين.

وفي موازاة ظاهرة اعتناق بعض الأفراد للدين المسيحي تبرز ظاهرة اعتناق بعض الأجانب المقيمين في اليمن ومن جنسيات مختلفة للدين الإسلامي، وفقاً لإحصاءات مكاتب الأوقاف تجاوز عدد الأجانب الذين أشهروا إسلامهم في اليمن خلال السنوات الثلاث الماضية الألف شخص ربعهم تقريباً يحملون جنسيات غربية، وعلى عكس ما يحدث للمتنصرين الجدد من اليمنيين ينعم معتنقو الإسلام الأجانب بمعاملة حسنة وتتم إجراءات إسلامهم بشكل علني وبطريقة رسمية حيث يمنحون شهادات بذلك من مكاتب الأوقاف.

حسين السقاف: بلغ معتنقي الإسلام الذي صرفت لهم شهادة اعتناق الإسلام عبرا لمكتب 246 معتنقاً للإسلام يعني، هؤلاء –كما ذكرنا لكم- البعض منهم موظف في شركات والبعض يشتغلوا في هيئات دبلوماسية والبعض يعني سواح، والبعض الآخر أيضاً ممن تقطعت بهم السبل إلى هذا البلد ووجدوا في الإسلام إنه يعني ممكن يوفر لهم الحياة الأفضل.

مراد هاشم: أغلب معتنقي الإسلامي في اليمن من اللاجئين من بلدان القرن الأفريقي وتشكك بعض الصحف هنا في أن دوافع إسلام بعضهم قد تكون دنيوية بحتة.

حمود السعيدي: هذا حقيقة قد وقع مثل هذا صحيح ووجد من يأتي ليسلم لأنه يريد أن يتزوج كذا وكذا، فنطرح له حتى يقول أنا والله الآن مقتنع.. مقتنع اقتناعاً كلياً سواء أحصل على زوجة أم لم أحصل، سواء أعود إلى بلدي أو لم أعد، فأنا مقتنع بهذا الدين.

مراد هاشم: غير أن أسباب اعتناق الإسلام تبدو مختلفة تماماً بالنسبة لآخرين.

أبو طارق (مسلم أميركي): أظن ما أنا.. أنا أسلمت لأن الواحد عايش في.. قال الله –سبحانه وتعالى- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" هذا.. هذا جواب لكل الناس.

أم طارق (مسلمة أميركية): أريد إسلام على.. في.. في هذا الدنيا لهذا أنا أسلمت، أنا عارف الإسلام الحق وعند إسلام الشريعة وأريد هذا الشريعة ليس.. ليس.. ليس في بيتي فقط وفي حياتي وعند الناس لأن فرض علينا نحن ندعو الناس إلى الإسلام.

إبراهيم وينهام (أسترالي يعيش في اليمن): من الصعب أن أعيش في الغرب وأن أطبق ديني 100%، أتيت إلى اليمن من أجل تربية أطفالي وحتى يتمكنوا من الحصول على التعليم الإسلامي ويتعلموا اللغة العربية.

مراد هاشم: ظاهرة إسلام الأجانب تشهد تنامياً مستمراً في اليمن، رغم ضعف النشاط الدعوي في أوساط غير المسلمين، بل وضعف عمليات الإرشاد الديني والمتابعة لمن أسلموا.

مراد هاشم-لبرنامج (مراسلو الجزيرة)- صنعاء.

[فاصل إعلاني]


جذور الثقافة العربية في البوسنة

undefined

محمد خير البوريني: يعود التواصل الثقافي بين البوسنة والمشرق العربي إلى قرون طويلة مضت، كتب البوسنيون بالأحرف العربية واستخدموا مفردات عربية في لغتهم في قديم الزمان، ولكن ما الذي يحصل اليوم؟ تقرير سمير حسن أعده من هناك:

تقرير/ سمير حسن: يتنوع الارتباط الثقافي للبوسنة بالشرق من خلال ثلاثة جسور هامة الأول تاريخي حيث يرجع هذا الارتباط إلى خمسة قرون مضت، عندما كان البوسنيون يكتبون ويؤلفون ويقرأون اللغة البوسنية التي تنحدر من أصل سلافي بالحروف العربية، وأن هذه اللغة كانت غنية بمفردات عربية الأصل كما يظهر من المخطوطات النادرة التي تحتضنها مكتبة (غازي خصرف بيك) في سراييفو.

د. جدمال الدين لاليتش (أستاذ الأدب الإسلامي/ جامعة سراييفو): حتى مجيء الاحتلال النمساوي للبوسنة كان 100% من البوسنيين يجيدون اللغة البوسنية بالحروف العربية، لأنها كانت لغتنا القومية ويقول المؤرخون إن البوسنيين في يوم وليلة يأتوا أميين لأن الاحتلال منع استخدام هذه اللغة من التداول.

سمير حسن: وقد نتج عن استخدام الحروف العربية في اللغة البوسنية نوع من المؤلفات أُطلق عليها (الحاميادو).

د. جمال الدين لاليتش: كلمة (الحاميادو) مشتقة من الأميادو، وهي كلمة أسبانية عربية تعني الأدب الأعجمي أو الأدب غير العربي وهي إفراز لحب المسلمين الجدد تجاه القرآن الكريم، المكتوب باللغة العربية، وحيثما كانت الإمبراطورية العثمانية الإسلامية، لم تلغي الهوية القومية للمسلمين الجدد، ولذلك ازدهرت ثقافة هؤلاء المسلمين بعد اختلاطها بالثقافة الشرقية.

سمير حسن: معهد الاستشراق الذي تأسس عام 1950 في سراييفو كان الجسر الثاني الذي وصل البوسنيين باللغة العربية، لكن المعهد كغيره من المؤسسات الثقافية كان هدفاً للمدفعية الصربية التي أتت على بنيانه في مايو عام 92 فدمرته وأحرقت أكثر من عشرة آلاف مخطوط ووثيقة يرجع تاريخها إلى القرن الحادي عشر الميلادي، ومن بينها كتب نادرة جداً في الأدب والتاريخ والعلوم والرياضة والطبيعة كُتبت باللغات العربية والتركية والفارسية، لكن مخلفات الحرب ليست المشكلة الوحيدة لأفضل معهد استشراق في منطقة البلقان.

د.ليلى غازيتش (مديرة معهد الاستشراق/ سراييفو): خبرات معهد الاستشراق كلها هاجرت إلى الخارج، كما أن الميزانية المخصصة لرواتب الموظفين لا تسمح باستقبال موظفين جدد، ونحتاج مزيداً من البحث عن مخطوطات مفقودة خارج البوسنة.

سمير حسن: ومن خلال أقسام التاريخ واللغات والمكتبات عمل المعهد على ترجمة وأرشفة المخطوطات الشرقية ومصادر التاريخ البوسني والبحوث والدراسات المتعلقة بالإمبراطورية العثمانية التي فتحت البوسنة عام 1463 بالإضافة إلى الدور الاستشراقي بالمفهوم السياسي الأيديولوجي، في ظل الدولة اليوغسلافية، لكن هذا المفهوم تغير بعد استقلال البوسنة.

د.أسعد دراكوفيتش (رئيس قسم اللغة العربية/جامعة سراييفو): لا يمكن أن.. أن يقول أن الاستشراق في نفس الوضع هنا في البوسنة وفي فرنسا مثلاً، لأننا نحن هنا مسلمون، ثقافتنا إسلامية وتراثنا يعني باللغة العربية في أغلبيته يعني ومن ذلك الأسباب لابد أن يعني نتعامل بالعربية ونحن لسنا مستشرقين بمعنى أيديولوجيين يعني.

سمير حسن: ورغم أن المخطوطات التي مازال معهد الاستشراق يحتفظ بها لا تقدر بمال إلا أن هناك محاولات لاستغلال أزمته المالية، حيث عرضت إسرائيل ألفي مليون دولار لشراء النسخة الوحيدة التي بقيت من كتاب (الهاجادا) وهو عبارة عن كتاب نادر يضم قصصاً تاريخية ودينية يهودية مكتوبة باللغة العبرية، وقد بقى ضمن أكثر من 5200 مخطوط في مكتبة معهد الاستشراق.

د.ليلى غاريتش: طبعاً هذا أمر مرفوض، فنحن نعمل للحصول على نسخ من المخطوطات التي فقدناها في الحرب من متاحف استنبول وغيرها من المدن، فكيف نفرط في النسخ الأصلية؟

سمير حسن: ويعد توقف الحرب في البوسنة برز دور قسم اللغة العربية في كلية الفلسفة بجامعة سراييفو، حيث بدأ الشباب يقبلون على الالتحاق بهذا القسم.

طالبة في قسم اللغة العربية/ جامعة سراييفو: أردت أن أتعلم اللغة العربية لأن.. لأن اللغة العربية لغة القرآن.

طالب في قسم اللغة العربية/ جامعة سراييفو): عندي أسباب شخصية لأنه أبي هو من سوريا وما كنت أعرف أنا اللغة العربية.

سمير حسن: غير أن الأمر لا يخلو من صعوبات ومعوقات.

د.أسعد دراكوفيتش: وهي يعني عدم تقوية العلاقات بالبلاد العربية، أود أن أقول يعني أقصد بالقول أننا بحاجة كبيرة إلى تقوية العلاقات يعني الاتصال بالبلاد العربية، لأننا نحن هنا في البوسنة والهرسك لا نستطيع أن نتعلم اللغة العربية بصورة جيدة بدون علاقات مع البلاد العربية.

د.صلاح الفرتوسي (خبير منظمة الإسيسكو): تلاحظون أيضاً وجود مراكز ثقافية لبعض السفارات الأوروبية في هذه البلاد، في الوقت الذي لا توجد فيه مراكز ثقافية عربية تستطيع التنوير وتستطيع بعث اللغة العربية والتشجيع على دراستها.

سمير حسن: ومع ذلك تتكاتف جهود منظمة الثقافة والعلوم الإسلامية (إسيسيكو) والسفارة المصرية في سراييفو، وبنك التنمية الإسلامي، والهيئة العليا السعودية لتطوير قسم اللغة العربية.

د. صلاح الفرتوسي: للدول العربية أن تخصص زمالات دراسية لطلاب العربية، سواء أكانوا في المدارس الثانوية أو في الجامعات، كما أن عليها أن تخصص دورات تدريبية لمدرسي اللغة العربية، ليس في البوسنة وإنما في البلاد العربية، لأن هذه الدورات تهيئ فرصة طيبة لهؤلاء المدرسين وكذلك للطلاب للتواصل مع الشعب العربي.

د.أسعد دراكوفيتش: أعتقد أنه لابد من إرسال الكتب والدوريات من البلاد العربية وأن يأتي المتخصصون الأساتذة من البلاد العربية كي.. يعني لإلقاء المحاضرات لنا للأساتذة هنا في البوسنة ولطلابنا وأيضاً لابد –في رأيي- أن يسافر طلابنا من حين لآخر إلى البلاد العربية، كي يتعرفوا به وبثقافته وباللغة العربية.

سمير حسن: وقد ألقى ضعف تعليم اللغة العربية في البوسنة بظلاله على حركة الترجمة المتخصصة من وإلى اللغة البوسنية.

د.أسعد دراكوفيتش: أعتقد أن.. أن هذه الحركة ضعيفة لأنه ليس لدينا مترجمون، متخصصون في هذه الترجمة يعني، في البوسنة والهرسك كثير من الناس تخرجوا اللغة العربية أو العلوم الإسلامية في البلاد العربية مثل القاهرة والسعودية وغيرهما، ولكن هم لا يهتمون بالأدب، ليسوا مهتمين بالأدب، وأنا أعرف أن هناك أدب كبير، واسع جداً جداً، ونحن لا نعرف ماذا يحدث الآن في الأدب العربي، ما هي الروايات الجيدة والقصص والدواوين وغيرها.

سمير حسن: وربما يرجع ذلك إلى أسباب تجارية، إلا أن هناك أعمالاً أدبية مترجمة بدأت تظهر في البوسنة مثل مؤلفات نجيب محفوظ وطه حسين وأهم وأكبر هذه الإبداعات العربية التي تُرجمت إلى البوسنية كتاب "ألف ليلة وليلة"، الذي ترجمه الدكتور أسعد دراكوفيتش.

ورغم أن العربة الثقافية في القطار البوسني العربي تتوقف حيناً وتسير ببطء أحياناً أخرى إلا أن هناك جهوداً متفرقة للحفاظ على التواصل بين الثقافتين العربية والبوسنية في مواجهة لوجود القوى للثقافة الغربية في البوسنة.

سمير حسن-(مراسلو الجزيرة)-سراييفو.

[فاصل إعلاني]

محمد خير البوريني: نكرر السؤال ثانية: أين المنظرين في الثقافة العربية على شاشات التلفزة وفي وسائل الإعلام الأخرى؟

مشاهدينا الكرام، نتحول بكم إلى الردود على بعض رسائلكم.

البداية برسالة فاكس وصلت من أحمد محمود وهو إريتري يُقيم في السعودية، يطلب المشاهد من البرنامج زيارة إريتريا، وتحديداً المدينة التي احتضنت الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا لمدة ثلاثين عاماً من النضال.

نقول قمنا بزيارة إريتريا، وسنعاود الزيارة في الوقت المناسب، وسوف ترى مزيداً من الموضوعات من هناك في حلقاتٍ لاحقه.

ومريم الغرباني من (هنجاريا) المجر تطلب من البرنامج تسليط الضوء على حرية العبادة في هذا البلد الأوروبي الشرقي وعلى عدم وجود دعم للمسلمين هناك من أي جهة، وذلك كوجود مركز إسلامي، كما تطلب الحديث حول مشكلة أطفال المسلمين الذين لا يجدون مدارس إسلامية، الأمر الذي يضعهم أمام الثقافة المجرية مباشرة.

نقوم ببحث إمكانيات إعداد الموضوعات التي وردت في الرسالة وغيرها من القضايا التي تهم المشاهد العربي في كل مكان.

ومن الجماهيرية الليبية زيًّان عبد السلام زيَّان يطلب زيَّان إعادة كل حلقة من حلقات البرنامج ثلاث مرات بدلاً من مرتين أسبوعياً، ويقول: إن في الإعادة إفادة. نرجو من زيان أن يتقبل اعتذارنا لعدم إمكانية عرض الحلقة لمرة ثالثة إذ يراعي أن يتم عرض الحلقات في أوقات تمكن المشاهدين من متابعتها صباحاً أو مساءاً ونهاراً أو ليلاً وعلى عدة أيام، أي أننا نحرص على عدم تفويت فرصة مشاهدة الحلقات على متابعينا والمُهتمين الذين لا تسمح ظروفهم بمشاهدة العرض الأول للحلقات أو إحدى الإعادات، نرجو أن تحاول تسوية ما لديك من وقت بما يتناسب مع مشاهدة الحلقات في وقت بثٍ واحد على الأقل وأهلاً بك.

ومن فرنسا وصلت رسالة هي الثانية من نوعها خلال وقتٍ وجيز وقد بعثها المشاهد مسعين بو ستة وجاء فيها: تعمل السلطات المسماة فرنسية وهي حقيقة يهودية حسب قوله على التفريق بين الزوج وزوجته من المغاربة، أي من الجزائر والمغرب وتونس وتحرض الزوجات على عصيان أزواجهن، إذ يقدمن على طرد هؤلاء الأزواج من البيوت بمساعدة تلك السلطات حيث يُقذف بهؤلاء الأزواج إلى حجراتٍ لا تتجاوز مساحتها المترين في ثلاثة أمتار، ويضيف المشاهد: الرجال العرب هنا ليس لهم حتى قيمة الكلاب. أخيراً يقول المشاهد: الرجاء من إخواننا في (الجزيرة) فضح ما يجري مع العلم أن غالبية المغاربة هنا في فرنسا من الأميين.

نجيب بالقول إننا نسمع قصصاً غريبة بهذا الشأن من فرنسا وقد شرعنا بالفعل في دراسة الأمر من خلال مراسلنا في باريس، لا نعلم حقيقة ما يجري ولا يمكن الخوض في الأمر قبل التأكد من جميع الظروف التي تحيط بمثل هذا الموضوع.

ومن أبو ظبي في دولة الإمارات العربية المتحدة بعث محمد أحمد صالح يطلب تقارير حول دول الشرق الأقصى وأحوال المسلمين فيها ويخص بالذكر كوريا الجنوبية، كما يطلب الخوض في أسباب تقدم تلك الدول على الرغم من حرب عام 50، أي الحرب الكورية، كنا قد عرضنا مجموعة من التقارير من شرق آسيا وسوف نحاول تلبية ما طلبت لاسيما من كوريا الجنوبية في أقرب وقت ممكن خلال الفترة المقبلة.

ورسالة وصلت من الكويت وبعثها عبد الوهاب محمد يطلب تقريراً عن قضية البدون، البدون في الكويت، وقد جاء في نص الرسالة: عندما أنهيت دراسة الثانوية كان أملي كبيراً في أن أجد جامعة أو معهداً يتيح المجال لإكمال التعليم ولكنني منيت بالفشل والسبب هو أنني لا أملك جنسية هذا البلد أي الكويت، علماً بأنني من مواليد الكويت وقد درست في مدارسها والغريب أن والدي يعمل في وزارة الدفاع وقد تم أسره يوم الاجتياح العراقي للكويت وقد عاد إلينا بعد تحرير الكويت، ويتابع: والله لو تأتي وترى بنفسك ما نعانيه من تشرد وضياع ويسأل: أي إسلام نعيشه نحن؟ وأين حقوق الإنسان التي يتكلمون عنها؟ وينتهي إلى القول: لقد حاولت الهجرة إلى الولايات المتحدة ولم يكن لي نصيب في ذلك.

نجيب المشاهد: لقد حاولنا تسليط الضوء على قضية البدون في الكويت التي يتم بحثها على أعلى المستويات هناك وفي أروقة مجلس الأمة الكويتي على طريق حلها -كما يقال- على أي حال لقد حاولنا طرق الموضوع وكان الجواب أن العقبة ليست من السلطات الكويتية بل من البدون أنفسهم، إذ يرفضون الظهور أمام عدسات الكاميرا خشية اعتبارهم مشتكين على السلطات وبالتالي أن يتم الاقتصاص وحرمانهم من الحصول على جنسية موعودة حسب اعتقادهم، نعم لقد وصلتنا العديد من الرسائل المماثلة من الكويت وسوف نحاول مجدداً الخوض في هذه القضية إذا كان لديك من علم عما.. حول أحد على استعداد للحديث في هذا الأمر من البدون أنفسهم فنرجوك إعلامنا بكيفية الاتصال به.

ومن تونس بعثت نور الهدى تقترح على (مراسلو الجزيرة) إعداد موضوعٍ يتناول الوضع الاجتماعي ومستوى المعيشة في البلاد وتقول: إن القيادة التونسية تسعى بأقصى جهدها لتحسين وتطوير البنية التحتية، في حين أن البنية الفوقية تعيش حالة أزمة مصدرها الكبت والإحباط ومستوى المعيشة المتدهور وكذلك البطالة وبحث الشباب عن طرق الهجرة إلى خارج البلاد.

بدورنا نقول: تصل إلى البرنامج العديد من الرسائل التي تطلب موضوعات من تونس وأننا سبق ونوهنا في ردودنا على رسائل المشاهدين إلى أننا لم نحصل على الترخيص الخاص لعمل مراسل (الجزيرة) في تونس بدون قيود، حال الحصول على ذلك الترخيص فإننا سوف نعالج العديد من القضايا التي تهم المواطن التونسي والمواطن العربي في كل مكان.

مشاهدينا الكرام نكتفي بهذا القدر من الردود على رسائلكم حسب ما سمح به الوقت ونعود لمتابعة ما تبقى من البرنامج.


العقبات التي تواجه الحكام الجدد لتيمور الشرقية بعد انفصاله عن إندونيسيا

undefined

دمار وقع وآلاف القتلى والجرحى قبل انفصال تيمور الشرقية عن إندونيسيا، تركة ثقيلة على عاتق حكام تيمور الشرقية الجدد اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً.

ذكريات المذابح التي كان من الممكن تفاديها بين المسلمين والمسيحيين مازالت ماثلة في الأذهان. تقرير عثمان البتيري.

تقرير/ عثمان البتيري: لا يزال إقليم تيمور الشرقية يحاول لملمة جراحه وإعادة بناء ما أتت عليه الحرب الدموية التي اجتاحت الإقليم قبل سنوات نظرة سريعة لأي زائر لتيمور الشرقية يدرك مدى الثمن الذي قدمه أهالي الإقليم من أجل الحصول على الاستقلال عن الحكم الإندونيسي، فالميليشيات الموالية آنذاك لإندونيسيا لم تتردد وبمساعدة قوات الجيش الإندونيسي في حرق وتدمير كل ما طالته أيدي أفرادها بعد أن تأكد لها أن أكثر من 70% من الشعب التيموري قد اختار الانفصال عن إندونيسيا عبر الاستفتاء العام الذي نظمته الأمم المتحدة عام 98، عمليات الحرق والتدمير للعاصمة (ديلي) وغيرها من المدن التيمورية والمجازر الدموية التي عمَّت الإقليم آنذاك وأودت بحياة الآلاف من السكان دفعت بالمجتمع الدولي إلى إرسال قوات دولية لحفظ السلام ووضع الإقليم تحت إدارة دولية تشرف على إدارته إلى حين قيام حكومة تيمورية منتخبة، وكانت الانتخابات الأخيرة لتشكيل مجلس لوضع الدستور في الإقليم أول خطوة حقيقية للشعب التيموري على طريق الاستقلال وإقامة الدولة.

وتواجه الحكومة التيمورية المستقبلية تركة ثقيلة من الأعباء السياسية والاقتصادية والآثار الاجتماعية التي تحتاج إلى المعالجة، ولعل من أكبر التحديات أيضاً أمام هذه الحكومة النجاح في توحيد شتات الشعب التيموري الذي مزقته الحرب وخلَّفت فيه جراحاً نفسية عميقة من الصعب أن تندمل.

بلدة (لاكيشا) الهادئة التي لا تبعد كثيراً عن العاصمة ديلي تعد مثالاً حياً على التمزق العميق الذي يعيشه الإقليم، حيث كانت البلدة مسرحاً لمذبحة مروعة نفذتها الميليشيات الموالية آنذاك لإندونيسيا وراح ضحيتها المئات من سكان البلدة (روميرو دي سانتوس) أحد الذين نجوا من المذبحة أكد أن المشهد الدموي لا يزال يتمثل أمام عينيه على الرغم من مرور عدة سنوات وخاصة أنه وقع في كنيسة البلدة وهو ما يجعل من الصعب عليه أن يغفر أو أن ينسى ما حدث.

روميرو دي سانتوس (أحد الناجين من مذبحة): في ليلة المذبحة هاجم أفراد الميليشيات البلدة وطاردوا السكان الذين لجأؤوا إلى الكنيسة وظلوا يحاصرونها لمدة يومين ثم اقتحموها وقتلوا كل من فيها من النساء والأطفال، كنت أحاول أن أحمي حفيدي الصغير الذي كان بين يدي، لكن أحد أفراد الميليشيات ضربني على رأسي بالسيف فأغمي عليَّ وظنوا أنني قد مت.

عثمان البيتري: طن السكان في لاكيشا –وهم كباقي الشعب التيموري المعروف بتمسكه بديانته المسيحية- أن لجوءهم إلى الكنيسة المكان المقدس للعبادة سيحميهم من جرائم الميليشيات التي ينتمي أفرادها لنفس العرق التيموري والدين المسيحي، لكن ما حدث كان مروعاً.

روميرو دي سانتوس: ظن السكان أن الكنسية ستمنع أفراد الميليشيات من قتلهم، لكن القتلة لم يحترموا قدسية هذا المكان، وقد رأيتهم يذبحون النساء والأطفال والرجال بالسيوف والفؤوس.

عثمان البيتري: وعلى الرغم من أن المذبحة وقعت قبل سنوات إلا أن (روميرو) لا يزال يتذكر كيف استمرت عمليات القتل والذبح لعدة ساعات، وامتدت إلى الساحات المجاورة للكنسية حيث طارد القتلة ضحاياهم وأجهزوا عليهم بدم بارد.

روميرو دي سانتوس: هنا كانت تختبئ العائلات خوفاً من المذبحة، لكن أفراد الميليشيات دخلوا وقتلوا كل من فيه وتركوا الجثث يومين دون أن يسمحوا بإنقاذ الجرحى أو دفن الموتى.

عثمان البيتري: ويؤكد روميرو أن حسرة مقتل حفيده أمام عينيه ستظل تملأ قلبه بالحزن والكره للقتلة وأن زيارته للنصب التذكاري لضحايا المذبحة هي من أجل ألا تضيع دماؤهم هدراً، وعلى الرغم من أن معظم الميليشيات الموالية لإندونيسيا قد فرت إلى الجانب الإندونيسي من الجزيرة عقب دخول القوات الدولية للإقليم إلا قضية عودتهم وعائلاتهم ستظل تؤرق أي حكومة تيمورية مستقبلية ويدفعها للعمل على توحيد شتات الشعب ونزع فتيل الكره من بين أفراده.

(راموس) أحد أفراد الميليشيات الذي فر إلى الجانب الإندونيسي ثم عاد لينفي تورطه فيما نفذته الميليشيات من جرائم ضد سكان البلدة.

راموس (عضو ميليشيا سابق): أنا لم أكن من الميليشيات الموالية لإندونيسيا برغبة مني، لقد هددوني بقتل عائلتي وأهلي إن لم أتعاون معهم، لقد كانت الميليشيات قوية بسبب دعم الجيش الإندونيسي لها، وكانت تقتل كل من يخالف رأيها.

عثمان البيتري: ويؤكد راموس أنه استغل وجوده بين الميليشيات لإنقاذ الكثير من الضحايا وساهم أيضاً في إعادة اللاجئين إلا أن ذلك لم يشفع له لدى أهل بلدته.

راموس: استطعت إنقاذ الكثير من الناس من بين أيدي الميليشيات، ورغم كل ذلك لا يزال الناس ينظرون إلي بعين الكره ويعتبرونني خائناً لوطني.

عثمان البيتري: مسلمو تيمور الشرقية قضية أخرى تنتظر من الحكومة التيمورية العمل على حلها حيث يعيش المئات من العائلات المسلمة التي رفضت مغادرة تيمور الشرقية مفضلة البقاء في الإقليم، باعتبارها جزءً أصيلاً منه، ومع اندلاع أعمال العنف الدموية في الإقليم لجأت هذه العائلات إلى المسجد الكبير في العاصمة (ديلي) لتحتمي بجدرانه من القتل، كما يوضح الأستاذ عبد الحليم (مرجع المسلمين في الإقليم).

عبد الحليم (مرجع المسلمين في تيمور الشرقية): معظم المسلمين المقيمين هنا هم أصلاً من إندونيسيا وقدموا منذ سنوات طويلة إضافة إلى المسلمين التيموريين الأصليين، وقد هرب المسلمون أثناء فترة الحرب إلى هذا المسجد للاحتماء به من عمليات القتل، ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن لازلنا نعيش هنا.

عثمان البيتري: ولعدة سنوات أصبح المسجد الكبير وساحاته المجاورة المكان الوحيد الذي يستطيع فيه العائلات المسلمة ممارسة أعمالها التجارية لكسب رزقها بعد أن نبذها المجتمع التيموري، حيث لا يزال يرى فيها امتداداً للاحتلال الإندونيسي وغدت ساحة المسجد أيضاً ملعباً يجد فيه الأطفال متنفساً آمناً لهم، ويحاول المسلمون الحفاظ على هوياتهم الإسلامية وممارسة واجباتهم الدينية مع التمسك الكامل بانتمائهم للهوية التيمورية.

عبد الحليم: نأمل عندما تتشكل الحكومة التيمورية والمجلس التشريعي أن ينظر إلينا كمواطنين تيموريين كاملي الحقوق على اعتبار أننا عشنا في الإقليم ولم نغادره أثناء فترة الاستفتاء، أما الآن فنحن نُعتبر مجرد مقيمين إقامة دائمة في الإقليم، وهذا وفقاً لقرار الإدارة الدولية الحاكمة للإقليم حالياً.

عثمان البيتري: مسلمو تيمور الشرقية يؤكدون أنهم نالوا نصيبهم من الظلم الذي طال معظم سكان الإقليم، حيث تم تدمير وحرق جميع المساجد التي كانت تنتشر فيه أثناء الحرب.

عبد الحليم: قبل الحرب كانت هناك عشرة مساجد ومصليات في الإقليم، وعندما اندلعت الاضطرابات لم ندر ما حصل، لأننا كنا في خوف شديد، وبعد هدوء الأوضاع وجدنا أن معظم المساجد قد دُمرت وواحد تحول إلى مطعم.

عثمان البيتري: الأستاذ عبد الحليم أصر على اصطحابنا لزيارة المساجد المدمرة والتي تحولت إلى مكبات للنفايات واصطحبنا أيضاً إلى مسجد تحول إلى مطعم تعلو جدرانه صوراً دعائية لمشروبات كحولية.

صاحبة مطعم كان مسجداً: هذا المكان كان مسجداً للمسلمين الذين كانوا يقيمون في المنطقة، ولكن بعد الحرب فرَّ المسلمين ولم يبق أحد منهم، ولهذا فقد وجدت المكان المناسب لتحويله إلى المطعم الخاص بعائلتي.

عثمان البيتري: وتصر صاحبة المطعم أن المسجد أصبح ملكها ومصدر رزقها، وأنها لن تتركه، خاصة وأن المسلمين غادروا المنطقة وبلا رجعة إليها حسب قول السكان المحليين.

المسلمون يؤكدون أنهم لا يزالون يحلمون بالاعتراف بهم ضمن النسيج التيموري من قبل الحكومة المنتخبة، وإعادة بناء المساجد التي تم تدميرها من جديد وهو أمر لابد لأية حكومة مستقبلية من أخذه بعين الاعتبار.

حكاية تيمور الشرقية تجربة يتمنى كل شعب مضطهد أو محتل أن ينال مثلها حيث هب المجتمع الدولي بأكمله لضمان حرية هذا الشعب واستقلاله، وما هو مؤكد أن هذه التجربة لها خصوصية تخضع لمصالح الدول الكبرى وللخلفيات العقائدية والعرقية لهذا الإقليم وهو أمر لا يتوفر للكثير من شعوب هذا العالم. عثمان البيتري (مراسلو الجزيرة) -ديلي- تيمور الشرقية.

محمد خير البوريني: مشاهدي الكرام من أثار المذابح والقتل في تيمور الشرقية نأتي إلى نهاية حلقة هذا الأسبوع من البرنامج. يمكنكم متابعة تفاصيل هذه الحلقة بالصوت والصورة من خلال موقع الجزيرة على شبكة الإنترنت، والموقع هو:

www.aljazeera.net

كما يمكنكم مراسلة البرنامج عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي:


reporters@aljazeera.net

أما العنوان البريدي فهو: برنامج (مراسلو الجزيرة)، صندوق بريد رقم 23123 الدوحة- قطر.

أو من خلال رسائل الفاكس على الرقم التالي: 009744860194.

في الختام هذه تحية من المخرج صبري الرماحي وفريق البرنامج، وهذه تحية أخرى مني محمد خير البوريني، إلى اللقاء.