الدراما الفلسطينية.. الحاضر الغائب في رمضان
عاطف دغلس-نابلس
في هذا الموسم الرمضاني وعلى غير العادة كان العمل الدرامي الفلسطيني على قلته "الغائب الحاضر"، فكل ما أنتج لا يصل لعدد أصابع اليد، ورغم ذلك لم يعرض أي منها -كما هو عمل الفنان عطا الله- على الشاشة الرسمية (تلفزيون فلسطين) لأسباب مختلفة لم تكن لتقنع المشاهد الذي ينتظرها بفارغ الصبر.
ورغم الإمكانيات البسيطة قدم الفنان عطا الله الجزء الرابع من "بدون إخراج" متحديا حالة "عسر الهضم" التي تشهدها الدراما الفلسطينية والمتمثلة برفض الجهات الرسمية تبني الأعمال أو عرضها، فالتلفزيون الرسمي وفق عطا الله "أوعز منذ البداية أنه لن يستقبل أي عمل فني هذا العام" ليولد إحباطا جديدا عند مؤسسات الإنتاج ويحملها على رفض طرح أعمال جديدة مستقبلا.
شح المال
إضافة إلى غياب الدعم الرسمي يقف شح المال بالمرصاد أمام المؤسسات الفنية ويحول دون إنتاجات جديدة، فقلة المال حسب عطا الله تعني عدم توفر الإمكانيات التقنية وتحميل الكادر الفني والتقني ما لا يطيق، لذا فهو يرفض أي انتقاد لعمله الفني، ويقول "إن من يريد أعمالا مميزة عليه أن يدعم"، مبديا استعداده للقبول باشتراطات أي داعم مقابل إنتاج أعمال منافسة.
وداخل أروقة الفن لم تتجاوز الدراما الفلسطينية طابعها "المحلي" ولما ترتق بعد لنظيرها العربي، الأمر الذي يرجعه المنتجون إلى خلل في التمويل وليس لضعف في الأداء، فالفنانون والمخرجون مبدعون ويشاركون بأعمال عربية.
لكن ذلك لا يراه المخرج الفلسطيني بشار النجار منصفا لبعض الأعمال بل "إهانة" لها، إذ يرفض الأحكام المسبقة على أي عمل، خاصة إذا كان مثل مسلسله "أولاد المختار" الذي استغرق 19 شهرا بمشاركة سبعين فنانا وتقنيا، وهو الأول فلسطينيا بالشكل والمضمون، حيث يتناول القضية في ثلاث حقب زمنية بثورتها ونكبتها ونكستها وما بعدها، ورغم ذلك عصفت به الريح ولم يعرض محليا أو حتى عربيا.
منع سياسي
ولأسباب سياسية رفضت فضائيات عربية عرض "أولاد المختار"، وفلسطينيا لم ينصف ماليا ولم يقدر حجم الجهد والإبداع المبذول، ويرجع النجار ذلك إلى غياب الثقة بالدراما الفلسطينية، مما أصابهم بانتكاسة وكسرة خاطر حسب وصفه.
وأبدى النجار اعتذاره لجمهوره بما خطه على حائطه في فيسبوك بشأن عدم عرض عمله، وأشار إلى أنه تلقى وعدا بذلك بعد شهر رمضان.
ويتفق النجار مع عطا الله في أن شح الموارد المالية وعدم تقييم الأعمال وإنصافها ماديا سببان رئيسيان لغياب الدراما، لكنه لا يخفي تساؤله بشأن جدوى عدم عرض ما ينتج منها على التلفاز الرسمي والفضائيات الفلسطينية، مشيرا إلى أن ذلك يدفع المنتجين إلى "التوقف" عن إنتاج أي أعمال أو الذهاب إلى شركات عربية لإنتاجها.
من جهته، لا يقلل مدير عام البرامج في هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطيني خالد سكر من شأن أي عمل، ويعلل عدم عرضها "بتأخر تقديمها" بعد انتهاء الخطة البرامجية، وأن "الأداء ببعض الأعمال لم يحالفه الحظ".
ويقول خالد إن ذلك جعلهم يتوجهون إلى الفنانين والمنتجين الفلسطينيين لعقد ورش عمل مع شركات إنتاج ضخمة لتحفيزهم على تقديم الأفضل "وحينها سنكون شركاء معهم وليس داعمين فقط".
غياب الرؤية
ويضيف للجزيرة نت أن بابهم مفتوح لأي عمل جيد، وأنهم الآن يعكفون على إنتاج عمل درامي ضخم سيعرض في رمضان القادم بمشاركة فنانين فلسطينيين محليين ومن الخارج بتكلفة تصل إلى مليون دولار ليكون الأعم الأضخم عربيا.
في المقابل، يعزو الناقد الفني وأستاذ الإعلام سعيد أبو معلا شح الدراما الفلسطينية لعدم وجود شركات فلسطينية تعمل في إنتاج المسلسلات التلفزيونية، وذلك لأن السوق الفلسطينية ضعيفة لاستعصاء دخول الدراما الفلسطينية على الشاشات العربية لأسباب، من ضمنها ضعف الجودة وعدم ملاءمة حجم التطور الحاصل في الدراما العربية مع الدراما الفلسطينية.
ورغم أن تلفزيون فلسطين -حسب أبو معلا- قاد مبادرات إنتاجية بالسابق فإنه متوقف منذ سنوات، وأرجع عدم دعم الدراما لضعف الميزانيات وغياب الرؤية عند المسؤولين عن الإعلام الرسمي.
وأمام هذا الواقع وحتى يتم تبني تلك الأعمال ودعمها يبقى فضاء مواقع التواصل الاجتماعي خيار المنتجين لنشرها والحفاظ على جماهيرها.