رغم تقربها للسعودية.. باكستان لن تفرط بإيران

Pakistani Prime Minister Imran Khan in Saudi Arabia- - JEDDAH, SAUDI ARABIA - SEPTEMBER 19: (----EDITORIAL USE ONLY – MANDATORY CREDIT -
خان في ضيافة الملك سلمان (الأناضول)

الجزيرة نت-إسلام أباد

في تغير لموقفه المتصلب الذي كان يتبناه قبل الوصول إلى سدة الحكم، اختار رئيس الوزراء الباكستاني الجديد عمران خان السعودية لتكون أول دولة يتوجه إليها في زيارة رسمية.

لم يثر تقارب حكومة حزب الإنصاف مع السعودية استغرابا كبيرا لدى المتابعين للشأن الباكستاني، رغم أن سياسات الحزب المعلنة تحسب على المحور الإيراني، حيث إن الحكومة بحاجة ماسة لتمويل يسمح لها بإنقاذ الاقتصاد الذي يعاني الكثير، وتقدر تلك الحاجة بـ 11 مليار دولار.

كسر خان الحظر الذي فرضه على نفسه بألا يغادر البلاد خلال المئة يوم الأولى من عمر حكومته ليلبي دعوة رسمية وجهها له ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز عبر وزير إعلامه عواد العواد الذي زار باكستان مؤخرا.

واعتبر المحلل السياسي رعايت الله فاروقي في حديثه للجزيرة نت أن تحول خان للتقرب إلى الرياض يدلل على أنه الآن يتصرف كرجل دولة ولم يعد معارضا يصرح ويصرخ كما يحلو له، وجعل خلفه معارضته السابقة للانضمام إلى عاصفة الحزم والتحالف الإسلامي اللذين أسسهما ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

 فاروقي: خان عندما تولى الحكم بدأت يتصرف كرجل دولة (الجزيرة)
 فاروقي: خان عندما تولى الحكم بدأت يتصرف كرجل دولة (الجزيرة)

حلف استراتيجي
كما أن الأوساط السياسية الباكستانية تعتبر أن التحالف السعودي الباكستاني إستراتيجي، خاصة من ناحية التحالف العسكري، ولا يمكن لحكومة مدنية في باكستان أن تتصرف كثيرا في هذا الصدد، فحتى في عهد الرئيس الباكستاني السابق آصف زرداري حين كانت العلاقات الباكستانية السعودية في أسوأ حالاتها لم تكن حكومة حزب الشعب آنذاك تجد بدا من إطلاق تصريحات تأييد للسعودية بضغط من العسكر.

واختار حزب الإنصاف إرسال إشارات طمأنة إلى السعودية التي يعلم أنها متوجسة من انتصاره في الانتخابات الأخيرة، ولكن تلك الرسائل هي مجرد لغة دبلوماسية تكررها الحكومات الباكستانية المتعاقبة لا يترتب عليها أفعال، لكنها تفيد في جمع ما تريد الحكومة الباكستانية من الأموال من السعودية الغنية بالنفط، حسبما يؤكد فاروقي.

استغلت باكستان أزمة السعودية مع كندا لتبعث في أولى الرسائل وقوفها إلى جوار السعودية في هذه الأزمة، ولم يكن ذلك الموقف مفاجئا لأنصار حزب الإنصاف فحسب بقدر ما كان خرقا لعرف باكستان في الوقوف على الحياد في الأزمات الخارجية.

استقبلت الإشارة الباكستانية بإيجابية في السعودية، فأوفدت الرياض فريقا تجاريا رفيع المستوى في الخامس من الشهر الجاري، أبرم خمس اتفاقيات تجارية كبيرة مع إسلام آباد، تلتها زيارة وزير الإعلام السعودي الذي حضر مراسم تسليم الرئيس الباكستاني عارف علوي، وسلم رئيس الوزراء عمران خان دعوة لزيارة السعودية.

نصار: السعودية مضطرة إلى التقرب لباكستان أيا كان شكل الحكم فيها نظرا للحاجة إليها (الجزيرة)
نصار: السعودية مضطرة إلى التقرب لباكستان أيا كان شكل الحكم فيها نظرا للحاجة إليها (الجزيرة)

مصالح مشتركة
ويرى الصحفي فؤاد أحمد نصار أن السعودية مضطرة لباكستان أيا كان شكل الحكم فيها، نظرا لأن الرياض هي التي بحاجة إلى باكستان، عسكريا وفي مجال الخبرات، وتقتصر حاجة باكستان إلى الرياض على العملة الصعبة.

وعن مدى تأثير التقارب مع السعودية على علاقة باكستان مع إيران، استبعد نصار أن تغامر باكستان بعلاقتها بإيران مجاملة للسعودية، نظرا للاعتبارات الجغرافية والتاريخية والمصالح المشتركة، وإن كانت باكستان تتعلل دائما بضرورة عدم إشعال فتيل أزمات طائفية في الداخل الباكستاني.

وجل ما يمكن أن يتنازل عنه حزب الإنصاف هو سكوته عن قرار المحكمة بالإفراج عن حليف الرياض رئيس الوزراء السابق نواز شريف، حيث أفرج عنه وعن ابنته وصهره بعدما أدينوا سابقا بقضايا فساد، قبل أن يغادر خان الرياض متوجها إلى أبو ظبي.

أما في الملف الإيراني واليمني فيرى نصار أن باكستان تنطلق اليوم من قاعدة رئيسية، هي "لا حرب بالوكالة خارج الحدود بعد اليوم"، وقد صيغت هذه القاعدة بتوافق عسكري سياسي باكستاني انطلاقا من الضغط الشعبي الذي لن يسمح بكوارث جديدة بعد الحرب الأفغانية وانطلاقا من المصلحة الوطنية البحتة، على حد وصف نصار.

المصدر : الجزيرة