تهريب السوريين إلى تركيا.. مهنة تزدهر بمواسم القتل

شباب سوريون يأخذون قسطا من الراحة خلال محاولتهم عبور الحدود إلى تركيا
شبان سوريون يأخذون قسطا من الراحة خلال محاولتهم عبور الحدود إلى تركيا (الجزيرة)

عمر يوسف-حلب

بعد أربع محاولات فاشلة نجح الشاب السوري مهند بعبور الحدود السورية التركية عبر طريق ترابي وعر وطويل قام أحد المهربين في ريف إدلب بإرشاده إليه مقابل مبلغ تجاوز ألف دولار.

وكان مهند (اسم مستعار) قد خرج مع قوافل المهجرين من ريف دمشق قبل نحو ثلاثة أشهر إلى إدلب في الشمال السوري، ثم وجد نفسه هناك أمام خطر جديد جراء تهديدات النظام بالهجوم على مدينة إدلب وريفها، مما دفعه للهروب إلى تركيا.

ويروي مهند للجزيرة نت كيف تواصل مع أحد المهربين عن طريق صديق له في إدلب، حيث أخبره أن المبلغ المطلوب هو 1200 دولار، وأن عليه تسليمه إلى مكتب صرافة يتفق عليه الطرفان، لضمان حقوق الجميع وعدم التعرض لعمليات الاحتيال التي تنتشر بكثافة من مدعي المعرفة بالطرق الآمنة.

وبعد عبور الحدود يقوم الأشخاص الذين وصلوا إلى الطرف التركي بالتواصل مع المهرب وإبلاغه بوصولهم، وكذلك إعلام مكتب الصرافة كي يحول المال إلى المهرب.

وخلال أكثر من أسبوع قام مهند بمحاولات عدة فاشلة فقد خلالها هاتفه المحمول وبعض الأوراق الرسمية المهمة، حيث قبض عليه أفراد حرس الحدود التركي وأعادوه إلى حيث كان، ليقوم المهرب باتخاذ طريق جديد مع مجموعات العابرين للحدود.

ويشير الشاب القادم من ريف دمشق إلى أن من بين العابرين نساء وأطفالا وكبارا في السن من أنحاء سوريا معظمهم تقطعت بهم السبل نتيجة التطورات العسكرية والأوضاع الميدانية الأخيرة في دمشق وحمص ودرعا ووجدوا في الدخول إلى تركيا الأمل الأخير للنجاة.

السوريون العابرون إلى تركيا يسلكون طرقا عبر الغابات لمسافات طويلة بعيدا عن أعين حرس الحدود التركي (الجزيرة)
السوريون العابرون إلى تركيا يسلكون طرقا عبر الغابات لمسافات طويلة بعيدا عن أعين حرس الحدود التركي (الجزيرة)

احتيال

وإن كان الحظ الجيد قد حالف مهند فإن محمود القادم من ريف الرقة تعرض لعملية نصب كلفته ثمانمئة دولار، وذلك بعد أن فشل بعبور الحدود وعاد أدراجه إلى داخل سوريا، حيث اكتشف أن المهرب اختفى وأقفل هاتفه المحمول ولم يتعرف أحد على اسمه أو مكان إقامته.

وفي كل يوم يعبر عشرات السوريين من خلال الحدود السورية التركية بحثا عن مستقبل أفضل وحياة آمنة، ويدفعون آلاف الدولارات للمهربين في الوقت الذي يقع عدد منهم فريسة لضعاف النفوس ممن يقومون بإرسالهم إلى طرق خطيرة طويلة تنتهي بالقبض عليهم من قبل حرس الحدود التركي أو تعرضهم للنيران والموت في حال متابعة المسير.

وقبل أكثر من ثلاث سنوات كانت عملية العبور من سوريا إلى تركيا أمرا متاحا لحملة جواز السفر السوري الساري المفعول، وذلك قبل أن تغلق السلطات التركية الحدود في مارس/آذار 2015 وتفرض التأشيرة لدخول السوريين ضمن شروط يصفها الكثيرون بأنها قاسية وصعبة التحقيق، في حين تعلل الحكومة التركية الأمر بعدم قدرتها على استيعاب المزيد من اللاجئين السوريين على أراضيها.

إغلاق تركيا المعابر البرية مع سوريا في 2015 دفع آلاف السوريين إلى عمليات التهريب (الجزيرة)
إغلاق تركيا المعابر البرية مع سوريا في 2015 دفع آلاف السوريين إلى عمليات التهريب (الجزيرة)

الآلاف يهربون
ومع اشتداد القصف من النظام السوري على مناطق سيطرة المعارضة المسلحة واستخدام الأسلحة المحرمة دوليا -ومن بينها البراميل المتفجرة– توجه الآلاف هربا من الموت إلى الحدود السورية التركية، وراجت مهنة التهريب وأصبحت تدر على أصحابها آلاف الدولارات كل يوم.

وبشأن أسباب كثافة حركة العبور غير النظامي للسوريين إلى تركيا رأى الناشط السياسي المعارض زكريا ملاحفجي أن تعذر إقامة منطقة آمنة في سوريا دفع الشباب السوريين الهاربين من الاعتقال والقصف والقتل نحو تركيا التي كانت أقرب نقطة لهم من خلال خوض مغامرة التهريب والانسلاخ عن بلدهم بحثا عن الأمان وهربا من الموت تحت القصف.

واعتبر ملاحفجي أن الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية إضافة إلى تركيا ودول العالم تتحمل مسؤولية عمليات العبور غير النظامي وعدم تأمين حماية المدنيين خلال الحروب والمعارك التي شهدتها سوريا منذ عام 2011 وحتى اليوم. 

المصدر : الجزيرة