"كومبارس" السيسي.. معارضة مؤيدة

Ghad party chairperson Mousa Mostafa Mousa leaves the National Election Authority, which is in charge of supervising the 2018 presidential election, in Cairo, Egypt January 29, 2018. REUTERS/Mohamed Abd El Ghany
موسى مصطفى جرى استدعاؤه على عجل لينافس السيسي على الرئاسة (رويترز)

عبد الله حامد-القاهرة

اعتدل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وواجه الجمهور في واحدة من المرات النادرة بخطاباته -عوضا عن وضعه المعتاد وهو يولي ظهره لهم- وشكر منافسه الخاسر في الانتخابات الرئاسية موسى مصطفى موسى، ممتدحا "وطنيته وإنقاذه شكل مصر أمام العالم"، رغم أن السيسي بذل جهدا ليتذكر اسمه، وناداه بمصطفى، ليصحح خطأه بعد جملتين.

وبحسب مراقبين، فإن دور رئيس حزب الغد موسى مصطفى في الانتخابات لم يكن سوى "كومبارس" بعد أن استبعد السيسي منافسيه الأقوياء بالسجن والوعيد.

هذه المرة اختار موسى أن يقدم نفسه زعيما "لمعارضة مساندة للسيسي"، بحسب تصريحات أدلى بها لإحدى الفضائيات.

وبرر موسى تشكيل الجبهة بـ"صعوبة المرحلة المقبلة، إذ سيفتتح السيسي مشاريع ضخمة ستؤلب عليه حاسديه، مما يستدعي وجود ظهير من المعارضة العريضة المؤيدة له".

وحتى وقت إعلان السباق الرئاسي أوائل العام الحالي، لم يكن معظم المصريين يعرفون موسى مصطفى، إذ جرى استدعاؤه على عجل قبل إغلاق باب الترشح بساعات، عندما فشل النظام في إقناع شخصيات سياسية أخرى للترشح، عقب انسحاب المرشحين خالد علي ومحمد السادات، واعتقال رئيس أركان الجيش السابق الفريق سامي عنان، وإجبار رئيس الوزراء السابق الفريق أحمد شفيق على الانسحاب.

ودشن موسى مصطفى قبيل استدعائه لخوض الانتخابات ائتلافا لدعم السيسي، وعقب الترشح لم يكترث كثيرا بوضع لافتات دعائية له، وكأنه كان يدرك بدقة حقيقة الدور الشكلي المطلوب منه.

‪أغلب المصريين لم يعرفوا اسم موسى مصطفى إلا بعد إعلان ترشحه للرئاسة‬ (رويترز)
‪أغلب المصريين لم يعرفوا اسم موسى مصطفى إلا بعد إعلان ترشحه للرئاسة‬ (رويترز)

معارضة مؤيدة
ويقول موسى في تصريحاته بشأن الجبهة المزمعة إنها تحمل اسم "ائتلاف المعارضة المصرية الوطنية"، ومن وجهة نظره فإن "المعارضة الحقيقية لا بد أن تعمل مع الحكومة وأجهزة الدولة".

وتابع موسى مصطفى "هذا الائتلاف المعارض سيكون داعما للرئيس السيسي وليس معارضا له".

ويتواصل موسى حاليا مع مئات النواب الحاليين والسابقين بالبرلمان وقيادات أحزاب لإعداد وثيقة تتضمن مبادئ وأهداف هذا الائتلاف الذي سيكون "الأكبر في مصر"، مشددا على أنه "لا مكان للأحزاب الدينية في هذا الائتلاف".

وأثارت هذه التصريحات السخرية بين المواطنين، فاعتبر عصام عبد الغني -وهو باحث علوم سياسية- أن من يقف وراء تشكيل الجبهة يستحضر "أدوات السوق" القائلة بضرورة أن يأكل التاجر نفسه قبل أن يأكله غيره، وهؤلاء يريدون أن يقطعوا الطريق على أي "جبهة معارضة حقيقية وجادة".

وتقول المحامية رضوى سالم إن هدف المعارضة في أي دولة حول العالم هو المنافسة على السلطة، "أما هنا فالمعارضة لتمكين الرئيس".

‪مرزوق: جبهة موسى مصطفى مسرحية كوميدية هدفها التقرب من السلطة‬ (الجزيرة)
‪مرزوق: جبهة موسى مصطفى مسرحية كوميدية هدفها التقرب من السلطة‬ (الجزيرة)

وهم
"هذه الجبهة المعارضة عبارة عن مسرحية كوميدية هدفها كسب ود السلطة فقط"، في تقدير السفير السابق والقيادي الناصري معصوم مرزوق.

ونفى مرزوق -الساعي لتأسيس حزب يسمى الناس- نجاح هذه الخطوة في إقناع العالم بـ"هذه المسرحية"، فالجميع يدرك جيدا حقيقة ما يحدث في مصر.

والمعارضة الحقيقية برأيه، هي "انتقاد سياسات النظام"، مؤكدا أن السلطة الحالية لا تريد إلا "المعارضة المستأنسة الشكلية، التي لا تغني ولا تسمن من جوع".

وأبدى رئيس حزب الجيل ناجي الشهابي تحفظا على "العدد الكبير للأحزاب السياسية في مصر"، مثمنا فكرة إنشاء ائتلافات حزبية تمثل التيارات الفكرية والسياسية الرئيسية من خلال مناقشات عميقة تشارك فيها المستويات القيادية في كل حزب، ليقوم بدوره السياسي وفقا لبرنامجه السياسي وقرارات مستوياته التنظيمية القيادية متمثلة في المكتب السياسي.

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية سعيد صادق أن الجبهة المعارضة الجاري تشكيلها هي معارضة كرتونية مجاملة للنظام.

ولا يستغرب صادق صدور مثل هذا الاتجاه من سياسي ترشح للرئاسيات أمام السيسي وهو "في الأصل مؤيد له"، مؤكدا عدم وجود معارضة حقيقية في مصر.

ويضيف أن "الشيء الوحيد الذي ستنجح فيه هذه الدعوة برأيه هو خطب ود السلطة والتقرب منها للحصول على مكاسب محددة، أما العالم الخارجي فسياسيوه ليسوا سذجا لهذه الدرجة، لكي يجري إيهامهم بأن في مصر حراكا سياسيا حقيقيا".

المصدر : الجزيرة