أي علاقة ستكون بين الأطفال والمساعد الذكي؟

blogs - robot

أثار تزايد شعبية أنظمة المساعدة الذكية التي أنشأتها شركات مثل أمازون وغوغل وعلي بابا حول العالم، جدلاً بشأن كيفية تأثير هذه البيئة الدخيلة الجديدة على حياتنا، وبالأخص على طريقة تنشئة الأطفال.

ولئن ذهبت أغلبية المهتمين إلى قبول المساعد الذكي لما يقدمه من خدمات توفر كثيرا من الوقت بالنسبة للبالغين، فإن قسما من الباحثين يرى أن تفاعل الأطفال مع هذه المساعدات الذكية قد ينطوي على مخاطر كبيرة على إدراكهم خاصة عندما لا يتبين إن كان ما يتفاعل معه هو آلة أم بشر.

تستند خدمة المساعد الرقمي الشخصي على برامج تستخدم الذكاء الصناعي وموجودة في السحاب الرقمي، وهي مصممة لمساعدة المستخدمين على إنجاز بعض المهام عبر الإنترنت. وتشمل هذه المهام الإجابة عن الأسئلة، وإدارة جداول الأعمال، والتحكم في المنزل، وتشغيل الموسيقى وغير ذلك.

تشير التقديرات إلى أن نحو 500 مليون شخص في العالم يستخدمون حاليا أو استخدموا سابقا مساعدًا رقميا يعتمد على الصوت. ومن المتوقع أن يتضاعف هذا العدد أربع مرات تقريبا في السنوات الثلاث القادمة


ويُطلق في بعض الأحيان على المساعدين الرقميين الشخصيين تسمية المساعدين الشخصيين فقط أو المساعد الصوتي الذكي إذا كانت الخدمات صوتية. ويعتبر المساعد الشخصي لغوغل "غوغل هوم" إلى جانب نظرائه "أليكسا" من شركة أمازون، و"سيري" من أبل، و"كورتانا" من مايكروسوفت، أبرز المساعدين الشخصيين في الأسواق العالمية اليوم. وتعتمد هذه التطبيقات الذكية أساسا على الصوت في التفاعل مع المستخدم.

وتشير التقديرات إلى أن نحو 500 مليون شخص في العالم يستخدمون حاليًا أو استخدموا سابقا مساعدًا رقميا يعتمد على الصوت. ومن المتوقع أن يتضاعف هذا العدد أربع مرات تقريبًا في السنوات الثلاث القادمة، وسيصل عدد مستخدمي المساعد الصوتي الذكي إلى 1.8 مليار شخص بحلول عام 2021. كما ستكون نصف عمليات البحث عبارة عن عمليات بحث صوتي بحلول عام 2020. إضافة إلى ذلك، ستكون 30% من عمليات تصفح الويب دون شاشة.

وحسب موقع كوغنيليتكا لتحليل المعطيات المتعلقة باستخدام الذكاء الصناعي، فإنه سيتم استخدام المساعد الذكي الصوتي في السيارات بنسبة 51%، و39% في المنازل، و6% في الفضاءات العمومية، و1% في العمل.

وفي المنزل ستوكل لهذه الأنظمة الذكية مهام المعين المنزلي الذكي، إذ سيقوم مثلا بالتحكم في أجهزة المنزل فيشغل التكييف، ويطلعك على ما يتوفر في الثلاجة من مأكولات، وإن كان عليك التزود ببعضها عند قرب نفادها، وتذكيرك بمواعيدك العائلية وغير ذلك. لكن المهام الأخطر التي ستوكل للمساعد الشخصي هي الاعتناء بالأطفال والتواصل معهم والإشراف على تعليمهم وتربيتهم.


يثير انتشار استخدام هذه التكنولوجيا الذكية قضية لا يمكن تجاهلها حسب المختصين، وهي آثار استخدام الأطفال للمساعد الصوتي الذكي ونوع العلاقة التي يجب أن تكون بينه وبين الطفل

وليست هذه المهمة الأخيرة محض خيال أو خلاصة دراسة استشرافية، بل هي واقع ملموس في بعض الدول المتقدمة كالمملكة المتحدة، حيث تشير الدراسات إلى أن عدد الأطفال الذين يتفاعلون مع المساعد الذكي يناهز المليونين حاليا. وتسيل هذه الشريحة من المستخدمين لعاب شركات التكنولوجيا، إذ أنتجت بعض شركات التكنولوجيا مثل شركة أمازون إصدارات خاصة بالأطفال من مساعدها الصوتي. 

ويثير انتشار استخدام هذه التكنولوجيا الذكية قضية لا يمكن تجاهلها حسب المختصين، وهي آثار استخدام الأطفال للمساعد الصوتي الذكي ونوع العلاقة التي يجب أن تكون بينه وبين الطفل.

ويتوجس الكثيرون من عواقب السماح للأطفال باستخدام المساعد الذكي في إنجاز واجباتهم المنزلية أو اللعب بها، ويرون أن قدرة هذه الأجهزة على التعرف على الصوت وتفسير نبرات الطفل والتفاعل معه بما يناسب مثلها مثل البشر قد يثير خلطا في عقول الأطفال بشأن ماهية ما يتعاملون معه إن كان آلة أم بشرا، ويفتح المجال لبروز علاقة عاطفية بين الطفل ومساعده الذكي.

وما يزيد من خطورة الأمر أن شركات التكنولوجيا تذهب بعيدا في تصور العلاقة بين المساعد الذكي والطفل، إذ تقول شركتا غوغل وأمازون إن مساعديهم يمكنهم تعليم أطفالنا الأخلاق، وبإمكانهم -على سبيل المثال- مكافأة الطفل على استخدام كلمات مثل "من فضلك" أو "شكرا".

ويجادل المنتقدون بأنه علينا تعليم الأطفال التمييز بين الآلات والأشخاص. فهل علينا معاملة المساعدين الأذكياء بأدب مثلا؟ حسب هؤلاء الإجابة هي لا، لأنهم ليسوا بشرا والأخلاق لا تنطبق في التعامل مع الآلات رغم أن صوت المساعد الذكي ونبراته تتغير حسب المواقف مثله مثل البشر، وهو ما يربك الطفل. ونحن لا نكتب عند إجراء عمليات بحث على غوغل "من فضلك".

من المؤكد حسب المهتمين بهذا الشأن، أن الحل لا يكمن في منع استخدام هذه الأجهزة بشكل كلي، بل في تعليم الأطفال أن المساعد الذكي هو مجرد آلة لها استخدامات معينة كما هي الحال مع أجهزة الحاسوب أو الهواتف الذكية، فهي توجد بيننا لأغراض محددة. وكذلك في تطبيق الاحتياطات والحماية المتعلقة بالمحتوى على غرار الإجراءات المعمول بها في شبكة الإنترنت اليوم.

المصدر : الجزيرة