بواخر الكهرباء بلبنان.. حل يفاقم الأزمة المزمنة
بيروت-الجزيرة نت
وبينما يتوقع ارتفاع الطلب على الكهرباء بنسبة 3% سنويا، يقدر المتوسط السنوي للطلب على الطاقة بحوالي 2350 ميغاواتا، في حين يبلغ إجمالي كمية الكهرباء المنتجة والمشتراة 2300 ميغاوات، يفقد منها ما نسبته 13% نتيجة ما يعرف بالهدر الفني عند النقل والتوزيع. وترتفع الحاجة خلال ساعات الذروة في أغسطس/آب من كل عام إلى 3450 ميغاواتا.
وتعني هذه المعطيات أن لبنان يحتاج إلى إنتاج حوالي 1500 ميغاوات إضافية لتغطية حاجة السوق، وذلك وفق الأرقام التي وردت في التقرير الذي عرضه رئيس الجمهورية ميشال عون على مجلس الوزراء في مارس/آذار الماضي.
استئجار البواخر
وللتعامل مع هذه المشكلة التي فشلت بحلها الحكومات السابقة، قدم مقترحان، يهم الأول بناء معامل إضافية تغطي فرق الكمية بينما يقوم المقترح الثاني على أنّ المواطنين لا يستطيعون الانتظار، ولذلك يجب استئجار بواخر لتوليد الطاقة.
ويشكل المقترحان صلب الخلاف بين فريقين سياسيين يتولى أحدهما وزارة الطاقة والآخر وزارة المال، فقد تعاقب على "الطاقة" في السنوات العشر الأخيرة وزراء من التيار الوطني الحر كانوا وراء فكرة البواخر المستأجرة، بينما يفضل وزير المال الحالي -وهو من حركة أمل- استئجار الطاقة من سوريا بدل الاعتماد على البواخر.
وكادت الباخرة الثانية -التي تم استئجارها في الأسابيع القليلة الماضية- تتسبب بشرخ سياسي إضافي، إذ تم رفض استقبالها في منطقتي "الجية" جنوبي بيروت، و"الزهراني" جنوبي البلاد، حيث قالت الأطراف السياسية التي تملك نفوذا بالمنطقتين إنّ الباخرة ستتسبب بالتلوث وضررها كبير على المواطنين.
السنوات العشر
وتشير الأرقام الرسمية إلى أنّ 40% من إجمالي الدين العام البالغ نحو 82 مليار دولار قد تم صرفه على قطاع الكهرباء، وهو الرقم الذي أكد رئيس الجمهورية في تقرير عرضه أمام مجلس الوزراء في مارس/آذار الماضي.
ورغم أنّ التغذية بالكهرباء ارتفعت في السنوات العشر الاخيرة، فإنّ معامل إنتاج الطاقة لا تزال عاجزة عن تأمين كمية الكهرباء اللازمة لكل المستخدمين وخصوصا فصل الصيف حين ترتفع نسب استخدام مكيفات الهواء، مما يزيد من الضغط على الشبكة، كما يشهد هذا الفصل تزايدا في الأعطال التي تصيب معامل الإنتاج نتيجة ارتفاع درجات الحرارة.
وأدت هذه الأزمة في العقدين الماضيين إلى بروز قطاع مواز يديره أصحاب المولدات الكهربائية الخاصة، إذ يؤمن هؤلاء عبر مولدات كبيرة يملكونها عدد ساعات تغذية يوازي ساعات انقطاع الكهرباء لعدد كبير من المنازل مقابل مبلغ مالي أكبر مما تطلبه الدولة لقاء الكهرباء التي تنتجها.
المولدات الخاصة
وأمام هذا الواقع، وجد العديد من اللبنانيين أنفسهم مضطرين للجوء إلى خدمات المولدات الخاصة خصوصا المناطق التي تشهد ساعات انقطاع طويلة. وقد شكّل أصحاب المولدات سداً منيعاً في وجه أي محاولات إصلاح للقطاع بسبب معرفتهم بأنّهم سيفقدون مصدر رزقهم -"غير الشرعي" إذ أنّ القطاع غير مقنن ولا تسيطر عليه الدولة- في حال انتهت أزمة قطاع الكهرباء.
وقد دفع الوضع القائم وزراء الطاقة والداخلية والاقتصاد لعقد مؤتمر صحافي بداية الشهر الحالي لتنظيم القطاع وفرض عدادات على أصحاب المولدات لتخفيف عبء الفواتير على المواطن. وقال وزير الطاقة سيزار أبي خليل إنّ الهدف هو جعل المواطن يدفع مقابل ما يصرفه فقط من الطاقة بناء على تسعيرة ستضعها وزارته.
لكن قطاع المولدات الخاصة ليس السبب وراء عدم إصلاح القطاع، ويرى الخبراء في المجال أن سنوات الهدر والسرقة وتضرر جزء كبير من البنية التحتية للقطاع في سنوات الحرب والتباين في وجهات النظر حول الطريقة الأمثل لتحسينه، كلها أسباب أوصل هذا القطاع إلى ما هو عليه اليوم.
ويضاف إلى ذلك أن نسبة تحصيل الرسوم منخفضة جدا، إذ لا تتجاوز 30% في بعض المناطق حيث يتعرض محصلو الفواتير إلى اعتداءات في عدد من المناطق أو يمنعون من دخول مناطق أخرى فتبقى الفواتير من دون تحصيل.