حديث الثورة

تساؤلات عن بداية الثورة السورية ومآلاتها؟

ناقشت حلقة (28/2/2016) من برنامج “حديث الثورة” طبيعة النظام السوري والدعوات المطروحة للحفاظ على جيشه وأجهزة دولته في ذكرى اعتقال أطفال درعا الذين أشعل تعذيبهم شرارة الثورة.
تقترب الثورة السورية من إتمام عامها الخامس، لكن شرارتها الأولى بدأت في أيام كهذه.. أطفال في درعا خطوا عبارات مناهضة للنظام على جدار إحدى مدارس درعا البلد كاسرين جمود عقود من الصمت والخوف.

طفولتهم لم تعصمهم من استهداف أجهزة النظام الأمنية، فتعرضوا واحدا بعد الآخر للاعتقال والتعذيب بدءا من الـ27 من فبراير/شباط 2011.. خرج أهالي درعا البلد في مظاهرة يطالبون بإطلاق سراحهم، فردت عليهم قوى الأمن بالرصاص.. ثم عمت المظاهرات أرجاء سوريا، احتجاجا على القمع والاستبداد والفساد وكبت الحريات.

فهل كانت سوريا ستصل إلى ما وصلت إليه اليوم لو تعاملت أجهزة النظام الأمنية بشكل مختلف مع أهالي درعا وذويهم؟ وما هي طبيعة تركيبة النظام السوري والعوامل التي دفعته لاعتماد الخيار الأمني والإصرار عليه حتى اليوم في مواجهة معارضيه؟

وهل أجهزة الأمن السورية -التي تسببت بممارساتها القمعية في تفجير الوضع السوري وتحويل أزمته الداخلية إلى أزمة دولية- قابلة للإصلاح؟

وهل الدعوات المنادية بالحفاظ على أجهزة النظام بدعوى حماية الدولة يمكن أن تحقق استقرارا في سوريا؟

تساؤلات عدة حاولت حلقة (28/2/2016) من برنامج "حديث الثورة" بحثها، وناقشت طبيعة النظام السوري والدعوات المطروحة للحفاظ على جيشه وأجهزة دولته في ذكرى اعتقال أطفال درعا الذين أشعل تعذيبهم شرارة الثورة.

أبو علي محاميد -أحد وجهاء مدينة درعا الذين التقوا الرئيس بشار الأسد عقب اعتقال الأطفال في المدينة- قال إن الشعب السوري كان مهيأ للثورة بسبب الظلم الواقع عليه، وكانت حادثة تعذيب الأطفال بمثابة "القشة التي قسمت ظهر البعير"، مشيرا إلى أن مواجهة المظاهرات السلمية التي خرجت في درعا بالرصاص كانت سببا في اندلاع الثورة.

وأضاف محاميد أن الأسد وعد وجهاء درعا عندما قابلوه بالإصلاح، لكن هذا لم يحدث، بل تم اقتحام درعا البلد بالدبابات. وروى محاميد عن الأسد قوله لأحد الوجهاء "لقد أزعجت خالتي بإقالة عاطف نجيب" (ابن خالة بشار الأسد وهو رئيس فرع الأمن السياسي في درعا)، مؤكدا أن الأسد اهتم لإقالة نجيب أكثر من اهتمامه لدماء من قتل.

من جهته، يرى مدير مؤسسة "غنوسوس" الإعلامية عمار وقاف أن شرارة الأحداث انطلقت في سوريا قبل حادثة اعتقال الأطفال، ففي فبراير/شباط 2011 دعا البعض لما سمي "يوم الغضب السوري"، مشيرا إلى أن الحديث وقتها كان طائفيا، وأضاف أن البعض كان يريد إسالة الدماء في درعا.

وقال وقاف إن الدولة السورية لم تتعامل مع المظاهرات إلا كما تعامل معها نظاما مصر وتونس.

نظام قمع
في المقابل، قال هشام مروة نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض إن التعذيب الشديد الذي مورس بحق الأطفال الصغار فجر ينابيع الغضب عند الشعب السوري وأشعل ثورته.

أما أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية ببيروت سامي نادر فقال إن النظام الذي يلجأ للعنف لا يمثل دولة، وإنما نظام قمع، أما الدولة فترتكز على المؤسسات وقيم، منها احترام حقوق الإنسان، مضيفا أن النظام السوري لا يمثل سوى مكون واحد من مكونات الشعب السوري.

وهو ما اختلف معه عمار وقاف الذي أكد أن عماد الدولة السورية يتشكل من السنة، مضيفا أن هناك سوريين انتفضوا ضد الدولة القائمة، بينما احتمى سوريون آخرون بها.

وفرق مروة بين مواجهة الإرهاب من جهة، والمؤسسات السورية وتسوية الأزمة من جهة أخرى، مضيفا أن النظام السوري أراد استغلال الإرهاب لتسويق نفسه دوليا كمحارب له بينما هو من صنعه.

وأضاف مروة أن المطلوب في سوريا هو إصلاح إدارات الدولة المدنية، وإعادة هيكلة أجهزة الأمن بالكامل.

من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية سامي نادر إن جيش النظام دخل في أزمة مشروعية عندما استعان بدول ومليشيات أجنبية، ولا يمكن بناء الدولة الجديدة على أنقاض هذه المؤسسات، وإنما يجب البناء على عقد اجتماعي جديد.

وأضاف أنه من الممكن لروسيا أن تلعب دورا أساسيا في أي تسوية قادمة، بحيث تضمن حقوق المكون السني.

في المقابل، قال عمار وقاف إن المؤسسات السورية بما فيها الجيش "وطنية"، لكن هشام مروة قال إن "الجيش الذي يقتل شعبه لا يمكن أن يكون وطنيا".