التعليم المصري.. بين ضعف الجودة ووعود الدولة

التكدس الطلابي بسبب قلة عدد الفصول أحد مشكلات المنظومة التعليمية في مصر- تصوير زميل مصور صحفي ومسموح باستخدام الصورة
التكدس الطلابي من مشكلات المنظومة التعليمية في مصر (الجزيرة نت)

دعاء عبد اللطيف-القاهرة

"عندنا إيه نخسره؟" فيلم تسجيلي شاهده المشاركون بجلسة "إستراتيجية تطوير التعليم" ضمن فعاليات المؤتمر السادس للشباب الذي عقد بجامعة القاهرة مطلع الأسبوع الجاري تحت رعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

تناول الفيلم مؤشرات ضعف جودة المنظومة التعليمية في مصر ومسبباته، كانتشار مراكز الدروس الخصوصية والكثافة الطلابية في الفصول ومستوى المناهج.

وخرجت جلسة تطوير التعليم بعدة توصيات، منها: إنشاء هيئة اعتماد جودة للتعليم الفني والتقني، وإنشاء مركز لتأهيل المعلمين، وتخصيص 20% من المنح الدراسية لكوادر التربية والتعليم لمدة عشر سنوات، وإعادة الأنشطة الثقافية والرياضية للجامعات المصرية.

السيسي أعلن 2019 عاما للتعليم (الجزيرة نت)
السيسي أعلن 2019 عاما للتعليم (الجزيرة نت)

تخصيص الأعوام
أما الرئيس المصري فكعادته في تخصيص الأعوام لقضايا بعينها -2016 عام الشباب, 2017 عام المرأة, 2018 عام ذوي الإعاقة- أعلن أن 2019 سيكون عام التعليم.

وتستعد الدولة لإطلاق النظام التعليمي الجديد في سبتمبر/أيلول القادم، والذي سيتضمن تعديل نظام الثانوية العامة بإلغاء الامتحان القومي الموحد واستبداله بـ12 امتحانا خلال المرحلة.

وفق المؤشر الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي للعام 2017-2018، حصلت مصر على مراكز متأخرة في جودة التعليم الأساسي والعالي.

فمن أصل 137 دولة، نالت مصر المركز 129 في جودة التعليم، و130 في جودة تعليم العلوم والرياضيات، و124 في جودة إدارة المدارس، و119 في توصيل المدارس بالإنترنت.

بينما حصلت على المركز 134 من إجمالي 139 في مؤشر جودة التعليم الابتدائي خلال العام 2016-2017.

مصر تحتل مراكز أخيرة في مؤشر جودة التعليم (الجزيرة نت)
مصر تحتل مراكز أخيرة في مؤشر جودة التعليم (الجزيرة نت)

مؤشر الجودة
وأعلنت وزارة التربية والتعليم أن مصر -من أصل 140 دولة- جاءت في المرتبة 139 في مؤشر جودة التعليم الابتدائي عام 2015-2016، والمركز 139 في جودة التعليم العام والعالي، والمركز 131 في جودة العلوم والرياضيات.

واعترف وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي بخروج مصر من تصنيف دعم التنافسية العالمي في مجال التعليم الأساسي.

وأضاف "علينا أن نعلم أن ترتيبنا في التصنيف العالمي متأخر جدا، لدرجة أننا خرجنا من التصنيف، نتفق أو نختلف مع تلك التصنيفات، لكن في النهاية المنتج المعرفي الذي نخرجه أعتقد أنه لا يرضي طموحاتنا".

واللافت أن هناك ارتباطا بين ارتفاع المستوى التعليمي وزيادة نسب البطالة في الشريحة المتعلمة، فتوضح بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن معدل البطالة بين الأميين 0.8%، بينما تزيد إلى 1.3% بين الحاصلين على مؤهل أقل من المتوسط، وترتفع إلى 1.7% للحاصلين على الثانوية العامة أو الثانوية الأزهرية.

وتبلغ نسبة البطالة بين الحاصلين على مؤهل متوسط 6.5%، وتزيد النسبة لتصل إلى 17% بين الحاصلين على مؤهل جامعي وفوق جامعي "الماجستير والدكتوراه".

وقفة احتجاجية للمعلمين تطالب بتحسين المنظومة التعليمية (الجزيرة نت)
وقفة احتجاجية للمعلمين تطالب بتحسين المنظومة التعليمية (الجزيرة نت)

انفصال الواقع
من جانبه علق الدكتور محمد فتح الله الخبير بالمركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي حول توصيات المؤتمر السادس للشباب، معتبرا أن الحديث عن تطوير التعليم هو انفصال عن الواقع.

وأوضح فتح الله للجزيرة نت أن الحديث عن أي تطوير دون زيادة ميزانية التعليم ووضع خطط مدروسة قصيرة وطويلة الأجل والوقوف على آليات تنفيذها، سيكون دون طائل.

واشترط أن تكون الخطط الموضوعة ممولة تمويلا ذاتيا وليست من جهات أجنبية تفرض شروطها على المنظومة التعليمية.

وقد وافق مجلس النواب، في منتصف يوليو/تموز الجاري، على اقتراض وزارة التربية والتعليم خمسمئة مليون دولار من البنك الدولي لتطوير التعليم.

وقال الخبير التربوي إن ميزانية التعليم رغم محدوديتها لم تزد منذ سنوات طويلة، في الوقت الذي اضطرت فيه وزارة التربية والتعليم لعمل نظام الدراسة المسائي بسبب قلة المدارس والفصول.

تكدس طلابي
وأردف أن هناك مدرسة في القاهرة يبلغ عدد الطلبة فيها داخل الفصل الواحد 76 طالبا، وتساءل مستنكرا "عن أي تطوير نتحدث أمام هذا التكدس الطلابي؟".

وبلغت ميزانية التعليم لعام "2018-2019" ما قدره 115.7 مليار جنيه، منها 89.5 مليارا تذهب كأجور وتعويضات للعاملين في قطاع التعليم.

وقد استغرب فتح الله مشهد احتفال الدولة بأوائل الثانوية العامة، موضحا أنهم تخرجوا من مراكز الدروس الخصوصية لا من المدارس، وأضاف أن "طلبة الثانوية العامة لا يحضرون إلى المدرسة من الأساس".

وعن خروج المؤتمر بتوصيات إنشاء مراكز لتأهيل المعلمين ودعم جودة التعليم، أكد أن الدولة بالفعل تمتلك كيانات مماثلة كالأكاديمية المهنية للمعلم والهيئة القومية لضمان جودة التعليم والمركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي.

غير أن عضو لجنة التعليم في البرلمان المصري ماجدة نصر لديها رؤية مختلفة، إذ أشادت بمبادرة تخصيص عام 2019 للتعليم، وتوقعت أن تشهد المنظمة التعليمية نقلة نوعية في التصنيف العالمي بعد مرور 12 عاما.

وأضافت ماجدة في تصريحات صحفية أن نتائج نجاح النظام التعليمي الجديد ستظهر بشكل تدريجي، موضحة أن العامل الرئيسي في نقل التعليم المصري لمكانة أخرى هو الإصلاح الذي يبدأ من مرحلة الروضة والمرحلة الابتدائية.

المصدر : الجزيرة