في "الذكرى السبعين" إسرائيل تستغل العربية لتزييف الوعي

المؤسسة الإسرائيلية عمدت على نصب لافتات بمداخل البلدات العربية بالداخل تدعو المواطنين العرب للمشاركة في احتفالات "الاستقلال"
الاحتلال عمد لنصب لافتات بمداخل البلدات العربية تدعو فلسطينيي 48 للمشاركة باحتفالات "الاستقلال"(الجزيرة)

محمد محسن وتد-أم الفحم

بالتزامن مع فعاليات العودة للجذور والقرى المهجرة وإحياء ذكرى النكبة، أطلقت المؤسسة الإسرائيلية حملة دعائية باللغة العربية استهدفت فلسطينيي 48 بدعوتهم للمشاركة في احتفالات الذكرى السبعين لما يسمى "استقلال" إسرائيل.

وتأتي حملة طمس الهوية الفلسطينية وتزييف الوعي للنشء مع الزخم وتعاظم التفاعل مع مسيرات العودة الكبرى، في وقت تتأهب فيه الأذرع الأمنية والعسكرية الإسرائيلية لتداعيات مسيرة العودة بقطاع غزة والخوف من انتقالها للداخل الفلسطيني والضفة الغربية حين تصل ذروتها منتصف مايو/أيار القادم.

وعلى عكس الممارسات والتشريعات العنصرية والإستراتيجية التي اعتمدتها تل أبيب للقضاء على حق العودة للفلسطينيين، يقول رئيس لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين بأراضي 48 سليمان فحماوي "اختارت إسرائيل هذا التوجه الدبلوماسي مع إطلاق فعاليات الذكرى السبعين للنكبة الخميس مع بدء مراسيم الاحتفالات الإسرائيلية بـ (الاستقلال)".

تحديات وتداعيات
بالمقابل، تنطلق مسيرة العودة الـ 21 لقرية عتليت المهجرة قضاء حيفا تحت شعارات "استقلالهم نكبتنا، لا عودة عن حق العودة، نعم لعودة المهجرين واللاجئين إلى ديارهم" ويقول فحماوي في تصريح للجزيرة نت إن شعارات المسيرة ثوابت يتمسك بها كل فلسطيني وتحديدا النشء، علما أن الغالبية العظمى من المشاركين بفعاليات العودة وإحياء ذكرى النكبة من الجيل الشاب.

‪مسيرات العودة للقرى المهجرة للعام الـ 21 تنظمها جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين بالداخل بالتزامن مع احتفالات إسرائيل بـ
‪مسيرات العودة للقرى المهجرة للعام الـ 21 تنظمها جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين بالداخل بالتزامن مع احتفالات إسرائيل بـ "الاستقلال"‬ مسيرات العودة للقرى المهجرة للعام الـ 21 تنظمها جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين بالداخل بالتزامن مع احتفالات إسرائيل بـ "الاستقلال" (الجزيرة)

وقلل رئيس لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين بأراضي 48 من تداعيات وتأثير الحملات الإسرائيلية على الأجيال الفلسطينية الشابة، مبينا أن "النشء ورغم ما يواجه من تحديات ومؤامرة سلطوية، نجح بالتأقلم وصقل شخصية وطنية وتدويل حقوقه".

ويضيف فحماوي "ممارسات إسرائيل وسياساتها العنصرية والاحتلالية ضد الشعب الفلسطيني أحدثت ردة بإفشال مخططات الانصهار، وتعميق الوعي عبر الحفاظ على الهوية الوطنية، والتمسك بالثوابت الفلسطينية والإصرار على حق العودة".

ولمواجهة الحملة الإسرائيلية، بادر نشطاء بالحراك الشبابي بالداخل الفلسطيني بتنفيذ حملة توعوية بضرورة المشاركة في مسيرات العودة، وفعاليات إحياء ذكرى النكبة، وتكثيف الزيارات والجولات الميدانية للقرى المهجرة، والتوعية بضرورة عدم التعاطي مع الدعوات الإسرائيلية للاحتفال بـ "الاستقلال" عن طريق عريضة على شبكات التواصل الاجتماعي بعنوان "لنزيل لافتات احتفالهم بنكبتنا".

‪فحماوي: ممارسات الاحتلال دفعت الفلسطينيين لتعميق وعيهم بالهوية‬ فحماوي: ممارسات الاحتلال دفعت الفلسطينيين لتعميق وعيهم بالهوية (الجزيرة)
‪فحماوي: ممارسات الاحتلال دفعت الفلسطينيين لتعميق وعيهم بالهوية‬ فحماوي: ممارسات الاحتلال دفعت الفلسطينيين لتعميق وعيهم بالهوية (الجزيرة)

رفض وتصد
ودعا ورد كيال وأحمد دراوشة من المبادرين للعريضة لجنة المتابعة والفعاليات السياسية والقوى الوطنية والسلطات العربية إلى إزالة لافتات الاحتفال بما يسمى "يوم استقلال إسرائيل".

واختصر كيال ودراوشة حديثهما بالقول "لا يمكن أن نقبل، بأي حال من الأحوال، أن تتحول مدننا وقرانا إلى مساحات احتفال في ذكرى اقتلاع شعبنا من وطنه، وتدمير أكثر من 530 مدينة وقرية فلسطينية بتفاصيل حياتها الزاخرة والعامرة، ومنع ملايين اللاجئين من العودة إلى وطنهم".

وتعليقا على الحملة الإسرائيلية، يجزم الناشط الشبابي دراوشة أن إسرائيل "لا تخجل من نفسها، إذ أقيمت على أنقاض الشعب الفلسطيني الذي شردته، ودمرت قراه وبلداته ولا تزال تحتله وتسيطر عليه بالحكم العسكري" مؤكدا التصدي ورفض مخططات المؤسسة الإسرائيلية الرامي لفرض هذه اللافتات الترويجية، وغيرها من المظاهر الاحتفالية على النشء الفلسطيني سعيا لتشويه الهوية وتذويب الوعي.

وقال دراوشة في حديثه للجزيرة نت إن "اللافتات عند مداخل مدننا وقرانا مهينة ومؤذية للعين والنفس، ونحن نرى السلطات الإسرائيلية تحول مأساتنا، من النكبة إلى الحكم العسكري، ومجزرتي كفر قاسم وصندلة، والنكسة، ومجزرة يوم الأرض، والانتفاضتين، وهذه الإعدامات الميدانية التي نشهدها، وغيرها، إلى لافتات احتفالية مستفزة وتبعث على الغضب".

إصرار وتمسك
ورغم سعي إسرائيل لبث قوتها وهيبتها عبر حملة الاحتفال بـ "الاستقلال" وتعاطي ثلة قليلة من العرب معها بالمشاركة ورفع الراية الإسرائيلية، فإن رئيس حزب الوفاء والإصلاح حسام أبو ليل يعتقد أن هذه الحملة والدعوات تعكس الهواجس، وحالة الضعف التي تعيشها المؤسسة الأمنية والعسكرية، مع تواصل مسيرات العودة في قطاع غزة وانتقال الفعاليات للداخل الفلسطيني، والتي ستتواصل حتى منتصف مايو/أيار المقبل، بالتزامن مع إحياء الذكرى السبعين للنكبة.

‪أبو ليل: حملة إسرائيل تعكس هواجسها وضعفها مع تواصل مسيرات العودة‬ أبو ليل: حملة إسرائيل تعكس هواجسها وضعفها مع تواصل مسيرات العودة (الجزيرة)
‪أبو ليل: حملة إسرائيل تعكس هواجسها وضعفها مع تواصل مسيرات العودة‬ أبو ليل: حملة إسرائيل تعكس هواجسها وضعفها مع تواصل مسيرات العودة (الجزيرة)

وأكد أبو ليل للجزيرة نت بأن ما تقوم به إسرائيل من: قمع للشعب الفلسطيني ومواصلة تشريده واضطهاده والتعامل حتى مع فلسطينيي 48 الذين فرضت عليهم الجنسية الإسرائيلية كأعداء وطابور خامس وحصارهم بتشريعات عنصرية يدفع الشعب الفلسطيني للتمسك أكثر بالثوابت والحقوق، ورفض المساومة والإصرار على العودة.

وعن أسباب ودوافع وأهداف الحملة الإسرائيلية، رأى أبو ليل أن عجز تل أبيب يصطدم بقطاع غزة الذي يواصل مسيرات العودة التي أعادت للقضية الفلسطينية اعتبارها وزخمها، وما زالت إسرائيل تعيش هواجس عقدة النكبة رغم مرور سبعين عاما.

وأضاف أبو ليل أن هذا العجز وهواجس عقدة النكبة تدفع الاحتلال إلى "الاستعانة بالحملات الترويجية والصيحات الاستعراضية العسكرية للتستر على وهنه، وبث رسائل للشعب اليهودي أن إسرائيل ما زالت قوية".

المصدر : الجزيرة