قمة نواكشوط.. رزق ساقته الأقدار لباعة الأزياء الأفريقية

القمة الأفريقية تنعش آمال باعة الأزياء التقليدية بنواكشوط
القمة الأفريقية أنعشت آمال باعة الأزياء التقليدية في نواكشوط (الجزيرة)

الهيبة الشيخ سيداتي-نواكشوط

منذ ساعات الصباح الباكر يتسمّر الشاب صمبا جينك أمام باب محله التجاري في نواكشوط، فوسائل الإعلام التي يتابعها عن كثب ألقت إلى مسامعه أن وفودًا تضم آلافًا من أبناء القارة السمراء تصل العاصمة الموريتانية تباعًا لحضور قمة الاتحاد الأفريقي الـ31.

يعرض جينك في محله التجاري أزياء أفريقية وصناعات تقليدية متنوعة، ويعوّل على زيارات من ضيوف القمة لاقتناء معروضاته التجارية.

يأمل الشاب أن يكون تنظيم القمة بنواكشوط موسمًا تجاريا ناجحًا يعوضه عن تأثير تراجع السياحة في البلاد، وعن مواسم الركود الذي أثقلت كاهله وملأت صدره همومًا، كما يقول للجزيرة نت.

في العادة، تشهد الأيام التي تلي عيد الفطر المبارك ركودا في محلات بيع الأزياء بفعل تراجع الإقبال، إلا أن الموسم الحالي يبدو مختلفًا بالنسبة لعدد من المحلات المختصة في بيع الأزياء الأفريقية التقليدية التي عرفت ارتفاعًا في الأسعار أوصل ملابس متوسطة الجودة إلى حدود 200 دولار.

تتزاحم بواجهة محل جينك ملابس مزركشة مصبوغة بألوان شتى، وحقائب لحفظ الأغراض الشخصية والنقود والوثائق، وأحذية وطبول ومجسمات بشرية وحيوانية، وأوانٍ خشبية ومقتنيات منزلية مختلفة تلفت المتسوقين وتجذبهم.

‪صمبا جينك يبيع الأزياء والمنتجات الأفريقية بمحل تجاري في العاصمة نواكشوط‬  (الجزيرة)
‪صمبا جينك يبيع الأزياء والمنتجات الأفريقية بمحل تجاري في العاصمة نواكشوط‬  (الجزيرة)

مكبر الصوت
وأثناء تسويق البضاعة لجمهوره، لا ينسى جينك تشغيل مكبر الصوت الذي يُسمع من خلاله رواد السوق نغمات موسيقية وأناشيد دينية صوفية ذات عمق أفريقي تليد.

يلعب مكبر الصوت هذا دورًا بالغ الأهمية في إرشاد الزبائن من الجاليات الأفريقية المقيمة بموريتانيا إلى محل جينك علّهم يجدوا ضالتهم بين معروضاته.

يعتبر جينك نفسه مقدم خدمة للجاليات الأفريقية في موريتانيا عبر توفير الأزياء والصناعات التقليدية، ويستقبل زبائنه بسعادة بالغة ويسعد أكثر الزبائن والسياح الغربيّين ممن يبتاعون بالعملات الصعبة ويتسوقون دون وجود وسطاء محلّيين يرافقونهم، لكنه يرفض بشدة الحديث عن أية أرقام تتعلق بمداخيله وأرباحه الاعتيادية أو الموسمية.

أما السنغالي إبراهيما انجاي فيضيف ضمن عملية التسويق التي ينتهجها التقاط الصور مع الزبائن وخصوصًا الدبلوماسيّين الأفارقة والسياح الغربيّين، ثم يحتفظ بهذه الصور في واجهة محله التجاري وعلى الجدران إلى جانب معروضاته التجارية.

جينك وإبراهيما نموذجان لعشرات يعملون بنواكشوط في حرف خياطة وتطريز الأزياء وتسويق الصناعات التقليدية الأفريقية، يتجه عدد منهم لتأجير محلات تجارية في أسواق كبرى تتجاوز أجرتها الشهرية ما قيمته 100 دولار.

إبراهيما: البروتوكول الحكومي اشترى منّي معروضات وملابس تقليدية (الجزيرة)
إبراهيما: البروتوكول الحكومي اشترى منّي معروضات وملابس تقليدية (الجزيرة)

موسم الأرباح
ويوضح إبراهيما للجزيرة نت أنه يؤجر محلّه التجاري بنواكشوط منذ عام 1984، ويشير إلى أن تقديم خدمات أفضل للزبائن يفرض عليه السفر باستمرار بين موريتانيا والسنغال حيث يرتبط بشراكات مع تجار ملابس وخياطين ومحلات تجارية في بعض المدن السنغالية.

ويقول صامبا جينك إن قمة الأفارقة بنواكشوط موسم لجني الأرباح من عمله رغم أن أيًّا من ضيوفها لم يزره خلال الأيام الماضية، إلا أنه واثق من أن معروضاته ستلقى إعجاب الوافدين، فحسب قوله صُنعت بمنتهى الجودة والإتقان.

بدوره يؤكد إبراهيما انجاي أن البروتوكول الحكومي في موريتانيا بعث بوفد إلى محله التجاري بوصفه أحد أشهر المحلات من صنفه في نواكشوط، حيث اقتنى معروضات وملابس تقليدية توقع أنها ستستخدم كهدايا للضيوف الأفارقة، لكنه يأمل في زيارات أخرى وطلبات أكبر على المعروضات.

جينك وإبراهيما يحكيان للجزيرة نت بمرارة عن التأثير السلبي لتراجع السياحة في موريتانيا منذ مقتل سياح فرنسيّين وسط البلاد عام 2007، ويعتبران السياح الأجانب أفضل الزبائن الذين يقدّرون معروضاتهما ويدفعون مقابلها أحسن الأسعار، فقد كانا يستقبلان بعضهم في محلّيهما التجاريين، بينما يسافر إبراهيما أحيانًا إلى مدن أثرية في الداخل الموريتاني لمقابلة السياح وعرض بضاعته عليهم.

ويعتبران أن موريتانيا آمنة ولم تشهد أي عمل إرهابي منذ أزيد من عشر سنوات، مما يجعلهما يستغربان استمرار الحديث عن مناطق حمراء "وتخويف الغرب لرعاياه من زيارة هذا البلد المسالم".

المصدر : الجزيرة