ابن سلمان بلندن بين احتفاء حكومي وغضب بالشارع

جانب من التظاهرات المنددة بزيارة بن سلمان والتي نظمت قبالة مبنى رئاسة الوزراء البريطاني
متظاهرون ضد زيارة محمد بن سلمان لبريطانيا (الجزيرة)
 
يبدو أن زيارة ولي العهد السعودي لعاصمة الضباب لم تجر مياهها كما كان يأمل. فرغم الترحاب الرسمي والتطلع للعقود والاستثمارات التي باتت طريقه الوحيد لإقناع الدول العظمى بمباركة صعوده إلى العرش، فإن المظاهرات المنددة بزيارته انتشرت في غير مكان بالعاصمة البريطانية، واحتشد مطالبون لحكومة بلادهم بطرد من وصفوه بـ"مجرم الحرب "، رافعين صورا لجثث أطفال للتعبير عن الضحايا الذين خلفتهم حربه على اليمن.

وجنبا إلى جنب مع المظاهرات والمسيرات، اكتظت قاعة مركز الشرق الأوسط بكلية لندن للاقتصاد (آل أس إي) خلال ندوة أكاديمية ناقشت الكتاب الجديد للأكاديمية والمعارضة السعودية الدكتورة مضاوي الرشيد، والذي خصصته لدراسة "إرث سلمان.. ومعضلات العصر الجديد".

واستعرضت الرشيد وأكاديميون بريطانيون التحديات التي ورثها الملك السعودي الحالي سلمان بن عبد العزيز، وحللوا طريقته في التعاطي معها وصولا لتسليم كل الملفات لنجله. كما قيّموا الإنجازات والإخفاقات، والطريقة الجديدة التي أدار بها ابن سلمان ملفات المنطقة الحساسة، من التقارب السعودي الإسرائيلي والأزمة الخليجية إلى الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية وحقيقتها، محاولين تحديد شكل وماهية المملكة الجديدة الآخذة في الظهور.

إسرائيل الحليف المقرب
وقالت الدكتورة مضاوي الرشيد إن السعودية الجديدة ترى في إسرائيل حليفا وثيقا، معبرة عن اعتقادها بأن ولي العهد الجديد جاء ليكون جزءا من مشروع أميركي إسرائيلي، مدللة على ذلك بتقريرين اطلعت عليهما يشيران إلى أن محمد بن سلمان جزء من صفقة القرن، وأنه ينظر لإسرائيل اليوم بوصفها حليفا في مواجهة إيران وجزءا طبيعيا من المنطقة.

وحول الندوة وأهم ما عرضته في كتابها الجديد، قالت الرشيد في حديث للجزيرة نت إن كتابها "إرث سلمان" عبارة عن محاولة لفهم التغييرات التي حدثت في السعودية بعد استلامه للعرش، ومحاولة فهم ماهية السعودية الجديدة.

في الوقت نفسه، أوضحت أن الكتاب عرج على التحديات الاقتصادية التي تواجه السعودية جراء انخفاض النفط وعجز النظام عن بناء اقتصاد بديل، كما تحدث عن الصراع على السلطة والتغيرات التي حصلت بعد إقدام محمد بن سلمان على عزل كثير من الأمراء الكبار وتعيين أمراء أقل سنا وأهمية، لاحتواء المخاطر التي ترتبت على عزل هؤلاء وتنصيبه وليا للعهد.

كما تساءلت الأكاديمية عن معنى الإسلام المعتدل الذي يريده ابن سلمان، وهل يعني به الأمير الشاب "الإسلام الذي يحرم انتقاد الحاكم"؟.

وقد تم تخصيص جانب من الندوة لبحث التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها السعودية مؤخرا، ودراسة المدى الذي استطاع ولي العهد السعودي الوصول إليه في تحقيق إصلاحاته التي وعد بها في رؤيته للسعودية الجديدة.

رؤية تحتاج لوقت
ويرى أستاذ الاقتصاد بكلية لندن للدراسات الاقتصادية ستيفن هيرتوغ أن العديد من التحولات الاجتماعية حدثت مثل السماح للمرأة بقيادة السيارة، لكن الإصلاحات الاقتصادية ليست بالحجم ذاته ولا السرعة التي أحدثها ابن سلمان في الجانب الاجتماعي، معتبرا أن رؤيته تحتاج إلى إيجاد مزيد من البنى التحتية وفرص العمل لتحقيق الولاء للدولة، وهي أمور ما زالت تحتاج لوقت.

وعبر الأكاديمي البريطاني عن اعتقاده بأن محمد بن سلمان لا يملك الخبرة الكاملة، لكنه يحرص على استشارة مستشارين مختصين دوما.

وتأتي هذه الندوة في ظل الزيارة الأولى التي يجريها ولي العهد السعودي للمملكة المتحدة والتي استهلها بلقاء الملكة إليزابيث الثانية، تبعه اجتماع  مع رئيسة الوزراء تيريزا ماي، في حين قوبلت زيارة ابن سلمان باحتجاجات شعبية واسعة، وتنديد من المنظمات الحقوقية التي عابت على الحكومة البريطانية استقباله، كما أن رئيس حزب العمال المعارض جيرمي كوربن اتهم حكومة تيريزا ماي بالتواطؤ مع ابن سلمان في جرائمه في اليمن باستمرارها بتزويده بالسلاح، وبتغليب المصالح على الأخلاق.

المصدر : الجزيرة