تونسيون هجروا الرياضة نحو "الجهاد" بسوريا

محمد حسن الكواش لم يكن التونسي الوحيد الذي اعتزل الرياضة واختار الانضمام للجيش الحر في سوريا
عائلة محمد حسن قالت إن ابنها كان ضحية التهميش بالنادي الأفريقي (الجزيرة)

مجدي بن حبيب-تونس

لم يدر بخلد العامل البسيط منير الكواش ولا زوجته أن يكون ابنهما لاعب النادي الأفريقي (دوري الأضواء) محمد حسن قد اختار طريق "الجهاد" في سوريا وهو يعلمهما بقراره اعتزال كرة القدم على خلفية "إقصائه" من الالتحاق بالفريق الأول للنادي بداية الموسم الكروي الجاري في سبتمبر/أيلول الماضي.

محمد حسن -المولود عام 1994 والذي كان من الأسماء الصاعدة في فرع كرة القدم بنادي العاصمة التونسية- لم يظفر بمكان ضمن تشكيلة الفريق الأول، مما دفعه للانتقال إلى نادي اتحاد المنستير (وسط شرق) ليلبث هناك بضعة أيام قبل أن يقرر الابتعاد عن الكرة والتغيب لفترة ما.

مرت أيام قبل أن يتلقى الأب اتصالا مفاجئا من ابنه لإعلامه بوصوله إلى الأراضي السورية والتحاقه بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الذي يقاتل نظام الرئيس بشار الأسد.

وحسب والدته، فإن الابن كان ضحية التهميش الذي تعرض له بالنادي الأفريقي بعد أن خاب أمله في الصعود إلى الفريق الأول رغم تألقه مع الشبان بشهادة مدربيه وزملائه. وقالت للجزيرة نت "لم أستشعر تغييرا في طباع ابني بعد حالة الإحباط التي عاشها، علمت من بعض أصدقائه في 9 سبتمبر/أيلول الماضي بأنه وصل إلى الأراضي السورية والتحق بصفوف المجاهدين".

بدوره، اتهم والده منير إدارة النادي الأفريقي بأنها دفعت بطريقة غير مباشرة لاعبها للدخول في "حرب ليست حربه" قبل أن يصل نبأ وفاته للعائلة يوم 5 يناير/كانون الثاني الماضي عندما نشرت صفحات "أنصار الشريعة" (جماعة ذات توجه سلفي جهادي محظورة في تونس) صور اللاعب بعد مقتله، علما أن عائلة الكواش رفعت دعوى قضائية ضد الجهات التي تقف وراء تسفير ابنها إلى سوريا.

‪عائلة الكواش رفعت شكوى ضد الجهات‬  (الجزيرة)
‪عائلة الكواش رفعت شكوى ضد الجهات‬ (الجزيرة)

عشرة رياضيين
ولم يكن محمد حسن الكواش التونسي الوحيد الذي اعتزل الرياضة واختار طريق "الجهاد" في سوريا، بل إن العدد حسب مصادر غير رسمية يناهز عشرة رياضيين كانوا إلى وقت غير بعيد ينشطون باختصاصات مختلفة قبل أن يقتحموا غمار حرب قضى فيها بعضهم نحبه.

وفي أواخر مارس/آذار الماضي أعلن عن مقتل لاعب النادي الأفريقي لكرة السلة غيث النقاع في غارة شنها الجيش السوري على معاقل "الجهاديين". وكان النقاع (21 عاما) -والذي انتمى إلى الأفريقي وشبيبة المنازة- سافر إلى سوريا مطلع عام 2014، علما أنه سبق له العمل في مجال عروض الأزياء.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي أعلن عن سفر لاعب منتخب الجودو أمين قانة للانضمام إلى "تنظيم الدولة" قبل أن يلتحق به لاعب كرة القدم بالنجم الساحلي نضال السالمي.

ورغم تكتم الأوساط الرسمية في تونس عن الظاهرة فقد سرت معلومات وفاة لاعبي منتخب التايكواندو نضال السبوعي وناجح الغابري بعد أن سافرا العام الماضي "للجهاد" في سوريا، غير أن مصادر أخرى أكدت أنهما لا يزالان في عداد الأحياء.

‪الجويلي: الظاهرة تعكس رغبة الرياضيين الجهاديين بالدفاع عن الإسلام ونصرته‬ (الجزيرة)
‪الجويلي: الظاهرة تعكس رغبة الرياضيين الجهاديين بالدفاع عن الإسلام ونصرته‬ (الجزيرة)

حالة من الإحباط 
وتعكس ظاهرة سفر رياضيين تونسيين للـ"جهاد" في سوريا حسب دكتور علم الاجتماع محمد الجويلي "رغبة جامحة من الرياضيين الجهاديين في تحويل البطولات من فردية تخص فريقا معينا إلى انتصارات للأمة الإسلامية وفي حمل وزر الدفاع عن الإسلام ونصرته".

ويرى أستاذ علم الاجتماع بالجامعة التونسية أن حالة الإحباط والشعور بالظلم في الرياضة مثلت أرضية خصبة لسفر بعض الرياضيين للجهاد لاعتقادهم أنهم سيحققون انتصارات في ميادين أشمل على غرار اللاعب الأفريقي حسن الكواش.

وحسب مصادر إعلامية مختلفة، وصل عدد "الجهاديين" التونسيين في سوريا منذ اندلاع الحرب ربيع 2011 إلى نحو أربعة آلاف.

وظلت ظاهرة الجهاد في سوريا من الملفات الحساسة والمسكوت عنها من قبل السلطات التونسية، كما تناولتها وسائل الإعلام بتحفظ شديد لشح المعلومات الرسمية، خصوصا بعد أن قطعت تونس علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق إثر اندلاع الحرب.

يذكر أن الحرب السورية شهدت مقتل لاعب كرة القدم الألماني ذي الأصول التركية بوارك كاران (20 عاما)، كما تداولت مصادر إعلامية خبر التحاق حارس مرمى الهلال السعودي حسن العتيبي واللاعب الفرنسي من أصل مالي لاسانا ديارا بكتائب "الجهاد"، غير أن اللاعبين فنّدا تلك المعلومات.

المصدر : الجزيرة