موعد في المهجر

حسام فضلي

تستضيف الحلقة الصحفي جراح القلب والفنان التشكيلي، هذا الجراح الفنان أمضى أكثر من نصف قرن في أميركا وتحققت فيها أحلامه كلها.
‪حسام فضلي‬ حسام فضلي
‪حسام فضلي‬ حسام فضلي

تعليق صوتي: قبيل عيد الحب بأسابيع تبدأ رسائل الحب المعايدة الوردية في الانهمار على هذه المدينة كي تحظى بخاتم البريد الذي يحمل اسمها الفريد Loveland ثم يعاد إرسالها للعاشقين في كل أميركا مباشرة من أرض الحب، هذه المدينة التي لا يسكنها أكثر من 60 ألفا بها 4 مسالك كبرى لصب التماثيل البرونزية مما جعل المدينة مقصدا مغريا لمثالي البرونز من كل العالم لا للزيارة فحسب بل للإقامة أيضا، وتتناثر في Loveland 300 قطعة فنية برونزية تتنوع في أحجامها ومدارسها الفنية، وعلى إحدى تلالها تمثال لفارس بالزي العربي يركب حصانا عربيا أصيلا، ويحمل صقر صيد متأهبا للانقضاض، ترى ما الذي جاء به إلى هنا؟

البداية مع دراسة الطب واحتراف الفن التشكيلي

حسام فضلي: أنا اسمي حسام عباس فضلي أنا ولدت في بغداد وعشت في بغداد وأمي اسمها نجية وأبي اسمه عباس، عندي 5 إخوة و 3 أخوات، و 2 من أخواتي ما زالوا موجودين بس الباقين مع الأسف طبعا ماتوا وهذا طبيعي، كنت  جداHappy   مع إخواني وأخواتي ومع أصدقائي وحتى أذكر أني كنت ألعب كرة القدم في الشوارع مثلما الباقين الصغار، المدرس سألنا أكتب مقالة عن شو بتحب تكون بالمستقبل وليش؟ فأنا أتذكر في ذلك الوقت كتبت أنا أحب أن أكون طبيب لأنه أشعر أني أساعد الناس في هذه المهنة، حتى لما جاء الوقت أنا تخرجت من المدرسة الثانوية أعطوني بعثة إلى أن أدرس في تونس هندسة ونفس الوقت قبلوني في مدينة الطب، فرحت على أبوي رحمه الله قلت له أنه القضية هالشكل، أنا إذا أروح على بعثة يدفعوا كل شيء بس شيء ثاني إذا رحت مدرسة لازم أنت تساعدني لمدة 6 سنوات قال لي رحمه الله أنت اختار اللي أنت تريده، فقلت له أريد الطب، قال روح طب. في بغداد، في ذلك الوقت كان جراحة القلب في العالم في بداياتها، وأنا صار لي رغبة في أن أكون جراح قلب، فالمحل الوحيد الحقيقة  اللي كانت تقدم فيه جراحة القلب في ذلك الوقت هو السويد، لأنني أعرف إنجليزي فأحسن إلي أن أجي إلى أميركا، فأجيت إلى أميركا، أمضيت 7 سنين في دراسة جراحة القلب، في تكساس موجود كان جراحة قلب محلين، هيوستن وهنا طبعا في نيويورك ودالاس، فلما أنا جئت الحقيقة أنا كنت رقم 3 في كل تكساس، وبعدين درّست في جامعة في تكساس، درّست جراحة القلب والدورة الدموية، وبعدين تركت وبنيت محلي الخاص بنفسي من البداية يعني في محل مثلما بنقول بالعربي يعني مثل القرية يعني هيك بس لأنه أنا الوحيد اللي كنت موجود، الأربعة المستشفيات الأخرى كان عنده ناس يعمل عملياتهم. كنت أنا طالب في الثانوية وكان في معرض للطلاب فعملت أنا صورة في Water color على طريق من بغداد القديمة وفي امرأة تمشي بالطريق عليها العباية وعرضتها، أمير العاصي في بغداد اشتراها، وكان هذا أول ما يشترى لي، يعني في ذلك الوقت لما أعطاني 5 دنانير في ذلك الوقت بالأربعينات 5 دنانير كثيرة فهذا تطور إلى أشياء أخرى، مثلا بعض التصاوير هذه عمرها 40 سنة ولا أكثر، بعدين لما جاءت الخيول حياتي تغيرت بالنسبة إلي كنت أنظر إلى الخيل وأشوف إن هذا حيوان جذاب حيوان عنده شجاعة عنده تعبير عن حالة فتحولت إلى تماثيل، والحمد لله التماثيل انتشرت في كل العالم، مثلما تشوف لو تشوف الخريطة إنه فيها قطع المحلات.

اهتمام بتربية الخيول وإصرار على النجاح

ومنظر الخيول العربية أحبه منذ كنت صغيرا، كنت طفل أشوفهم دائما حوالي، لما أجيت على أميركا حبيت أوجد هواية تأخذ قسم من اللي Stress الإرهاق الموجود في عملي حالات مثل جراحة القلب ومسؤولياتها، فأخذت حصان واحد فهو اشتاق زي ما يقولوا لأنه ذكر فربيته على حصانات Females فجاءني أولاد منها وكذلك الحقيقة العملية استمرت إلى أن لما كنا في تكساس كان عندي حوالي 40 حصان، التربية كانت من زوجتي هي اللي اعتنت فيهم وهي اللي عرضتهم بالمعارض وهي اللي ورتهم للناس وهذه صورتها هي موجودة، بس لما جئنا هنا إلى كولورادو جبنا حوالي 26 حصان بس ما اعتنينا فيهم عناية كافية لأنه الناس يريدوا يشتغلوا 3 وبعدين يأخذوا Off 4 أيام ما بصير الحصان نايم يتألم في نص الليل أو بجيب طفل صغير في نص الليل فهنا ما قدرت ألاقي ناس يعملوا هيك.

أنا لما كنت في أميركا بدأت في clinic أوهايو وتعرفت على زوجتي هناك بعدين صار عندنا أولاد وبنات، دليلة، آدم، سامي، وايدي، بعدما كنت غايب حوالي 14 سنة كنت بالدراسة في أميركا رحت كزيارة قالوا لي جيب محاضرات معاك، وأنا ألقيت محاضرة أنا كنت سعيد لما أنا أنظر على الناس اللي يسمعوا كانوا أساتذة عظماء، جاؤوا يشوفوا شو هذا الشخص تعلم، فالنهاية انتهت إنه رجاء من الحكومة أن أبقى وأدرس في الجامعة فقلت لهم أفكر فيها، فلما رجعت هنا فكرت هنا فيها عملت الترتيبات ورحت هناك كأستاذ في جامعة بغداد لجراحة القلب والدورة الدموية وظللت حوالي أكثر من سنة ونصف ومعها أخذت عائلتي بعدين جاء الوقت إنه أرجع لأميركا، لأنه لا يزال أولادي وزوجتي كذلك بحبوا يزوروا ويتدللوا من أهلي بس ما بحبوا يعيشوا هناك، هذه نصيحة إلى أي واحد إذا بحب يرجع ما لازم يكون عنده أولاد أو بنات في عمر يقدروا يقولوا NO.

[فاصل إعلاني]

تعليق صوتي: الاسم السري الذي يتداوله مرؤوسو جراح القلب العراقي الأميركي الشهير حسام فضلي هو الدكتور perfect تندرا على تدقيقه المزعج أحيانا على كمال العمل العلاجي في مركزه لجراحات القلب، وفي كل عملية جراحية أجراها دون أن يدري أحدهم أن مطاردته هذه للكمال ليست صفة الجراح بل هي صفة الفنان، وهذا الانهماك المبدع هو ما يمنحه الآن القدرة على الاستمرار، إنه رجل يشبه البرونز الخامة المفضلة لتماثيله، يصعب جدا تحطيمه لا المرض أقعده ولا الشيخوخة، وحتى خسارته لإحدى ساقيه بعد عملية جراحية خرقاء فاشلة لم تقهر روحه المتشبثة بالحياة ما دامت الحياة.

تماثيل فنية تعبر عن حب الوطن

حسام فضلي: أنا زي ما بقولوا بالعلم القسم اليمين من الدماغ يشتغل في الحساسية في العواطف، بس قسم اليسار يشتغل في العلم حقائق مبنية على الجراحة، الشخص اللي عنده حساسية عنده خيال imagination يقدر يستعمل هذا في محاولة تعديل الغلط اللي صار أنا رأيي هذا ويشتغل دائما بالنسبة لي ويستعمل طول حياته وهذه الأشياء اللي أعملها أنا أتبعها في حياتي عند عمل أي شيء وهي desire الرغبة، التصميم Design،  determinationالعزم،devotion  الإخلاص، discipline الانضباط، development التطوير،and delivery  التسليم، حقيقة كل أعمالي حتى في الجراحة وحتى في العمل وفي الفن يمر في هذه المراحل لازم حتى يكمل. إذا بتلاحظ إنه أكثر التماثيل هي تمثل الـ Feel الإحساس العربي لأنه لما أنا ربيت الخيول العربية من الطبيعي إنه أعمل تماثيل لها الخيول العربية لأنه بما أنه عربي وأنا عربي كان في مثلما بقولوا إحساس متماثل فأنا حبا بالعرب مش حبا بالحصان، يعني بالرغم من ثقافتي الأميركية وصرت جراح قلب أميركي بس أنا عربي وأنا عندي قد إحساس نفسي وفكري إنه الإنسان الذي لا يحترم وما يتذكر أصله لا يمكن أن يحترم المحل الجديد اللي هو فيه.

أنا حبي واحترامي لأبي كنت أريد أخليه كذكرى في حياتي وفي حياة أولادي وأولاد أولادي فعملت هذا التمثال اللي هو أبوي كان يستعمله، كانوا يروحوا يصيدوا وهذه الذاكرة ما خرجت من فكري، أنا كنت مصمما أن أهدي للبلد هذا التمثال الكبير يحطوه في محل ساحة عامة بس مع الأسف العقلية الجديدة في الحكومة الجديدة ما بتقبل أشياء تماثيل، حتى أردت أن أعطي هذا التمثال الذي يمثل النهرين حتى قلت أنا هذا دعوة لكم يا أخواني حتى تتحدوا حطوه في  parliament مجلس النواب لم أجد أي جواب، مع الأسف يعني هذا شو الفن علاقة في السياسة لا أعرف ليش.

هذا اسمهWhy  ليش؟ وهذا كان نتيجة أني رحت العراق وأخذت معي مساعدات أدوية وما أعرف إيش، وزعناها على البلد كله، فلما رحت على أحد المستشفيات للزيارة لقيت هذه الأم تحمل الطفل مثل عصرت قلبي، ما بصير هيك حرام، فلما رجعت على البيت عملت التمثال وفي الواقع دزيته إلى كلينتون دزيته إلى مرته ما سمعت منهم فممكن أنا غلطت أو لأ، أرادوا أن يحطوه في  library تبوعهم  بس أنا قلت مش هذا قصدي، قصدي إنه هم يحسوا بالغلط ويصلحوا الغلط فلما ما سمعت منهم هذه النتيجة فأنا تألمت وقلت لهم أنا أريد تماثيلي ابعثوها إلي.

لما كان (embargo) الحصار على العراق أرادوا أن يهجموا بعد embargo فأنا تألمت كثيرا فساويت تمثال سميتهThe piece Maker  صانعو السلام،Three women واقفين إيد بإيدهم وبينظروا على السماء (Hoping No war)  يتأملون أن لا تقع الحرب، في الحقيقة بعثته إلى مرته لبوش وقلت لها أنها أم عندها أولاد وفي أم في كل العالم عندهم أولاد ما يريدهم يموتوا، فحرام قولي لزوجك ما لازم الحرب، كما في لزوم للحرب، في (embargo) ما في لزوم للحرب، فكتبت لي رسالة لطيفة يعني ما فيها شك بس تأمل إنه ما بصير حرب بس الحقيقة زوجها سوى الحرب رمى القطعة أي السلام.

في مجال جراحة القلب بتلك المنطقة كنت رائدا في هذا المحل، فأنا أفتخر بعملي اللي سويته وكفنان يعني أنا صعب إني أقول أنا مشهور لأنه لا أريد التباهي بنفسي بس أنا معروف في كل العالم، معروف أعمالي منشورة في كل المحلات في العالم والناس بيطلبوا تماثيلي، يخابروا ويريدون، أنت كيف شو بتسميني أنت؟

تعليق صوتي: الجراح الفنان أمضى أكثر من نصف قرن في أميركا وتحققت فيها أحلامه كلها صار اسمه داخل كل موسوعات جراحة القلب وباسمه يعمل مركز جراحي كبير في مدن أميركية عدة، وتماثيله البرونزية ترصع الميادين وتقتنيها المتاحف حول العالم وله أربعة عيال ناجحون كبيرهم كهل ولكن لعلها وحدته تنغص عليه حياته الآن، فالزوجة والعيال مشغولون بأنفسهم في ولايات بعيدة وهو وحده في Loveland ربما ولكنه يشعر بأن هناك فجوة أخرى في قلبه قطعة ناقصة لا تستطيع أميركا الكبيرة البراقة أن تشغل مكانها اسمها العراق فكما أن الذهب لا يصدأ فإن أمثال حسام فضلي لا ينسون أوطانهم مهما أبعدوا عنها.