مونديال روسيا.. تقنية الـVAR فقط للكبار

جماهير مغربية ترفع يافطة كتب عليها "تقنية الفيديو للمنتخبات الكبرى فقط)
جماهير مغربية رفعت شعارات منددة بتقنية الفيديو بعد أن أثرت على نتيجة مباراتي فريقها أمام إسبانيا والبرتغال (مواقع التواصل الاجتماعي)

محمد النجار- الجزيرة نت

لا ينافس متابعة مباريات كأس العالم المقامة في روسيا هذه الأيام سوى الجدل الكبير حول استخدام تقنية الفيديو (VAR) لأول مرة في المونديال، والذي لم يقتصر على القرارات التحكيمية نتيجة استخدامها، بل تعداها لاتهامات بأنها تستخدم لصالح المنتخبات الكبرى فقط.

ويوم أمس الاثنين، الذي شهد انطلاق الجولة الأخيرة والحاسمة من مباريات الدور الأول، كانت مباراتا المجموعة الثانية بين إسبانيا والمغرب من جهة، والبرتغال وإيران من جهة أخرى، حافلتين بالجدل حول قرارات تحكيمية اعتبرها نقاد ولاعبون وجماهير حافلة بالأخطاء نتيجة استخدام أو عدم استخدام التقنية.

وما أغضب العديد من النقاد واللاعبين في منتخبي إيران والمغرب أن استخدام التقنية أو رفض حكمي المباراتين استخدامها ساهم في النتيجة التي انتهت إليهما وأعلنت تأهل إسبانيا والبرتغال للدور الثاني على حساب إيران والمغرب اللتين ودّعتا البطولة.

للبرتغال وإسبانيا فقط

وتركزت الاعتراضات على رفض حكم مباراة البرتغال وإيران استخدام تقنية الفيديو أمام مطالبة لاعبي ومدرب منتخب إيران بركلة جزاء كان سيؤدي احتسابها وتسجيل هدف منها لإقصاء البرتغال وتصدر إيران المجموعة.

وفي المباراة الثانية كانت الاعتراضات أكثر صراحة، بعد أن قرر حكم الساحة استخدام الـVAR للتأكد من صحة هدف التعادل لمنتخب إسبانيا في الدقيقة 91 من المباراة بعد أن رفع الحكم المساعد رايته معلنا عن تسلل، لكن الحكم قرر أن الهدف صحيح.

صحيفة الموندو ديبرتيفو الإسبانية عنونت
صحيفة الموندو ديبرتيفو الإسبانية عنونت "شكرا لتقنية الفيديو"

تعيش الـVAR

وبدت إسبانيا كلها ممتنة لتقنية الفيديو، حيث عبرت وسائل إعلام كبرى عن امتنانها لهذه التقنية التي منحت بلادها الفوز الذي وضعها في صدارة المجموعة الثانية، حيث كتبت صحيفة ماركا على صفحتها الأولى (تعيش تقنية الفيديو)، وكتبت موندو ديبورتيفو (شكرا تقنية الفيديو).

وبعد المباراة هاجم لاعبو وجماهير المنتخب المغربي التقنية وآلية استخدامها في المونديال، وظهر نجم المنتخب نور الدين امرابط وهو يوجه كلمات للجماهير قائلا إن تقنية الفيديو عبارة عن "هراء"، فيما اعتبر نجم المنتخب وريال مدريد أشرف حكيمي إن استخدامها "انتقائي وحسب قيمة الفريق المنافس".

وقبل نجمي المغرب، كان مدرب منتخب إيران كارلوس كيروش قد هاجم التقنية التي قال في تصريحات لقناة بي إن سبورتس إنه لا أسس واضحة لاستخدامها، كما ظهرت اعتراضات لافتة من محللين رياضيين، لدرجة أن محللا على BBC وصفها قبل أيام بـ"المسخرة".

معلقون اتهموا الفيفا بأنها استحدثت تقنية الفيديو لخدمة المنتخبات الكبرى فقط (وكالة الأنباء الأوروبية)
معلقون اتهموا الفيفا بأنها استحدثت تقنية الفيديو لخدمة المنتخبات الكبرى فقط (وكالة الأنباء الأوروبية)

جدل مستمر
وقبل جولة الاثنين الحاسمة، ساد جدل واسع على استخدام تقنية الفيديو، حيث رصدت مجلة "ستاد الدوحة" حالتين لافتتين، الأولى تتعلق بالجدل الذي رافق رفض الحكم الأميركي لمباراة المغرب والبرتغال استخدام التقنية أمام اعتراضات المنتخب المغربي الذي طالب بركلة جزاء اعتبر كثير من المحللين أنها كانت مستحقة لأسود الأطلس.

والحالة الثانية في مباراة ألمانيا والسويد وتتعلق بـ"تجاهل ركلة جزاء واضحة  للمهاجم السويدي ماركوس بيرغ لو احتسبت لكانت مقرونة بطرد وشيك لمدافع المنتخب الألماني جيروم بواتينغ".

وخلص تقرير المجلة إلى اعتبارها أن اسمي البرتغال وألمانيا ربما كانا حاسمين في قرارات الحكام برفض استخدام التقنية التي وضعت أساسا لحسم الجدل في مثل هذه الحالات.

حكام مباريات رفضوا لعودة لتقنية الفيديو في حالات أثارت جدلا وبعضها قال محللون إنها أخرجت منتخبات من المنافسة (رويترز)
حكام مباريات رفضوا لعودة لتقنية الفيديو في حالات أثارت جدلا وبعضها قال محللون إنها أخرجت منتخبات من المنافسة (رويترز)

الإيكونوميست: قللت الأخطاء

في تقرير مطول لها نشرته يوم أمس الاثنين عن استخدام القنية، نقلت مجلة الإيكونوميست البريطانية عن مسؤولين في الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) دفاعهم عن التقنية الجديدة التي قالوا إنها قللت من الأخطاء التحكيمية في الدوريات الأوروبية التي استخدمتها بنسبة كبيرة.

وبحسب التقرير فإن الأخطاء التحكيمية انخفضت من 7% قبل استخدام التقنية، إلى 1.1% بعد استخدامها، مشيرة بذلك إلى الارتفاع الكبير في عدد الأخطاء المحتسبة قبل مباراتي يوم أمس الاثنين.

المجلة أشارت إلى أن عدد ركلات الجزاء التي احتسبت قبل انطلاق مباريات الجولة الثانية من الدور الأول بلغ 14 ركلة، مقارنة بـ13 ركلة جزاء احتسبت في 64 مباراة أقيمت في كأس العالم عام 2014 في البرازيل.

لكن التقرير أشار إلى أن الجدل الذي تثيره هذه التقنية يتعلق بشكل أساسي بقرار استخدام التقنية من عدمه، مشيرة للاتهامات بأنها تقنية تستخدم عندما يتعلق الأمر بمنتخب كبير فقط.

معلقون شبهوا تقنية الفيديو بحق النقض (فيتو) في مجلس الأمن الدولي (رويترز)
معلقون شبهوا تقنية الفيديو بحق النقض (فيتو) في مجلس الأمن الدولي (رويترز)

تشبه الفيتو

مواقع التواصل الاجتماعي شهدت جدلا لافتا يوم أمس الاثنين وفي الأيام السابقة على استخدام التقنية، وبينما ذهب معلقون لاعتبار التقنية مهمة في التقليل من الأخطاء التحكيمية، تساءلت غالبية المعلقين على منصات التواصل عمن يقرر استخدامها من عدمه، وهل القرار الأخير بقي لحكم الساحة، أم أنه بات رهينة تدخل الحكم ومساعدوه الثلاثة في "غرفة مظلمة"، كما وصفها معلقون.

وذهب معلقون إلى حد وصف التقنية بأنها "أداة استعمارية جديدة" وضعت لإرضاء المنتخبات الكبيرة ومنع خروجها المبكر من كأس العالم، بينما شبهها آخرون بحق النقض "الفيتو" الذي تحتكره الخمس الكبرى في مجلس الأمن الدولي.

وتعليقا على اعتراضات منتخبات أفريقية على قرارات تحكيمية بسبب استخدام أو رفض استخدام التقنية الجديدة رفع مشجعون أفارقة لافتات تقول إن الـVAR ليست لأفريقيا، فيما اختار آخرون تذكير الفيفا بأن هناك منتخبات أخرى مشاركة في كأس العالم غير المنتخبات الكبرى.

ووسط تصريحات وشعارات تؤكد على إبعاد الرياضة عن السياسة، يبدو أن تقنية الفيديو أعادت الجدل حول العلاقة بين السياسة والرياضة، حيث تشعر جماهير منتخبات أن المواقف السياسية إضافة إلى وزن منتخبات توصف بالكبرى ساهم في إقصاء منتخبات كانت قاب قوسين أو أدنى من مزاحمة الكبار في المونديال الذي لم ينه بعد دوره الأول.

المصدر : الصحافة البريطانية + الصحافة القطرية + مواقع التواصل الاجتماعي + وكالات