هل استوفى الباحثون التأريخ للنكبة؟
محمد ازوين-الدوحة
ويهدف المؤتمر، الذي يستمر على مدى ثلاثة أيام، إلى تطوير البحث التاريخي العربي، وتعزيز التراكم المعرفي التاريخي، وتحقيق عملية التواصل بين المؤرخين العرب لدراسة الكتابات التاريخية التي عالجت نكبة فلسطين.
وتناولت جلسات المؤتمر في يومه الأول موضوع كتابة تاريخ النكبة والقضية الفلسطينية، وكيفية تحول ممارسة كتابة اليوميات إلى مدخل محدد لتجربة النكبة، ودراسة الوثائق والصور والتاريخ الشفوي الفلسطيني، وغير ذلك من القضايا ذات العلاقة من خلال أوراق بحثية قدمها باحثون وأكاديميون.
وفي كلمة بافتتاح المؤتمر، قال المدير العام للمركز إن تخصيص المؤتمر السنوي للدراسات التاريخية هذا العام لموضوع نكبة فلسطين يتزامن مع مرور سبعين عاما على النكبة بشكل أكاديمي، وهو ما يعطي في موضوعه وتوقيته بعدا سياسيا للقضية.
تأريخ النكبة
وأوضح عزمي بشارة أن المؤتمر يتناول "النكبة" بالمعنى الهيستوغرافي، أي دراسة عملية تأريخ النكبة وليس تاريخها الواقعي الحقيقي، وهو موضوع ما زال يحتمل الكثير من البحث، مشيرا إلى أن هذا الموضوع أهمل كثيرا، وهو يعكس تدهورا في الحالة العربية.
ويوضح بشارة أن موضوع فلسطين مرتبط بمسألة الهوية العربية إلى حد كبير، يعني أن قضية فلسطين قضية عربية أولى، وكلما تراجع هذا الموضوع إلا وحصل تراجع في الهوية العربية وتمزق العرب كما تشهدون الآن، خاصة في المشرق العربي.
ولفت بشارة إلى أن المركز العربي يعمل على مشروع "الذاكرة الفلسطينية" ومأسستها بشكل يسد فراغا كبيرا في الساحة حاليا، فهناك ضعف في هذا الجانب مردّه أصلا ضعف المؤسسات الفلسطينية، وتحديدا تراجع منظمة التحرير الفلسطينية، منوها في هذا الصدد بما قامت به ولا تزال مؤسسة الدراسات الفلسطينية في تأريخ القضية الفلسطينية وأبحاثها.
واعتبر أن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات يسعى لملء فراغ كبير في هذا الجانب، منوها بالنزعة الحالية لدى عدد كبير من الباحثين الفلسطينيين الشباب الذين يشارك عدد منهم في المؤتمر ويقومون بتأريخ القضية الفلسطينية، وهناك محاولة لتسجيل الذاكرة بسرعة سواء عبر التاريخ الشفوي أو التوثيق.
ظرف حساس
من جهة أخرى، قال الباحث في المركز العربي للأبحاث ببيروت صقر أبو فخر إن مؤتمر الدراسات التأريخية يأتي في ظرف بالغ الحساسية والأهمية نظرا للحديث عما تسمى صفقة القرن، وإن كانت لم تتضح معالمها بعد ولم تعلن بشكل رسمي، وأضاف أبو فخر أن ما تسرب من صفقة القرن هو مجرد أفكار نستطيع أن نقول إنها لن تمر.
وأضاف الباحث في تصريح للجزيرة نت أنه لا يمكن فرض حل قسري على الشعب الفلسطيني حتى لو تكالبت عليه أمم الأرض، خصوصا هذه الصفقة التي يحاول من يسوقها إقناع الفلسطينيين بالتخلي عن القدس التي لا يستطيع أي سياسي فلسطيني التخلي عنها، فحتى الزعيم الراحل ياسر عرفات في ذروة زعامته لم يستطع التخلي عن القدس، لذا تمت تصفيته.
وأشار إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يعرف أنه بقرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل خدم القضية الفلسطينية من حيث لا يشعر، فما إن أعلن ترامب قراره حتى هب الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج وكثير من شعوب الأمة إلى رفض القرار، وتصدرت قضية فلسطين عناوين الأخبار بعد أن تراجعت نتيجة للأحداث الجارية في العالم.
وأكد المتحدث نفسه أن القضية الفلسطينية ممتدة على مدى سبعين عاما وستبقى كذلك، لأن الفلسطينيين أصحاب أرض وحق، والدليل أنهم منذ سبعين عاما وهم يتوارثون مفاتيح بيوتهم التي هجروا منها، علما أن الثورة الفلسطينية المعاصرة هي ثورة لاجئين، فما بالك بمن بقي في فلسطين.
وقال أبو فخر إن انتشار الشتات الفلسطيني في العالم يخدم القضية ويعرف بها لدى شعوب العالم، وآثار ذلك مشاهدة في قرارات الأمم المتحدة التي عادة ما تعزل إسرائيل، لتلجأ بعد ذلك إلى الفيتو الأميركي، وهذا ما يجعل من القضية الفلسطينية محور اهتمام فلسطينيي الشتات والداخل، وبالتالي فنحن صامدون.