كيف تساعد دراسة البراكين الأرضية على فهم تطور الحياة والنظام الشمسي؟

The Villarrica Volcano is seen at night from Pucon town, Chile, Picture taken November 6, 2018. Picture taken November 6, 2018. REUTERS/Cristobal Saavedra Escobar TPX IMAGES OF THE DAY
دراسة النشاط البركاني قد تكون مفتاحا لفهم كيفية تطور الحياة بشكل معمق (رويترز)

على الرغم من أننا نخشى البراكين النشطة التي قد يكون تأثيرها مدمرا، فإن هذه القمم الجيولوجية تعرِض نبض العديد من الكواكب والأقمار، وتقدم قرائن عن كيفية تطور هذه الأجسام من سوائل كيميائية إلى أنظمة معقدة للغازات والصخور التي نراها اليوم، مما قد يساعدنا على فهم كيفية تطور الحياة بشكل معمق.

وقالت الكاتبة لوني شكتمان في تقرير نشره موقع "فيز" الأميركي، إن اكتشاف هذه الحقائق هو ما يحفز علماء الكواكب في "مركز غودارد لرحلات الفضاء" التابع لإدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) في غرينبيلت بولاية ميريلاند؛ على الدخول إلى أوساط غير مضيافة على هذا الكوكب، مثل حقول الحمم البركانية والبراكين التي يكسوها الجليد.

وحيال هذا الشأن، أوضح عالم الجيولوجيا الكوكبية في المركز باتريك آل ويلي أنه "يمكن الاعتماد على علوم الأرض لدراسة البراكين الموجودة على هذا الكوكب، ومن ثم تطبيق هذه المعارف على القمر والمريخ وغيرها من الكواكب الأخرى، ولكن لا يمكننا مشاهدة الانفجارات البركانية عن قرب في أي مكان آخر غير كوكب الأرض".

وأفادت الكاتبة بأنه لولا البراكين الموجودة على سطح هذا الكوكب لكانت الأرض مقفرة. فمن خلال قذف البراكين لصخور منصهرة من أعماقها، ساعدت هذه الأفران الطبيعية الموجودة تحت الأرض في تشكيل القارات. كما أن الغازات المنبعثة من البراكين ساعدت في تكوّن المحيطات والغلاف الجوي منذ مليارات السنين، وهما من العوامل التي مكنت الحياة من الازدهار على الأرض. وحتى يومنا هذا، تساعد البراكين في الحفاظ على الأرض دافئة وصالحة للعيش.

نوافير من الحمم البركانية بموقع قريب من بركان بارداربونغا في آيسلندا (رويترز-أرشيف)
نوافير من الحمم البركانية بموقع قريب من بركان بارداربونغا في آيسلندا (رويترز-أرشيف)

في الحقيقة، يتساءل علماء الفلك هل تلعب البراكين دورا مماثلا في تشكيل الأجسام الفلكية الأخرى؟ وهذا مثال عن الأسئلة التي يرغب ويلي وزملاؤه في الإجابة عنها عبر دراسة تركيبة وهندسة البراكين الأرضية والحمم التي تنفثها. وهم يعتقدون أنه كلما تمكنوا من فهم تطور الحياة على الأرض بشكل أفضل، بات بإمكانهم فهم كيفية تشكل النظام الشمسي.

وبينت الكاتبة أن هناك العديد من الأدلة التي تشير إلى أن البراكين منتشرة بكثرة في النظام الشمسي. فمثلا، تشكلت البقع السوداء الموجودة على سطح القمر من الحمم البركانية التي سالت وتصلبت منذ مليارات السنين. كما يتميز المريخ بامتلاكه أكبر البراكين في النظام الشمسي، التي لم تعد الآن نشطة، فضلا عن كوكب الزهرة الذي يوجد على سطحه الكثير من البراكين التي ربما تكون اليوم نشطة.

كما أوضحت أن البراكين الموجودة في النظام الشمسي مشابهة للبراكين الموجودة على سطح الأرض. ويؤمن العلماء بوجود حياة على قمر "أوروبا" التابع لكوكب المشتري، حيث تنبعث جزيئات من بخار الماء من الشقوق في قشرة الجليد التي تغلف هذا الكوكب.

وفي الواقع، يوجد على القمر "أوروبا" كميات هائلة من الماء السائل، بالإضافة إلى العديد من العناصر الأخرى التي تحتاجها الكائنات الحية. ويأمل بعض العلماء إرسال مركبة لدراسة القشرة الجليدية للقمر بحثا عن جزيئات حيوية، يمكن أن تكشف عما إذا أمكن فعلا العيش على سطحه أم لا.

القمر
القمر "أوروبا" يقول العلماء إنه يضم كميات هائلة من المياه السائلة وبالتالي قد توجد به حياة (رويترز)

وأشارت الكاتبة إلى أنه يتوجب على العلماء أولا البحث عن الحياة في المناطق النائية والقاسية من الأرض. وقد توجه باحثو مركز غودارد إلى آيسلندا -أكثر منطقة شبيهة بالقمر "أوروبا"- لدراسة الغطاء الجليدي المعروف باسم "فاتنايوكوتل". وقد صرحت الخبيرة في علم الأحياء الفلكي بالمركز دينا باور بأن "هذه الأنواع من البيئات الجليدية نادرة، لذلك فهي رائعة جدا، فالفاتنايوكوتل يتيح للعلماء فرصة نادرة لمراقبة الأمور الفيزيائية التي تحدث عندما تتفاعل الحرارة الجوفية مع الجليد مثلما يحدث على قمر أوروبا".

ويهتم علماء غودارد بالحمم البركانية في آيسلندا، الجزيرة التي تكونت خلال الـ15 أو الـ20 مليون سنة الأخيرة من الحمم المتصلبة التي تم قذفها أثناء الانفجارات البركانية المستمرة. وقد زار علماء الجيولوجيا الكوكبية إحدى المناطق المرتفعة قرب الغطاء الجليدي في آيسلندا لإجراء استقصاء حول حقل حمم نشط يسمى "هولوهراون".

وقد تدفقت الحمم البركانية من الشقوق الأرضية وامتدت على مساحة 85 كلم2 بين عامي 2014 و2015. أما الآن، وخلال زيارتهم الثالثة إلى حقل هولوهراون، يسعى علماء الجيولوجيا الكوكبية إلى توثيق التغييرات التي طرأت على المكان منذ زيارتهم الأخيرة.

ويقول ويلي إنه نادرا ما يشاهدون رواسب وحمما بركانية ساخنة في أي مكان في النظام الشمسي، ودائما ما يجدون حمما يبلغ عمرها مليار سنة. ولكن إذا كان بإمكانهم معرفة درجة حرارة الحمم خلال ثوران بركاني معين حدث على الكوكب، فقد يتمكنون من تحديد درجة الحرارة التي مكنت الكوكب من التخلص من هذه الحمم الملتهبة.

وأضاف أن هذا بدوره سيخبرهم عن الوقت الذي استغرقه الكوكب لإنتاج الانفجارات البركانية التي كانت تطلق غازات تساعد في الحفاظ على الغلاف الجوي للكوكب، وهو ما خلق ظروفا ملائمة للعيش على سطحه.

المصدر : مواقع إلكترونية