الماكينات الألمانية توقف "رقصة التانغو"

أحمد السباعي-ريو دي جانيرو

حزم نحو مائة ألف أرجنتيني حقائبهم وبدؤوا بالعودة إلى بلادهم حاملين خيبتي أمل، أولاها خسارتهم النهائي الثاني أمام ألمانيا وبالنتيجة نفسها بعد 24 عاما في عام 1990 بإيطاليا، والخيبة الأخرى تكمن بالمستوى الذي ظهر فيه قائد المنتخب ليونيل ميسي، وإخفاقه في تكرار إنجاز مارادونا وقيادة فريقه لحمل الكأس الذهبية.

لا مكان لموطئ قدم في الكوباكبانا، فعشرات آلاف الأرجنتينيين افترشوا الشاطئ والساحات والشوارع هناك، واصطحبوا عائلاتهم وحملوا أمتعتهم وحتى طبخوا في الشارع، وكل هذا على أمل العودة بالنجمة الثالثة، لكنها كانت بعيدة عن متناول ميسي ورفاقه.

جمهور "البيسيليستي" كان مصدوما وهو يرى منتخبه يخسر، فخرج غاضبا من منطقة الجماهير، واشتبك بعضه -للمفارقة- مع جمهور البرازيل، لكن الإجراءات الأمنية المشددة حالت دون تفاقم الأمور.

ولم يحصل "المانشافيت" على اللقب والنجمة العالمية الرابعة فقط، بل حقق سابقة بالمونديال كأول دولة أوروبية تفوز بكأس العالم في أميركا الجنوبية، واللافت في المشهد -الذي رافق نهاية العرس الكروي- الحشد الجماهيري الداعم للألمان الذين شغلوا حيزا واسعا من الشاطئ الأشهر في العالم، ولكن مع الاقتراب منهم تبين أن قسما كبيرا منهم يتحدثون اللغة البرتغالية، أي إنهم برازيليون يرتدون قميص "المانشافت" ويشجعونه.

وكان واضحا الكره الكبير الذي يكنه جمهور "السامبا" لمنتخب "التانغو" وتحديدا لمارادونا وميسي وخصصوا أغنية لمهاجمتهما، وبعدما شمت الأرجنتينيون "بجيرانهم" في مباراتي نصف النهائي وتحديد المركز الثالث رد "أبناء السيلسياو" الصاع صاعين باحتفالهم بضياع اللقب من "راقصي التانغو".

‪تحضيرات جماهير الأرجنتين لنهائي المونديال‬ (الجزيرة)
‪تحضيرات جماهير الأرجنتين لنهائي المونديال‬ (الجزيرة)

أين ميسي?
وأكد الأرجنتيني ماكسويل -الذي كان يبكي حزنا على الخسارة- أنهم كانوا يأملون بالذهاب إلى ضربات الجزاء لأنها كانت منصفة للطرفين، فالمنتخبان أضاعا العديد من الفرص وتقاسما السيطرة على المباراة، ولم يكن أي منهما يستحق الفوز، ويسأل "أين ميسي؟ كان الحاضر الغائب في المباراة؟ كنا نعول عليه ليعيد أمجاد مارادونا، إلا أن الأخير من كوكب آخر، ولن يأتي من يخلفه، حتى جائزة أفضل لاعب في كأس العالم لا تعنينا طالما خسرنا الأهم".

ويختم ماكسويل "المنتخب الذي يعتمد على لاعب واحد لا يستحق أن يكون بطلا للعالم، الألمان منتخب جماعي، لديه تشكيلة أساسية ممتازة واحتياط بمستوى الأساسيين، وهذا ما ظهر جليا في تبديلات لوف مدرب منتخب ألمانيا، حيث إن البديل سجل هدف الفوز".
 
وكان التذمر من أداء ميسي واضحا بين الأرجنتينيين، فمنهم من قال "إنه لم يقدم المأمول منه"، وآخرون "رغم اعتبارهم أنه ليس سوبرمان ولا يمكن أن يواجه 11 لاعبا ألمانيا وحده فإنه كان بعيدا عن مستواه".

أما الألمان الذين كانت أعدادهم تتزايد بشكل كبير، وكأن ألمانيا على حدود البرازيل، فكان معسكرهم يصدح بأغاني برازيلية، وتزينه ألوان العلم البرازيلي إضافة إلى الألماني، وحتى بيع العلم والقميص الألمانيين ازدهر بقوة أمس، وقال أحد التجار الصغار للجزيرة نت "الطلب كبير، أمر لا يصدق".

ويشير الألماني فيليب إلى الاحتفالات في وسط الشارع، قائلا "نشعر وكأننا في برلين أو ميونيخ، أبناء البرازيل فرحون مثلنا، الجميع صغار وكبار يرقصون ويغنون ويشمتون بالأرجنتين".

ويتابع أن المباراة كانت جيدة وشهدت العديد من الفرص، لكننا في الشوطين الإضافيين "سيطرنا على المباراة وتحكمنا بمجرياتها، وتبديلات لوف أثمرت هدف ماريو غوتسيه، الشاب البالغ من العمر 22 عاما، والذي أصبح بطلا قوميا".

وامتدت احتفالات ورقص الألمان والبرازيليين إلى الشوارع الداخلية بمدينة ريو دي جانيرو، ولم تخلُ هذه الشوارع من مشاحنات لفظية ومعارك كلامية وحوارات غير لائقة بين الطرفين. وقالت البرازيلية إميلي -التي دخلت في نقاش حاد مع أحد جماهير "التانغو"- "هل يريدون الفوز باللقب على أرضنا وفي ملعب الماركانا؟ سامحنا ألمانيا رغم الخسارة الكبيرة، بالنسبة لنا الفرحة بخسارتهم اللقب (الأرجنتين) توازي فرحتنا بالفوز فيه".

المصدر : الجزيرة