مهمة جديدة لاستكشاف عطارد.. ما الذي يثير فضول الباحثين؟

NASA's Messenger spacecraft is shown in this undated artist's rendering provided by NASA April 30, 2015. NASA's pioneering Messenger spacecraft is expected to end its four-year study of the planet Mercury by crashing into the planet's surface, scientists said Thursday. Out of fuel to raise its orbit, Messenger is being pushed down by the sun's gravity closer and closer to the surface of the planet Mercury. REUTERS/NASA/Handout via Reuters
المسبار ماسنجر مر بعطارد خلال الفترة بين 2011 و2014 وساعد في الوصول إلى بعض الإجابات (رويترز-أرشيف)

في إطار تعاون مشترك بين وكالة الفضاء الأوروبية (إيسا) ووكالة الفضاء اليابانية (جاكسا) انطلق الصاروخ أريان أمس السبت من غويانا الفرنسية نحو كوكب عطارد ليضع مسبارين في الفضاء في إطار مهمة تدعى "بيبي كولومبو"، ويأتي ذلك في وقت يخطط فيه العالم لبناء مستوطنات على المريخ، فلماذا إذًا لا يزال الباحثون مهتمين بكوكب صغير غير قابل للسكن في النظام الشمسي؟

للوهلة الأولى، فإن عطارد ليس كوكبا استثنائيا، فهو صغير الحجم يماثل حجم القمر تقريبا، وسطحه جاف، ولا يملك تقريبا غلافا جويا مما يجعله حارا جدا خلال النهار وجليديا أثناء الليل، ومع ذلك فإن لدى هذا الكوكب الكثير من الغرابة، بدءا من قربه من الشمس حيث تتأرجح المسافة بينهما من 46 إلى 70 مليون كيلومتر حسب مداره، وهو أقرب الكواكب إلى الشمس، وتاليا بعض الأسباب التي انطلقت من أجلها هذه المهمة الجديدة:

عطارد أفضل لفهم تشكل الكواكب
يقول فرانسيس روكارد عالم الفيزياء الفلكية مدير برنامج النظام الشمسي في مركز دراسات الفضاء القومي "كل من يهتم بتشكل الكواكب عليه أن يملك تصورا جيدا عن الكوكب الأقرب إلى الشمس".

ويضيف روكارد أن هدفهم هو تحديد نموذج كامل لتشكل الكواكب بين عطارد وبلوتو، وهو نموذج لا يزال يحتوي على العديد من المناطق المبهمة.

ويجهل العلماء الكثير عن عطارد، وذلك أنه يستحيل تقريبا رصده من الأرض بسبب قربه من الشمس، كما لم يصل إليه من قبل سوى مسبارين، هما مارينر وماسنجر، ومع أنهما ساعدا في الإجابة عن بعض الأسئلة فإنهما تركا الكثير منها دون إجابة، وهنا يأتي دور هذه المهمة.

سطح عاكس غامض
يقول دومينيك دلكورت عالم الفيزياء الفلكية مدير الأبحاث في منظمة "سي إن آر إس" إن المسبارات السابقة التي مرت بعطارد رصدت أشياء غريبة لا تزال تدهشهم حتى اليوم، وهي أسطح عاكسة مثل المرايا.

وأضاف دلكورت أنه "على سطح عطارد توجد هياكل في قعر بعض الفوهات عاكسة بشكل كبير نسميها "تجاويف"، ولا نعرف ما هي، وهذا ما سنكتشفه".

ويعتقد الباحثون بوجود جليد محصور في القطبين منذ تشكل الكوكب، وسيكون هذا اكتشافا مذهلا على كوكب تتراوح درجة الحرارة على سطحه بين 427 درجة مئوية نهارا وسالب 173 درجة مئوية ليلا.

نواة متضخمة
الأمر الآخر هو أن نواة هذا الكوكب الصغير لا تتناسب كثيرا مع كتلته، حيث تمثل 60% من كتلة الكوكب، في حين تمثل أنوية الكواكب الصخرية الأخرى في النظام الشمسي 30% من كتلتها.

ويجهل العلماء سبب وجود نواة ضخمة لعطارد وما إذا تشكل الكوكب مباشرة مع نواته، أم هل ذهبت قشرته وغطاؤه نتيجة اصطدام، مما تسبب بفقدان جزء كبير من كتلته، بحسب ما يقول العالم روكارد.

حقل مغناطيسي وقلب سائل
الاكتشاف المفاجئ الآخر تحت سطح عطارد من المفترض أن يكون "ميتا"، لكن المسبار "مارينر" الذي أطلقته إيسا صوب الكوكب في 1974 رصد وجود حقل مغناطيسي يوجد فقط على عطارد والأرض وبعض الأقمار، ويعني هذا أن للكوكب قلبا سائلا يدور ويملك تأثير الدينامو.

والتفاعلات بين هذا الحقل المغناطيسي والرياح الشمسية القوية القريبة هي أحد أهداف مهمة "بيبي كولومبو"، وهي دراسة قد تكون مفيدة على الأرض، حيث قد تكون للرياح الشمسية عواقب كبيرة، مثل انقطاع الاتصالات أو التيار الكهربائي.

وسيحاول المسباران -اللذان سيدوران حول عطارد لمدة عام على الأقل- الإجابة عن عدد من هذه الأسئلة، لكن في غضون ذلك سيحتفظ عطارد بأسراره لبضع سنين، حيث ستستغرق مهمة بيبي كولومبو سبع سنوات للوصول إلى أكثر الكواكب غموضا في النظام الشمسي، ومن الضروري التسلح بالصبر، لأن أولى النتائج المتوقعة ستظهر عام 2026.

المصدر : مواقع إلكترونية