دعوة بالجزائر لتدخل الجيش بالانتقال الديمقراطي

Algeria's President and head of the Armed Forces Abdelaziz Bouteflika (2nd R), Army Chief of Staff General Ahmed Gaid Salah(R) and Abdelmalek Guenaizia (2nd L), Minister Delegate to the Defence ministry attend a graduation ceremony of the 40th class of trainee army officers at a Military Academy in Cherchell 90 km west of Algiers June 27 ,2012.REUTERS/Ramzi Boudina(ALGERIA - Tags: POLITICS MILITARY)
علاقة قادة الجيش بالرئاسة والمشهد السياسي تثير جدلا واسعا بالجزائر (رويترز)

أحمد مروان-الجزائر

قبل أشهر قليلة من موعد الانتخابات الرئاسية القادمة، وفي ظل الغموض الكبير الذي يلف المشهد السياسي الجزائري، أطلقت حركة مجتمع السلم مبادرة بعنوان "التوافق الوطني" وطالبت الجيش بالمشاركة في الانتقال الديمقراطي من أجل تحقيق التوافق، مما أثار جدلا كبيرا.

وخلال منتدى الفكر والسياسة الذي نظمته حركة مجتمع السلم في 14 يوليو/تموز الجاري، أطلق رئيسها عبد الرزاق مقري مبادرة التوافق الوطني.

وتتضمن هذه المبادرة خارطة طريق لتحقيق الانتقال الديمقراطي تحت غطاء التوافق بين السلطة والمعارضة، بإشراف المؤسسة العسكرية.

وتعد حركة مجتمع السلم أحد أكبر الأحزاب الإسلامية المعارضة، وهي محسوبة على حركة الإخوان المسلمين، وشاركت بالحكومات المتعاقبة منذ 1995.

لكنها فكت الارتباط بالسلطة عام 2012، وتحولت إلى صفوف المعارضة بدعوى عدم وجود جدية في القيام بإصلاحات سياسية.

‪حركة مجتمع السلم أطلقت مبادرتها على هامش منتدى حول الفكر والسياسة‬  
‪حركة مجتمع السلم أطلقت مبادرتها على هامش منتدى حول الفكر والسياسة‬  

حالة غموض
وتعيش البلاد على وقع مشهد سياسي معقد، أهم ما يميزه حالة الغموض التي تلف الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها ربيع العام القادم في ظل تنامي دعوات ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، وهي الدعوات التي قابلها الرئيس بصمت مطبق.

غموض المشهد جعل المعارضة تعيش حالة من الإرباك وعدم وضوح الرؤية، مما تسبب في "انسداد سياسي خطير" حسب تعبير حزب طلائع الحريات الذي يتزعمه رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس في بيان صدر قبل يومين.

وفي ظل هذه الظروف جاءت مبادرة "التوافق الوطني" الموجهة "لكل مكونات الطبقة السياسية معارضة وسلطة وكل المؤسسات الفاعلة في الجزائر ومنها المؤسسة العسكرية" حيث اقترحت أن تكون "المؤسسة العسكرية ضامنة ومرافقة للتوافق الوطني".

وفور الإعلان عنها بدأت ردود الفعل تتوالى بين أوساط الطبقة السياسية ونشطاء شبكات التواصل الاجتماعي. واعتبر البعض أن نداء الحركة هو دعوة صريحة للجيش بالتدخل في الحياة السياسية ومخالفة الدستور.

‪رخيلة: مطالبة الجيش بالتدخل في السياسة بمثابة دعوة للانقلاب‬  رخيلة: مطالبة الجيش بالتدخل في السياسة بمثابة دعوة للانقلاب (الجزيرة)
‪رخيلة: مطالبة الجيش بالتدخل في السياسة بمثابة دعوة للانقلاب‬  رخيلة: مطالبة الجيش بالتدخل في السياسة بمثابة دعوة للانقلاب (الجزيرة)

ابتزاز القصر
الهجوم الحاد على مقري وندائه للجيش جاء من أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني (حزب الأغلبية) جمال ولد عباس الذي رد في مؤتمر صحفي بالعاصمة الجزائر بقوله إن "الذين يناشدون الجيش أداء أدوار في السياسة مخطئون".

وزير العدل الطيب رد هو الآخر على مقري بشكل غير مباشر حينما صرح أمس الخميس أن "الخيار الديمقراطي مبدأ دستوري" واعتبر أن "استغلال بعض الفضاءات الحرة للدعوة إلى التراجع عن المكاسب غير لائق".

ويرى المحلل السياسي وخبير القانون الدستوري عامر رخيلة أنه "من المؤسف أن يصدر عن الحركة ما صدر منها" متسائلا: هل يعلم رئيس الحركة معنى دعوة الجيش بالتدخل في المشهد السياسي؟ ليجيب: ذلك يعني دعوة للانقلاب.

ويضيف رخيلة أن المؤسف صدور هذا النداء "في ندوة حول فكرة التوافق الوطني وتعزيز الديمقراطية".

ولم يستبعد -في حديث للجزيرة نت- أن يكون النداء محاولة تموقع استعدادا للاستحقاقات القادمة وخاصة الرئاسيات بمغازلة الجيش بطريقة مخالفة للدستور المعدل عام 2016 ويتنافى مع مسعى بناء دولة القانون".

‪طيفور: الجدل الذي أحدثته المبادرة يدل على أنها لامست الحقيقة وأزعجت البعض‬  طيفور: الجدل الذي أحدثته المبادرة يدل على أنها لامست الحقيقة وأزعجت البعض (الجزيرة)
‪طيفور: الجدل الذي أحدثته المبادرة يدل على أنها لامست الحقيقة وأزعجت البعض‬  طيفور: الجدل الذي أحدثته المبادرة يدل على أنها لامست الحقيقة وأزعجت البعض (الجزيرة)

نداءات استغاثة
دعوة الجيش بالتدخل في السياسة ليست سابقة، فقد طالبت شخصيات سياسية معارضة في سبتمبر/أيلول 2017 من الجيش بالتدخل لتطبيق المادة 102 من الدستور التي تنص على عزل الرئيس لأسباب صحية، لكن رد قيادة الجيش كان حاسما بالتأكيد على التزامه بمهامه الدستورية.

الانتقادات السابقة رفضها المكلف بالشؤون السياسية والاقتصادية لحركة مجتمع السلم فاروق طيفور، حيث أكد أن "الحركة لم تطلب أبدا تدخل الجيش في الحياة السياسية بل هي مناضلة من أجل الدولة المدنية والنظام الجمهوري وتطالب بتمدين الحياة والنظام السياسي، ولا أحد من المحللين ولا المراقبين ولا الدارسين لتاريخ منظومة الحكم في الجزائر يجهل الأدوار التي تقوم بها هذه المؤسسات في الاستحقاقات الهامة".

وقال طيفور إن المنتقدين صنفان "صنف لا يريد أن يعالج الأزمة بمشاريع واقعية تتعامل مع المعطيات والفاعلين الأساسيين في حقل السياسة الجزائرية، وصنف منافس لا يريد لغيره أن يبادر أو يقترح بل ويعمل على مصادرة وتشويه المقترحات بما يجعلها بعيدة عن معالجة الأزمة".

لذلك يعتقد أن "الجدل الذي أحدثته المبادرة يدل على أنها لامست الحقيقة، وأزعجت البعض واستطاعت أن تحول النقاش من تداول أخبار الفساد والعهدة الخامسة إلى مربعات اقتراح البدائل، وفتحت الأفق السياسي لكل أطراف ومكونات الطبقة السياسية مقابل حالة الجمود والشك والغلق المبرمج للاستحقاق الرئاسي القادم".

المصدر : الجزيرة