قانون الانتخاب اللبناني.. نسبية بنكهة محلية

صورة عامة من الشوارع لصور انتخابية
مرشحون يخوضون الانتخابات وفق قانون النسبية الذي تحكمت بنصوصه التفاهمات السياسية (الجزيرة)

بيروت-الجزيرة نت

لم يأت القانون الحالي للانتخابات في لبنان بسهولة، وتطلب الأمر تمديد ولاية البرلمان لمرتين متتاليتين عامي 2013 و2015 (وثالثة تقنية عام 2017) ونقاشات واجتماعات مطولة بين القيادات السياسية الموجودة بالحكم، مما تمخض عنها قانون يعتبر هجينا لا تزال نسبة كبيرة من الناخبين لا تفهمه جيدا.

بدأ النقاش حول القانون قبل أول تمديد لينتهي يوم 14 يونيو/حزيران 2017 حين أقرت الحكومة الحالية القانون الجديد الذي يعتمد النسبية ويقسم البلاد إلى 15 دائرة انتخابية، وتم تمديد ولاية البرلمان لمرة ثالثة (11 شهرا) كي يتسنى لوزارة الداخلية التحضير للانتخابات.

ولم يتم اعتماد تقسيم واحد للدوائر منذ أول انتخابات بعد انتهاء الحرب الأهلية. ففي انتخابات 1992 قسم لبنان إلى 12 دائرة، وعشر عام 1996، و14 في دورتي 2000 و2005. لكن القانون الجديد لم يلحظ عددا من التعديلات التي طالب بها الكثير من الأطراف مثل اعتماد كوتا نسائية وتخفيض سن الاقتراع من 21 إلى 18 وضبط الإنفاق المالي.

شمس الدين: كل شيء يتحور ليناسب الواقع الطائفي
شمس الدين: كل شيء يتحور ليناسب الواقع الطائفي

وينص القانون الجديد على اعتماد النسبية في توزيع المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية على القوائم المختلفة، حسب نسبة الأصوات التي حصلت عليها كل قائمة في الانتخابات. يتم بعدها توزيع المقاعد على كل لائحة وفق الصوت التفضيلي (وهو ترتيبي) إذ يكون للمقترع الحق بصوت تفضيلي لمرشح في اللائحة التي يختارها. ولكن هذه النسبية "على الطريقةِ اللبنانية".

كما يقول الخبير الانتخابي محمد شمس الدين للجزيرة نت أن "كلُ شيء يكون صحيحا فنحوّره ليتطابق مع الواقع الطائفي والسياسي اللبناني، وطبعا يفقد الكثير من أهميته. اليوم اعتماد النسبية على 15 دائرة وفق التقسيمات أفرغ النسبية من مضمونها ومحتواها. كما أن اعتماد صوت تفضيلي واحد وليس اثنين محصور بالقضاء، هذا أيضا شوّه النسبية".

التفاهمات السياسية
وهو ما قد يفسر الموافقة من قبل كل الأطراف على اعتماد النسبية التي كانت حتى سنوات قليلة كلمة لا يريد أحد النطق بها أو سماعها. إذ عارضت أطراف أساسية لسنوات اعتمادَ نظام النسبية الذي يسمح لجميع الأحزاب بدخول البرلمان، وفق نسبة الأصواتِ التي تحصل عليها بصناديق الاقتراع، لكن يبدو أنّ التفاهماتِ السياسيةَ التي رافقت مرحلةَ انتخاب ميشال عون رئيسا أفضت إلى اتفاقٍ على قانون يعتمد النسبيةَ مع ضوابطَ مختلفة. ويبدو أن هذه القيود ستحافظ على التوازنِ السياسي الحالي، دون تعديل جذري، وفق الصحافي أمين قمورية الذي يقول للجزيرة نت "القانون غريب عجيب فصلته الطبقة السياسية تحت عنوان الضغط الشعبي بالمطالبة بقانون نسبي على مقاسها ويأتي بالنتائج التي تتوقعها".

 قمورية: القانون تم تفصيله على مقاس الطبقة السياسية
 قمورية: القانون تم تفصيله على مقاس الطبقة السياسية

ومن مميزات القانون الجديد إنّه اعتمد التصويت بواسطة أوراق اقتراع رسمية، تطبعها وزارة الداخلية سلفا وتتضمن أسماء اللوائح وأعضاءها واللون المخصص لها، على أن يختار الناخب واحدة من اللوائح وأحد مرشحيها ويعطيه صوته التفضيلي. وسيساهم ذلك في الحد بعض الشيء من التزوير، إذ أنّه لا يمكن لأي ناخب إدخال ورقته الخاصة إلى غرفة الاقتراع، وأي ورقة لا تحمل علامة الداخلية توجد في الصناديق وقت الفرز سيتم إلغاؤها.

الرشوة
لكن القانون لم يمنع أو يحد من الرشوة الانتخابية، إذ لم يضع أي معوقات أمام الإنفاق الانتخابي الذي حدده بحوالي ثلاثة دولارات عن كل ناخب في كل دائرة انتخابية مما يعني أنّ المتمولين ورجال الأعمال سيتمكنون في الدوائر الكبرى من دفع ملايين الدولارات، ولا رقيب على أين وكيف تدفع. إذ أنّ القانون لم يمنح هيئة الإشراف على الانتخابات التي شكلت للمرة الأولى بموجب القانون الجديد أي وسيلة للتحقق من أن هذه الأموال تدفع رشى أو نفقات انتخابية.

كما تم اعتماد ستة مقاعد في مجلس النواب مخصصة للمقيمين خارج البلاد تحدد بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين، وتتم إضافتها إلى عدد مقاعد أعضاء مجلس النواب ليصبح 134عضوا. لكن تم تعليق هذه المادة ليبدأ تطبيقها في أول انتخابات تحصل بعد انتخابات مايو/أيار 2018.

المصدر : الجزيرة