تعيينات النيابة ساحة صراع جهات سيادية بمصر

قاعة إحدى المحاكم بالجيزة ـ مصر ـ يونيو 2016
قاعة إحدى المحاكم بالجيزة (الجزيرة نت)

عبد الله حامد ـ القاهرة

تشهد أروقة القضاء بمصر أزمة جديدة وغير مسبوقة بعد عرقلة عدد من الأجهزة السيادية للحركة القضائية الخاصة بتعيين 550 معاونا للنيابة.

وقع على أوراق التعيين النائب العام المستشار نبيل صادق وأقرها مجلس القضاء الأعلى برئاسة المستشار مجدي أبو العلا ورفعها للرئيس عبد الفتاح السيسي لتوقيعها لتصير الحركة نهائية. ولم تجر الأمور في مسارها الطبيعي، إذ فوجئ مجلس القضاء الأعلى مؤخرا بعدم رفع الحركة للسيسي لتوقيعها بدخول جهة سيادية على خط الأزمة.

وقررت تلك الجهة إجراء اختبارات نفسية وعصبية لمعاوني النيابة لقياس انضباطهم النفسي وثباتهم الانفعالي، أدت في النهاية لاستبعاد ما يقرب من 150 من المعاونين الجدد من الهيئة القضائية.

وشكلت هذه الخطوة المفاجئة من قبل الجهاز السيادي صدمة لمجلس القضاء الأعلى، كونها مفاجئة وغير مسبوقة، وحاول المجلس إجهاضها عبر تشكيل لجنة تضم أخصائيين نفسيين وأكاديميين متخصصين في علم النفس أعاد من خلالها تعيين عدد كبير ممن استبعدهم الجهاز السيادي من الحركة الأولى ورفع الحركة مجددا للرئاسة لتوقيعها.

وأتت خطوة المجلس الأعلى للقضاء بإعادة تضمين المستبعدين مجددا في حركة التعيينات قبل رفعها للرئاسة ردا على تحدي الجهة السيادية له باستبعاد حوالي 150 معاونا للنيابة من الحركة.

تضمين المستبعدين
وأتت خطوة المجلس الأعلى للقضاء بإعادة تضمين المستبعدين مجددا في حركة التعيينات قبل رفعها للرئاسة ردا على تحدي الجهة السيادية له باستبعاد حوالي 150 معاونا للنيابة من الحركة.

وجاءت الصدمة الثانية للمجلس على يد رئاسة الجمهورية التي أعادت الأزمة للمربع الأول، فلم يجر توقيعها كالمعتاد بمجرد ورودها من المجلس، مع إحالتها إلى الرقابة الإدارية لإجراء تحريات حول أهلية معاوني النيابة للالتحاق بشكل نهائي بالنيابة العامة.

وقامت الرقابة الإدارية بدورها باستبعاد 150 معاونا سبق إبعادهم من النيابة العامة تمهيدا لإقرار الأمر دون العودة مرة أخري لمجلس القضاء الأعلى.

وذهبت رئاسة الجمهورية خطوة أخرى في التحدي عبر رفع الحركة لهيئة التنظيم الإدارية التي اتخذت قرارا برفع تقارير لرئاسة الجمهورية، تفيد بأن الحركة يجب ألا تتجاوز تعيين أكثر من 300 معاون للنيابة وهو ما يشير لاستبعاد 250 معاونا للنيابة لعدم الحاجة إليهم داخل مرفق النيابة.

وأشعلت هذه الأزمة حالة من الغضب في أوساط مستشارين صبوا جام غضبهم على مجلس القضاء الأعلى متهمين إياه "بالتهاون في حقوق القضاة والصمت إزاء الحملة الرسمية للنيل من استقلاله".

تنازل المجلس
واعتبر مستشارون أن تنازل المجلس عن سلطته في تعيين رؤساء الهيئة القضائية شكل "أول مسمار في نعش استقلال القضاء"، بوصول الأمر للسماح للأجهزة السيادية بتحديد وجهة الحركة القضائية ونوعية وأعداد المرشحين للتعيين.

وتمثل الأزمة مأزقا كبيرا لمجلس القضاء الأعلى الذي يقف إزاء الأزمة غير قادر على التدخل لإعادة تعيين الأعداد المستبعدة وفقا لقرار الجهات السيادية، تجنبا للدخول في أزمة مع مؤسسات الرئاسة وأجهزتها المختلفة.

بالمقابل يواجه المجلس غضب المستشارين على استبعاد ما يقرب من 250 قاضيا أغلبهم من أبناء القضاء بشكل يؤشر لاستمرار الأزمة دون تحديد شكلها النهائي.

وتمثل تعيينات أبناء القضاة في النيابة العامة أحد أسباب الانتقادات الموجهة لمرفق القضاء، وتغيرت طريقة التعيين عام 2012 بإقرار الرئيس المعزول محمد مرسي طريقة تعيين أعضاء الهيئات النيابية وفق التقدير الأعلى.

وقدم المستبعدون العديد من التظلمات، كما نظموا عدة وقفات احتجاجية بوسط القاهرة لإعادة تعيينهم دون جدوى.

المصدر : الجزيرة