ملفات ولاية السيسي الثانية.. اللعب على المكشوف

سياسات السيسي الفقراء بمصر، ومن المتوقع مزيد من الإفقار في الفترة الرئاسية الجديدة. (تصوير خاص لمشرد في شوارع القاهرة يلتحف بلافتة انتخابية للسيسي ـ القاهرة ـ مصر ـ مارس 2018).

عبد الله حامد-القاهرة

يولي الرئيس المنتهية ولايته عبد الفتاح السيسي أولوية خاصة لملفات تتعلق بتمكينه سياسيا في فترته الرئاسية الثانية، وتتبدى نواياه تجاه هذه الملفات بوضوح أعلن عنه في عدة مناسبات، مما يعتبره مراقبون "لعبا على المكشوف".

وسيتولى السيسي رسميا مسؤوليات فترته الجديدة في يونيو/حزيران المقبل، عقب انتخابات "شبه صورية لرئاسة الجمهورية" شهدت انتهاكات تهدد نزاهتها على حد وصف مراقبين، وأسفرت مؤشراتها المبدئية عن حصوله على 22 مليون صوت من جملة 24 مليونا.

وفيما يخص الدستور، أبدى السيسي في أكثر من مناسبة تململه منه، لأنه "كُتب في ظروف استثنائية" بحسب تعبيره.

ويقيد دستور أُقرّ عقب الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، سلطات رئيس الجمهورية لصالح رئيس الوزراء الذي من المفترض انتخابه من قبل البرلمان ليقاسم الرئيس صلاحياته ومهامه، عكس الواقع الظاهر بخضوع رئيس الوزراء للرئيس.

وفرّغت "هندسة البرلمان" هذا النص من مضمونه تحت رقابة عين الأجهزة الأمنية، كما شهد بذلك السياسي حازم عبد العظيم مسؤول الشباب في حملة السيسي الرئاسية عام 2014.

وترى مصادر برلمانية من كتلة 25/30 أن السيسي لن يكتفي بهذه السيطرة الفعلية على السلطة التنفيذية، "فهناك مؤشرات داخل البرلمان على اتجاهه لتعديل الدستور ليصبح مطلق الصلاحيات"، كما كان سلفه الرئيس المخلوع حسني مبارك.

وليست صلاحيات منصب رئيس الوزراء فقط هي التي تؤرق السيسي، فهناك أيضا مادة تحصن منصب وزير الدفاع كانت مفصلة على مقاس السيسي بإيعاز منه -بحسب تسريبات صوتية له أثناء وجوده على رأس الجيش- لحمايته من المساءلة إذا تولى مدنيون السلطة كما كان يخشى.

وزير الدفاع
ويغلّ الدستور يد الرئيس في موضوع عزل وزير الدفاع، وتفيد مصادر برلمانية بتداول تعديلات تخص هذه المادة بحيث يمكن للرئيس إعفاء وزير الدفاع، علما بأن  السيسي عزل عددا من شركائه بالجيش في الانقلاب، منهم صهره رئيس الأركان السابق محمود حجازي.

‪مؤيدو السيسي يرون أن ثمانية أعوام من الحكم لا تكفي للإنجاز‬ (رويترز)
‪مؤيدو السيسي يرون أن ثمانية أعوام من الحكم لا تكفي للإنجاز‬ (رويترز)

وقال السياسي والدبلوماسي السابق مصطفى الفقي لإحدى الفضائيات إن "ثماني سنوات لا تكفي (السيسي) للإنجاز، ومطلوب تمديدها".

وهنالك مشروع وضعه السيسي اسمه "رؤية مصر 2030″، تعضد التوقعات بأنه ربما يطمح للبقاء رئيسا حتى هذا التاريخ.

ورأى مدير المعهد الدولي للعلوم السياسية ممدوح المنير أن السيسي سيركز في فترته الثانية على توطيد دعائم حكمه قبل النظر في تحسين أحوال البلاد، ليمضي في "تصفية أي صوت معارض لسياسته داخل أجهزة الدولة، خاصة السيادية منها".

ويتوقع المنير أن يبدأ السيسي تغيير الدستور للبقاء مدى الحياة، وتعديل المادة الخاصة بوزير الدفاع حتى يتمكن من عزله، مع إتمام صفقة القرن "كعربون لدى الإدارة الأميركية وإسرائيل لإبقائه في السلطة".

‪مرزوق: تعديل الدستور لفتح مدة الرئاسة على رأس الملفات‬ (مواقع التواصل)
‪مرزوق: تعديل الدستور لفتح مدة الرئاسة على رأس الملفات‬ (مواقع التواصل)

ولا يتفاءل المنير بتحسن أحوال المصريين عموما، نتاج "اضطراب أولويات الملفات لدى السيسي التي تتضارب مع أولويات بقاء الدولة".

وقال المنير "لن يكون أمام السيسي سوى الهروب للأمام، اعتمادا على السياسة الوحيدة التي يجيدها، وهي تكريس الخوف من الإرهاب والتجارة بحربه عليه، وربما يصطنع حربا خارجية كذريعة لمزيد من السيطرة داخليا".

بأي ثمن
والهدف الإستراتيجي للسيسي هو "البقاء بأي ثمن، حتى لو دفعه الشعب"، بحسب المنير. غير أن الوضع القائم غائم بنظر السفير السابق والسياسي معصوم مرزوق، "فلا شيء واضح".

وتوقع أن يقدم البرلمان على حفنة تعديلات دستورية خاصة إذا تجاوزت أصوات السيسي 70%.

وتقدم برلمانيون بالفعل باقتراحات تخص مدة الرئاسة، و"من المتحمل تعديلها لتصبح ست سنوات وربما فتح عدد مرات الترشح"، في تقديره.

وذكر مرزوق أن السيسي سيستكمل مشروعاته، ويرجح أنه سيواصل فورا تطبيق "وصفة" صندوق النقد الدولي، "وهو ما يعني انفجار التضخم".

ولن يكون الارتقاء بالتعليم من أولويات السيسي، ولكن "هناك حديث عن مشروع طموح للتأمين الصحي" يرجو مرزوق أن يتحقق.

زيادة الضرائب
ويؤكد الصحفي المتخصص بالشأن الاقتصادي مصطفى عبد السلام أن السيسي سيزيد الضرائب بشكل جنوني بدءا من يوليو/تموز القادم ومع تطبيق الموازنة الجديدة، لتحصيل إيرادات ضريبية قيمتها 766 مليار جنيه (نحو 43 مليار دولار) في العام المالي المقبل 2018-2019، بزيادة 150 مليار جنيه عن العام المالي الحالي.

وسيترتب على كل هذه الزيادات في الضرائب ارتفاع ضخم في كل الأسعار، إذ تدفع الأنشطة الصغيرة -كالأكشاك والورشات والمطاعم- قيمة هذه الزيادات الضريبية.

بدوره قال البرلماني هيثم الحريري إن ملف الحريات وتهيئة جو ديمقراطي للمناخ السياسي في مصر يجب ألا يغفله السيسي "لتهيئة مناخ مناسب لانتخابات المحليات والبرلمان القادمتين، ولإتاحة الفرصة أمام الشباب للمشاركة السياسية، وتعدد المرشحين السياسيين في أي انتخابات قادمة".

المصدر : الجزيرة