الصحراء الغربية.. توتر مستمر وحلول متعسرة

الصحراء الغربية: واشنطن تتراجع لكن ماذا بشأن العلاقة مع المغرب؟
خيام جبهة البوليساريو في منطقة تندوف بالجزائر (دويتشه فيلله-أرشيف)

لا تكاد تطورات قضية الصحراء الغربية تهدأ إلا لتشتعل من جديد، إذ اتهمت الخارجية المغربية الأحد جبهة البوليساريو بالقيام باستفزازات في المنطقة العازلة، ونددت بما اعتبرته انتهاكا موصوفا لاتفاق وقف إطلاق النار في المنطقة المتنازع عليها.

وكانت جبهة البوليساريو قررت إحياء ما تسميه "الذكرى الـ45 لاندلاع الكفاح" اليوم الأحد بمنطقة تيفاريتي التي تعتبرها "محررة"، وذلك لتنظيم احتفالات ومناورات عسكرية وصفت بالضخمة بحضور وفود تمثل دولا تدعمها وتتعاطف معها.

لكن المغرب رفض هذه الخطوة التي تكررت في السنوات الأخيرة، وقال إنها غير مقبولة لأنها تسعى لتغيير للوضع الفعلي والتاريخي والقانوني للمنطقة, يمكن أن يدفع المنطقة إلى المجهول.

الخارجية المغربية وإن رأت -حسب بلاغها- في تحرك جبهة البوليساريو تعبيرا عن المأزق الذي باتت تعيشه والدولة الجزائرية التي تدعمها بعد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2414، وهروبا للأمام عبر مضاعفة التحركات الخطيرة وغير المسؤولة، فإنها أبلغت مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وبعثة الأمم المتحدة في المنطقة (مينورسو) بهذا التطور، وطالبتهم بـ"اتخاذ الإجراءات الضرورية ضد هذه الممارسات غير المقبولة"، كما طالبت بتحقيق دولي.

‪‬ وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة قال إن لدى بلاده أدلة دامغة تثبت أن حزب الله قام وبتنسيق من سفارة إيران بالجزائر بتقديم مساعدات عسكرية لجبهة البوليساريو(الأناضول)
‪‬ وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة قال إن لدى بلاده أدلة دامغة تثبت أن حزب الله قام وبتنسيق من سفارة إيران بالجزائر بتقديم مساعدات عسكرية لجبهة البوليساريو(الأناضول)

أنطونيو غوتيريش من جانبه قال في بيان له أصدره المتحدث الرسمي باسمه ستيفان دوجاريك، إنه يتابع عن كثب التطورات في الإقليم. وأضاف أنه وفقا لقرار مجلس الأمن 2414 المعتمد في 27 أبريل/نيسان 2018، وللمحافظة على بيئة مواتية لاستئناف الحوار، يدعو الأمين العام المغرب وجبهة للبوليساريو لممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وعدم اتخاذ أي إجراء قد يشكل تغييرا للوضع القائم في إقليم الصحراء.

توتر مستمر
ويأتي هذا التطور بعد أكثر من شهر ونصف الشهر على احتجاج المغرب في فاتح أبريل/نيسان الماضي على توغلات لعناصر لجبهة البوليساريو في الكركرات بالمنطقة العازلة بالصحراء الغربية والتي وصفتها بشديدة الخطورة للجبهة.

وفي السياق نفسه، قال رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني إن بلاده لم ولن تسمح بتغيير المعطيات على أرض الواقع بالمنطقة العازلة خاصة ما يتعلق بتشييد بعض البنايات. ولوّح المغرب بالرد على استفزازات البوليساريو في الصحراء الغربية ما لم يتحمل مجلس الأمن والجزائر مسؤوليتهما عن التوغلات التي وصفها بالخطيرة للجبهة.

بالمقابل، انتقدت البوليساريو التصريحات المغربية واعتبرتها "محاولة للتنصل من عملية السلام". وقال منسق الجبهة مع البعثة الأممية امحمد خداد لوكالة الصحافة الفرنسية "نحن ندين هذا الهروب إلى الأمام، وسنرد على أي خرق لوقف إطلاق النار". أما الأمم المتحدة فدعت لضبط النفس، في وقت قالت بعثة المينورسو في الصحراء الغربية إنها لم تلحظ أي تحرك لعناصر عسكرية في المنطقة الشمالية الشرقية.

إيران وحزب الله
وبعد ذلك بأسابيع قررت الرباط قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران على خلفية صلة حزب الله اللبناني بجبهة البوليساريو.

وقال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إن أسباب القرار مرتبطة بتهديد الأمن الوطني للمملكة المغربية، وتهديد المواطنين المغاربة من خلال أدلة دامغة ومعطيات دقيقة توفرت لدى المغرب، تثبت أن حزب الله قام وبتنسيق من سفارة إيران في الجزائر بتقديم كل المساعدات لجبهة البوليساريو لتكوين قيادة عسكرية، وتدريب عناصر من الجبهة على الحرب، فضلا عن تسليمها أسلحة.

وبينما نفى كل من حزب الله وإيران الاتهام المغربي، استدعت الخارجية الجزائرية السفير المغربي للاعتراض على اتهام المغرب للجزائر بأنها أدت دورا في دعم إيران لجبهة البوليساريو.

مبعوث الأمم المتحدة للصحراء الغربية هورست كولر وعد مجلس الأمن بإجراء جولة جديدة من المفاوضات عام 2018 دون تحديد تاريخ(غيتي)
مبعوث الأمم المتحدة للصحراء الغربية هورست كولر وعد مجلس الأمن بإجراء جولة جديدة من المفاوضات عام 2018 دون تحديد تاريخ(غيتي)

ويتهم المغرب الجزائر بالدعم الكامل لجبهة البوليساريو ولكل خطواتها، ويطالب بإدخال الجزائر في مفاوضات الحل لقضية الصحراء الغربية، بينما تقول الجزائر إنها غير معنية بالنزاع، وتبرر دعمها للجبهة بأنه دعم لحق الشعوب في تقرير مصيرها.

مفاوضات
في الأسبوع الأخير من أبريل/نيسان الماضي أقر مجلس الأمن الدولي مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة يحث المغرب وجبهة البوليساريو على الانخراط في مفاوضات لإيجاد "حل سياسي واقعي وعملي ودائم لنزاع الصحراء الغربية".

ودعا مجلس الأمن الأمين العام الأممي أنطونيو غوتيريش للتباحث مع الأطراف المعنية لمناقشة الترتيبات العسكرية التي تمس وقف إطلاق النار الساري منذ 1991 بين الطرفين وتشرف بعثة المينورسو -التي مدد انتدابها لستة أشهر- على احترام وقف النار.

وبعد فشل محاولات مبعوثين أممين للصحراء، وعد مبعوث الأمم المتحدة الجديد للصحراء الغربية هورست كولر -الذي عين في منصبه يوم 17 أغسطس/آب2017- مجلس الأمن بإجراء جولة جديدة من المفاوضات عام 2018 دون تحديد تاريخ.

وبينما يؤكد المغرب سيادته على الصحراء الغربية وأحقيته التاريخية فيها، واقترح منذ سنوات منحها حكما ذاتيا كحل سياسي للنزاع، تتشبث جبهة البوليساريو بإجراء استفتاء لتقرير مصير المنطقة.

المصدر : الجزيرة + وكالات