تطوير الخرائط الرقمية للسيارات ذاتية القيادة
بدأت بعض الشركات منذ فترة تطوير ما بات يعرف بالسيارات ذاتية القيادة، وعلى رأس تلك الشركات غوغل، التي كشفت أمس الثلاثاء عن أول نموذج متكامل لسيارتها من هذه الفئة، ولكي تكون تلك السيارات قادرة على التحرك في الطرقات دون تدخل الإنسان يلزمها خرائط رقمية عالية الدقة تفوق المستخدمة حاليا.
فعلى خلاف الخرائط الرقمية التقليدية، والتي تكون دقتها من مرتبة المتر، يجب أن تكون دقة خرائط السيارات ذاتية القيادة من مرتبة السنتيمتر، كما يجب أن تزود باستمرار بمعلومات عن حالة الطرقات والحوادث، وفقا لقائد المصممين في قسم الخرائط "هير" التابع لشركة نوكيا، بيتر سكيلمان، الذي يعمل على تطوير خرائط مصممة خصيصا للسيارات ذاتية القيادة.
وتستخدم نوكيا الصور الجوية وصور الأقمار الصناعية نقطة بداية لخرائطها عالية الدقة، كما تستفيد من مئات السيارات التي يتم تحريكها في الطرقات، والمزودة بكاميرات وأنظمة لتحديد الموقع، وأنظمة ليزرية خاصة لقياس المسافة.
ويتم التحكم بسيارات "نوكيا هير" من داخل أحد مراكز الشركة بولاية كاليفورنيا، وقد تم تطوير الحساسات الخاصة بتلك السيارات من قبل مدير الالتقاط الواقعي في نوكيا هير، جون ريستيفزكي، الذي يعمل مع باقي الفريق للحصول على خرائط بمقياس 1:1، بمعنى أنها تعادل تماما قياس المناطق التي تغطيها.
ويضم أسطول السيارات المخصص لتشكيل هذه الخرائط نحو مائتي سيارة مزودة بأنظمة حساسات ريستيفزكي، بالإضافة إلى عشرات السيارات الأُخرى المزودة بنظام أقدم من الحساسات، وتعمل هذه السيارات على مسح الطرقات في ثلاثين بلدا حول العالم، وتعتبر غوغل المنافس الرئيسي لنوكيا في مضمار تشكيل خرائط للسيارات ذاتية القيادة، حيث تمكنت غوغل من بناء الخرائط لأكثر من ألفي ميل بالولايات المتحدة.
ولالتقاط البيانات، تستخدم سيارات "نوكيا هير" نظاما مزودا بأسطوانة دوارة تصدر 32 حزمة ليزرية يتم التقاط وتحليل انعكاساتها، حيث يلتقط هذا النظام سبعمائة ألف نقطة بالثانية، وفق ريستيفزكي، وتتم الاستفادة من هذه البيانات ودمجها مع بيانات الموقع وبيانات أخرى لتشكيل خرائط ثلاثية الأبعاد بدقة من مرتبة السنتيمتر، ولا تستطيع أنظمة هذه السيارات التقاط معلومات لافتات الطرق كونها مغطاة بطبقة عاكسة، لذلك يتم استخدام خوارزمية خاصة للرؤية الحاسوبية.
تحدي الطرقات
ويعتبر تغير أحوال الطرقات من أبرز التحديات التي تواجه مصنعي خرائط السيارات ذاتية القيادة، حيث يجب على هذه الخرائط أن تزود بتحديثات عن الحوادث وتحويلات الطرق وما إلى ذلك بالزمن الحقيقي.
ولذلك تعتزم "نوكيا" تزويد السيارات ذاتية القيادة في المستقبل بحساسات قادرة على التقاط بيانات الطرقات ونقلها عبر شبكات الهواتف النقالة إلى خدمة خرائط "هير" ليتم تحديث حالة الطريق على هذه الخرائط مباشرة.
وتحتاج بيانات الحالة الطرقية إلى بضع ثوان لتنتقل من السيارات ذاتية القيادة إلى مركز البيانات الخاص بخدمة خرائط "هير" لذلك يتوجب على "نوكيا" العمل على تقليص زمن الاستجابة اللازم إلى ميلي ثانية فقط، أي بشكل يسمح بتحديث الخرائط مباشرة لتكون السيارات قادرة على تغيير مساراتها وتجنب المشاكل، وفق سكيلمان.
ويبقى موعد طرح السيارات ذاتية القيادة غير مؤكد حيث يتوقع المؤسس المشارك لغوغل، سيرجي برين، أن تطرح شركته سيارتها ذاتية القيادة للعامة بحلول عام 2017، في حين تتوقع نيسان أن تتوفر سيارتها ذاتية القيادة عام 2020، وقد أطلقت بعض الشركات سيارات قادرة على تنفيذ بعض مهام القيادة آليا، كخطوة أولى على طريق طرح سيارات ذاتية القيادة كليا.
ورغم القفزة النوعية التي ستحققها هذه السيارات في مجال المواصلات، فإن أحدث إحصائية كشفت عن خشية نحو 88% من الأميركيين من ركوبها، مما يفرض على مصنعيها ابتكار وسائل حماية متقدمة وفترة تجريب مطولة قبل أن تنال ثقة المستهلك النهائية.
يُذكر أن غوغل ستبدأ باختبار نموذج سيارتها ذاتية القيادة الذي كشفت عنه أمس ضمن مسارات تجريبية خلال الأيام القادمة، على أن تختبرها في الشوارع الحقيقية في شمال كاليفورنيا العام القادم.
وفي البداية، سيتم اختبار السيارة مع وجود مشرفين يراقبون أداء السيارة باستخدام أجهزة تحكم يدوية مؤقتة للتأكد من اجتيازها لاختبارات السلامة قبل طرحها لاحقا بالأسواق.