شبهات الفساد تؤرق أولمبياد سوتشي


أشرف رشيد-موسكو

ينطلق أولمبياد سوتشي الشتوي مساء اليوم في منتجع سوتشي المطل على البحر الأسود جنوب غربي روسيا وسط انتقادات لما وصف بالإنفاق الخيالي من قبل الحكومة استعدادا لاحتضانه، وشكوك حول فساد مستشرٍ وصفقات خفية كان الأولمبياد بمثابة غطاء شرعي لها. وفي المقابل, شككت السلطات في صحة الإحصائيات التي تروجها المعارضة حول الحجم الحقيقي لتكلفة الأولمبياد.
 
وقدر حجم الإنفاق لتنظيم الأولمبياد بخمسين مليار دولار, وهي الكلفة الأعلى مقارنة بغيرها من دورات الألعاب الشتوية منها والصيفية، وهو ما أكده بوريس نمتسوف أحد قادة المعارضة الروسية الذي نشر نهاية العام الماضي تقريرا ضمنه معلومات وصفت بالمرعبة تسلط الضوء على حجم الاختلاسات ومدى حجم الفساد وسوء الإدارة اللذين تخللا التحضيرات للأولمبياد.

يقول التقرير إن تكلفة الإنشاءات فاقت بمرتين ونصف مثيلاتها في دورات أخرى، وإذا كانت التكلفة الحالية قد بلغت خمسين مليارا، فإن إجراء عملية حسابية بسيطة يبين أن تكلفة الأولمبياد من دون اختلاسات يجب ألا تتعدى عشرين مليارا.  

ولفت التقرير إلى أن متوسط تكلفة بناء الملعب الرئيسي بلغت 19500 دولارا للمتفرج الواحد، في حين لا يتعدى هذا الرقم في المرافق الرياضية المماثلة مبلغ ستة آلاف دولار للمتفرج، أي بفارق يفوق ثلاثة أضعاف.

ويورد التقرير مثالا على الاختلاسات يبين أن تكلفة تعبيد الطريق السريع بين "إدلر وكراسنايا بالانا" بطول 48 كيلومترا بلغت تسعة مليارات دولار، ويخلص بشيء من السخرية إلى أن هذا المبلغ كان كافيا لتمويل أربع رحلات فضائية إلى كوكب المريخ. 

‪نمتسوف: تكلفة الإنشاءات في سوتشي فاقت بمرتين ونصف مثيلاتها‬  (الجزيرة)
‪نمتسوف: تكلفة الإنشاءات في سوتشي فاقت بمرتين ونصف مثيلاتها‬  (الجزيرة)

قضايا جنائية
وأبدى معدو التقرير استغرابهم من "أن أحدا لم يسمع عن رفع أية قضايا جنائية أو توقيف متورطين في شبهات الفساد والاختلاسات، وأن جميع المسؤولين عن تنظيم الأولمبياد هم أشخاص ضمن دائرة معينة، وكذلك الحال فيما يتعلق بالشركات التي استحوذت على تنفيذ المشاريع.

وتعليقا على ما سبق، شكك الخبير الاقتصادي يفغيني سيديروف في الأرقام التي تتحدث عن إنفاق خمسين مليار دولار، قائلا "إن هذه المعلومات غير مؤكدة وهي مجرد تقديرات، كما تساءل "لماذا لا نأخذ بالأرقام التي يوردها المسؤولون وهي أقل من ذلك بكثير؟"

وأضاف الخبير "أنا لا أدّعي بأن التحضيرات لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية كانت شفافة ولم تتخللها عمليات فساد واختلاس أموال، لكن جميع المشاريع الكبرى تحدث فيها هذه الأمور، وهناك فرق بين أن تكون هناك مجرد شبهات وشكوك وبين الاستناد إلى أدلة وبراهين".

وأوضح سيديروف في حديثه مع الجزيرة نت أنه "من المؤكد أن الوقت سيأتي للمحاسبة، علينا أن ننتظر لحين انتهاء الأولمبياد، حينئذ سيكون الوقت مناسبا أكثر لإثارة هذه القضايا".

‪سيديروف: علينا الانتظار لحين انتهاء الأولمبياد لرفع قضايا الفساد‬ (الجزيرة)
‪سيديروف: علينا الانتظار لحين انتهاء الأولمبياد لرفع قضايا الفساد‬ (الجزيرة)

اختيار المكان
ومن الانتقادات الأخرى التي لحقت منظمي أولمبياد سوتشي بحسب التقرير، "اختيار مدينة مناخها معتدل ما سيكلف الخزينة مبالغ إضافية طائلة لتتكيف مع متطلبات الأولمبياد الشتوي، إضافة إلى تكاليف التشغيل والصيانة والطاقة، رغم أن أغلب مناطق روسيا باردة وتغطي الثلوج معظم مساحتها.  

ولفت التقرير إلى أن تعداد السكان في مدينة سوتشي يبلغ نحو نصف مليون نسمة, في حين أن مقاعد المتفرجين في المرافق الأولمبية المختلفة تناهز مائتي ألف مقعد ومن الواضح أن مقاعد المشجعين ستمتلئ فقط خلال انعقاد الأولمبياد وستبقى خاوية بعد ذلك, حسب التقرير.  

وردا على هذه الانتقادات، اعتبر سيديروف "أن سوتشي مشروع كبير ستجني روسيا منه مكاسب كبيرة على المدى البعيد، ولن ينتهي دورها بانتهاء الأولمبياد، هناك طموح في أن تتحول المدينة إلى وجهة سياحية عالمية على مدار العام، هذه المدينة كانت مقصدا للسياح في فصل الصيف، والآن ستصبح منتجعا شتويا من الدرجة الأولى".

وأوضح سيديروف أنه "قد تم تشييد مدينة عصرية متكاملة، بكل ما تتطلبه من بنية تحتية وشبكة طرق وجسور ومرافق رياضية وترفيهية وخدمية وفنادق، وعلينا ألا ننسى أيضا أن سوتشي ستستضيف بطولة كرة القدم عام 2018، حينها ستكون المدينة جاهزة عمليا لهذه الفعالية".

المصدر : الجزيرة