بهزلها وجدّها.. أين التعددية الحزبية في مصر؟

خلال اجتماع الأحزاب لإعداد الوثيقة الوطنية
ممثلون لأكثر من 15 حزبا عقدوا اجتماعا في ظل حديث السيسي عن اندماج الأحزاب (الجزيرة)

دعاء عبد اللطيف-القاهرة

تحت دعوى إعداد وثيقة وطنية حزبية تعيد التوزان للحياة السياسية، وتشكيل لجنة تنسيقية بين رؤساء الأحزاب والحكومة المصرية؛ اجتمع ممثلون عن كيانات حزبية وسياسية في مقر حزب الوفد بالقاهرة يوم الثلاثاء الماضي.
 
وناقش الاجتماع -الذي حضره ممثلون لأكثر من 15 حزبا يختلفون في أيديولوجياتهم السياسية، مثل التجمع (اليساري) والنور (السلفي) والدستور (الليبرالي)- تفعيل المادة الخامسة من الدستور من خلال الوثيقة الوطنية المأمول إعدادها.
 
وتنص المادة الخامسة من الدستور على إقامة حياة ديمقراطية على التعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة.
 
وقال رئيس حزب الوفد المستشار بهاء أبو شقة إن الاجتماع ستعقبه عدة ورشات عمل وجلسات، للاتفاق على وثيقة متكاملة تلتف حولها الأحزاب والقوى السياسية، معتبرا إياها فرصة حقيقية لتحقيق الديمقراطية.
 
غير أن غموض آليات إعداد الوثيقة وتنفيذها وتوقيت الإعلان عنها، دفع بعض المراقبين للربط بينها وبين دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأسبوع الماضي للتنسيق بين الحكومة والأحزاب واندماج القوى السياسية في كيانات كبرى، مما يمهد برأي البعض لتعديل الدستور لاحقا ومدّ فترة الرئاسة.
 
السيسي يقول إن اندماج الأحزاب سيكون في صالح البلاد (رويترز)
السيسي يقول إن اندماج الأحزاب سيكون في صالح البلاد (رويترز)

أخبار الاندماج
وتداولت وسائل إعلام محلية مؤخرا خبر انضمام 51 نائبا برلمانيا من حزب المصريين الأحرار إلى حزب مستقبل وطن، وكذلك اندماج ائتلاف "معا من أجل مصر" مع حزب مستقبل وطن.

وقبيل بدء اجتماع إعداد الوثيقة الوطنية، صرح المتحدث باسم حزب الوفد ياسر الهضيبي بأن قرار الاندماج بيد الأحزاب المجتمعة بحسب توافقها في الأفكار والأيديولوجيات.

ويبلغ عدد الأحزاب في مصر حوالي تسعين حزبا، وفق تصريحات المستشار عادل الشوربجي رئيس لجنة شؤون الأحزاب، ولم تكن تزيد على 23 حزبا قبل ثورة 25 يناير.

وأبدى البرلماني السابق عز الدين الكومي استغرابه من دعوة الأحزاب لإعداد وثيقة تهدف لإقامة حياة ديمقراطية، وتساءل: "كيف تدعو هذه الأحزاب للديمقراطية مع تأييدها لنظام عسكري جاء على أنقاض تجربة ديمقراطية حقيقة؟"، في إشارة للإطاحة بالرئيس محمد مرسي في 3 يوليو/تموز 2013.

ولا يوجد سبب وجيه لاجتماع الأحزاب سوى تزيين وجه السلطة الحالية، بحسب رأي الكومي، واصفا حزب الوفد بأنه "عراب النظام".

ولا يستبعد البرلماني السابق أن يكون اجتماع الأحزاب وما يتلوه من اجتماعات خطوة لدمج هذه الكيانات التي وصفها بالكرتونية. 

الحديث عن دمج الأحزاب ارتبط بحديث آخر عن مدّ فترة رئاسة الجمهورية (الأوروبية)
الحديث عن دمج الأحزاب ارتبط بحديث آخر عن مدّ فترة رئاسة الجمهورية (الأوروبية)

ديمقراطية "عسكرية"
وقال الكومي "ما سيحدث سيكون ديمقراطية عسكرية على غرار الاتحاد الاشتراكي في الحقبة الناصرية، وديمقراطية المنابر الوهمية في الحقبة الساداتية، وديمقراطية الحزب الواحد في عهد المخلوع حسني مبارك".

في السياق نفسه، رأى المحامي الحقوقي المتحدث باسم جبهة الضمير عمرو عبد الهادي أن تشكيل لجنة للتنسيق بين الأحزاب والحكومة هو تأميم للحياة السياسية.

وربط عبد الهادي بين تعيين متحدث عسكري سابق في منصب قيادي بحزب الوفد والخطوة التي تزعمها هذا الحزب، وقال إن "المسألة ليست على سبيل الصدفة فإعداد الوثيقة سيجري تحت أعين الجيش".

ورغم ذلك، قلل المحامي الحقوقي من تداعيات التنسيق بين الحكومة والأحزاب أو اندماج الكيانات السياسية، معتبرا أن كل القوى الموجودة على الساحة فقدت مصداقيتها أمام الجماهير.

أما القيادي في حزب الحرية والعدالة أحمد رامي الحوفي، فطرح تساؤلات عدة تخص الحراك الحزبي الأخير، ومنها "كيف لأحزاب شاركت في الانقلاب على الديمقراطية أن تؤسس لحياة ديمقراطية؟"، و"هل النظام الذي يعتقل قيادات حزبية مثل عبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب مصر القوية جاد في تأسيس حياة ديمقراطية سليمة؟".

واستنكر الحوفي تعيين حزب الوفد المتحدث العسكري السابق في منصب قيادي، "وكأنه أعدم من الكوادر والكفاءات"، ثم عاد لتساؤلاته "كيف لمثل هذا الحزب أن يتبنى وثيقة وطنية؟".

ويرى الحوفي أن ما يجرى داخل الأروقة الحزبية الآن لا يخرج عن كونه مسرحية هزلية وشكلا ديكوريا يصنعه النظام ليخفف الضغوط عليه من جانب الدول الغربية التي تطالبه بالحريات والديمقراطية.

أما رئيس حزب الجيل الديمقراطي ناجي الشهابي الذي كان من ضمن حاضري اجتماع الأحزاب، فطالب بوضع أسس يمكن من خلالها إعداد الوثيقة الوطنية بشكل أكثر وضوحا، داعيا إلى عقد اجتماع أسبوعي بين ممثلي الأحزاب لمناقشة أوراق العمل والخروج بتوصيات جادة ودقيقة.

وانتقد الشهابي كثرة الأحزاب في مصر، وقال إنها السبب وراء انعدام الدور الحزبي في البلاد.

المصدر : الجزيرة