تحالفات هجينة.. هكذا تغيرت انتخابات لبنان

يتوقع بعض المراقبين خروقات محدودة لبعض المرشحين المستقلين
يتوقع بعض المراقبين خروقا محدودة لبعض المرشحين المستقلين (الجزيرة)

وسيم الزهيري-بيروت

يغرق لبنان من أقصاه إلى أقصاه في التحضير للانتخابات البرلمانية المقررة في السادس من مايو/أيار المقبل، ولا ضير في القول إن هذا الاستحقاق يشكل واحدا من أكثر الانتخابات إثارة للجدل في تاريخ البلاد.

فإضافة إلى اعتماد لبنان للمرة الأولى في حياته البرلمانية النظام النسبي مع الصوت التفضيلي وما يواجهه القانون الجديد من تحفظات، فإن نظرة على خريطة التحالفات الانتخابية تظهر مشهدا معقدا يصعب تفسيره في ضوء اعتماد المصالح الانتخابية والتحالفات الموضعية.

وتعليقا على هذه الخريطة المستجدة، رأى الكاتب السياسي وليد حسين أن الانتخابات تخاض هذه المرة بتحالفات هجينة، وقال حسين للجزيرة نت إن الجميع يبحث عن مصالحه الانتخابية بعيدا عن التحالفات السياسية. ولفت إلى أن تيار المستقبل تحالف في معظم الدوائر مع التيار الوطني الحر خصم الأمس، بينما لم يشكل لوائح مشتركة مع حليفه الطبيعي حزب القوات اللبنانية إلا في عكار وبعض مناطق الجبل.

‪قد يشكل القانون النسبي فرصة لبعض القوى لدخول البرلمان‬ قد يشكل القانون النسبي فرصة لبعض القوى لدخول البرلمان (الجزيرة)
‪قد يشكل القانون النسبي فرصة لبعض القوى لدخول البرلمان‬ قد يشكل القانون النسبي فرصة لبعض القوى لدخول البرلمان (الجزيرة)

وأشار إلى أن القوات اللبنانية شكلت تحالفات متجانسة إلى حد كبير مع خطابها السياسي، كما أن حزب الكتائب حاول الانسجام مع أطروحاته، وعقد تحالفات مع حزب القوات في بيروت وبعض دوائر الجنوب والشمال وبيروت.

وباستثناء استمرار تحالف القوتين الشيعيتين الأبرز حزب الله وحركة أمل في مناطق نفوذهما المشتركة في الجنوب وبعض دوائر البقاع وبيروت والجبل، واحتفاظ الحزب التقدمي الاشتراكي بتحالفاته السابقة مع تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية في دوائر الجبل والبقاع الغربي، فإن شكل التحالفات الانتخابية أظهر تبدلا ملحوظا مقارنة بآخر انتخابات شهدتها البلاد عام 2009، في وقت تتحالف فيه قوى في دوائر وتتنافس في أخرى، بينما جمعت المصلحة الانتخابية خصوما سياسيين.

التحالف الجديد
ولعل التحالف الجديد الأبرز في هذا الاستحقاق هو بين تيار المستقبل الذي يتزعمه رئيس الوزراء سعد الحريري والتيار الوطني الحر الموالي لرئيس الجمهورية ميشال عون في عدد من دوائر بيروت والشمال والبقاع والجنوب، وذلك في استمرار للاتفاق الذي أوصل عون إلى سدة الرئاسة الأولى والحريري إلى رئاسة الحكومة، علما بأن الطرفين يتنافسان في الوقت عينه بلوائح متقابلة في أماكن أخرى.

‪تتحالف قوى سياسية في بعض الدوائر وتتنافس في أخرى‬ (الجزيرة)
‪تتحالف قوى سياسية في بعض الدوائر وتتنافس في أخرى‬ (الجزيرة)

ومن المفارقات أن اتفاق "إعلان النوايا" بين الحزبين المسيحيين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، والذي ساهم سابقا في إيصال ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، لم يثمر تحالفا بين الجانبين في أي من الدوائر الانتخابية على مساحة الوطن.

وبينما يتحالف التيار الوطني مع حزب الله في دوائر بيروت الثانية وبعبدا، فإن الحليفين المرتبطين بورقة تفاهم منذ العام 2006 سيتواجهان في أماكن أخرى مثل دوائر زحلة وكسروان جبيل  والجنوب وبعلبك الهرمل في لوائح متقابلة.

الصوت الاعتراضي
وقد بلغ عدد اللوائح المسجلة 77 في خمس عشرة دائرة سيتنافسون في كل لبنان على 128 مقعدا، وشجع اعتماد القانون النسبي الكثير من العاملين في منظمات المجتمع المدني والمستقلين على الترشح رافعين شعارات محاربة الفساد والإنماء وغيرها.

وحول إمكانية تمكنهم من خرق لوائح الأحزاب التقليدية، تقول الباحثة في الشأن العام زينة الحلو إن الأمر متوقف على مزاج الناخبين الذي قد يشكل مفاجئة في بعض الأماكن نتيجة الصوت الاعتراضي.

وأشارت الحلو للجزيرة نت إلى حظوظ جدية وإن كانت محدودة لبعض المرشحين المستقلين، واعتبرت أن معركة هؤلاء لا تدخل في مفهوم الربح والخسارة، بل لإظهار مدى الاعتراض على سياسات الطبقة الحاكمة.

باختصار، إنه زمن الانتخابات والخطاب السياسي المتجه إلى سخونة أكبر خلال الأيام المقبلة، لكن الكلمة الفصل تبقى لصناديق الاقتراع وما ستفرزه من نتائج بدءا من فجر السابع من مايو/أيار المقبل.

المصدر : الجزيرة