انتخابات العراق.. هل يصلح الصحفيون فساد الساسة؟

عمر الجمال: اتهامي بالطائفية من قبل الموالين للحكومة هي تهمة جاهزة لكل من يعارض سياساتهم وأداءهم
عمر جمال شدد على أنه قرر الترشح للانتخابات من أجل محاربة الفساد ودعم حقوق الإنسان (الجزيرة)
الجزيرة نت-بغداد
 
من مقر إقامته في مدينة أربيل بكردستان العراق، يرتب عمر جمال أوضاعه استعدادا للعودة إلى بغداد حتى يكون أقرب إلى جمهوره، حيث ينوي الترشح للانتخابات البرلمانية المقررة في مايو/أيار المقبل.
 
وفي حديث للجزيرة نت يقول جمال إنه قرر الترشح بعدما أمضى 13 عاما في العمل الصحفي ينتقد الحكومة، مما اضطره لمغادرة بغداد نحو أربيل خوفا على حياته.

وقد كان الخبر مفاجئا حتى للكثيرين من أصدقائه، خاصة أنه كان شديد الانتقاد للطبقة السياسية الحالية، وكثير الاتهام لها بالفساد والطائفية.

لكنه يقول إنه بمشاركته هذه يسعى لمحاربة الفساد المستشري، وترسيخ قيم التعايش السلمي وحقوق الإنسان.

ويرد الصحفي على بعض الذين يتهمونه بتغيير مواقفه السابقة؛ بأن تخفيف حدة النقد لا يعني التنازل عن المبادئ والمصالح العليا لمن سيمثلهم، مضيفا أن المساحة المتاحة للصحفي في التعبير عن رأيه أوسع مما لدى السياسي.

ويقول إن اتهامه بالطائفية يقف خلفه أنصار الحكومة سعيا لتشويه كل من يعارض سياساتهم وأداءهم الضعيف في الأمن والإعمار وملف حقوق الإنسان.

ويتهم عمر جمال مجموعات مسلحة تابعة لبعض الأحزاب الحاكمة بتهديده بالقتل، لأنه كان يعبر عن رأيه بصراحة، دون مراعاة لما يعتبرونها خطوطا حمراء، ولأنه يكشف باستمرار الانتهاكات التي تحصل في بعض السجون والمعتقلات، حسب تعبيره.

ومنذ إعلان فتح باب الترشح للانتخابات البرلمانية في العراق، تقدم عشرات الصحفيين بأوراقهم إلى مفوضية الانتخابات للمصادقة على ترشحهم ضمن كتل وأحزاب مختلفة.

محاربة الفساد
وكان لافتا أن بعض هؤلاء الصحفيين لم يعرفوا بميولهم واهتماماتهم السياسية من قبل، مثل منال المعتصم التي عرفت كمقدمة برامج اجتماعية وفنية في قناة "السومرية" وقنوات أخرى، وأعلنت مؤخرا ترشحها عن حزب "المشروع العربي".

تقول منال إنها درست موضوع الترشح ستة أشهر، وبعد طول تفكير اتخذت قرارها بالمشاركة، لأنها لا تجد تعارضا بين كونها إعلامية تدافع عن الحقيقة وبين أن تكون سياسية تطالب بحقوق المواطنين.

وتؤكد أن ما دفعها للترشح هو الرغبة في التغيير وعدم الرضا عن كل الذي يحصل منذ عام 2003، وهي تنوي أن تكون من الشباب "الذين سيزاحمون الطبقة السياسية الحالية"، وحتى إذا لم تفز فإنها ستكون "صوتا عاليا ضد الفساد".

وحول برنامجها الانتخابي، تقول منال إنه يتكون من شقين أحدهما إنساني والآخر ثقافي، وإنها ستجعل من أولوياتها التركيز على الظلم والانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون العراقيون منذ سنوات، "فلا أحد يلتفت لضحايا حرية التعبير هنا".
 
منال المعتصم اعتبرت أنه لا تعارض ببن العمل الإعلامي والانخراط في السياسة (الجزيرة)
منال المعتصم اعتبرت أنه لا تعارض ببن العمل الإعلامي والانخراط في السياسة (الجزيرة)

سلطة رابعة
ولا ترى منال تعارضا بين كونها صحفية وسياسية في آن واحد، فالإعلاميون أكثر قربا من المجتمع، ويمكن أن تصل رسالتهم بشكل سريع، وأن يكونوا صوتا للذين لا صوت لهم، وفق تصورها.

لكن اعتراضات كثيرة تثور ضد هذا التوجه من داخل الوسط الإعلامي العراقي نفسه، ممن يرون أنه لا يمكن الجمع بين المهنتين أو المواءمة بينهما.

يشار إلى أنه لا توجد أرقام حول أعداد الصحفيين الذين قرروا دخول عالم السياسة حتى الآن.

ويرى الصحفي زيد الشمري أنه من الخطأ دخول الصحفي مجال السياسة، فالإعلام -في نظره- سلطة رابعة وآلية لمراقبة ونقد العمل السياسي وكشف مكامن الخلل، "ولا يمكن أن يلعب الإعلامي دورين في آن واحد".

ويضيف أنه يفترض في الصحفي أن يكون حلقة وصل بين الجمهور والسياسيين، لكن إذا دخل الإعلاميون معترك السياسة والانتخابات فسيستخدمهم رؤساء الكتل في تسويق وترويج اتجاهاتهم السياسية من خلال البرلمان، ولن يعودوا صوتا للشارع.

ويشير الشمري إلى أن كثيرا من الكتل السياسية النافذة استخدمت أصواتا إعلامية لتمرير وتسويق برامجها السياسية خلال السنوات الماضية، "وسيكون أصحاب السطوة والنفوذ المستفيد الأكبر من دخول الصحفيين معترك السياسة".

المصدر : الجزيرة