هل يسعى السيسي لمصالحة مع الإخوان؟

Muslim Brotherhood members including the general guide of the Muslim Brotherhood, Mohamed Badie, gesture from behind bars after their verdict at a court on the outskirts of Cairo, Egypt June 16, 2015. An Egyptian court sentenced deposed President Mohamed Mursi to death on Tuesday on charges of killing, kidnapping and other offences during a 2011 mass jail break. The general guide of the Muslim Brotherhood, Mohamed Badie, and four other Brotherhood leaders were also handed the death penalty. More than 80 others were sentenced to death in absentia. REUTERS/Asmaa Waguih
وكالة بلومبيرغ قالت إن مسؤولين بالمخابرات الحربية التقوا قيادات للإخوان المسلمين داخل السجن (رويترز-أرشيف)

عبد الرحمن محمد-القاهرة

لم يوقف نفي جماعة الإخوان المسلمين القاطع لما نشرته وكالة بلومبيرغ الأميركية عن وجود مساع للنظام المصري لاستكشاف فرص المصالحة مع الجماعة، الجدلَ الدائر حولها وإمكانية تحققها ومغزى تجدد الحديث عنها، كما استتبع ذلك تداول روايات متعلقة بتلك المصالحة منسوبة لمصادر مختلفة.

وكانت جماعة الإخوان قد نفت في بيان لها ما نشرته الوكالة عن لقاء مسؤولين بالمخابرات الحربية لقيادات الجماعة داخل السجن خلال الأسابيع الماضية، بهدف التوصل إلى صفقة تتخلى الجماعة بموجبها عن السياسة مقابل إطلاق سراح كبار قادتها، وقالت إنها "أخبار عارية تماما عن الصحة ومحاولة لإلهاء الشعب".

بيان النفي مع ما شددت فيه الجماعة على تمسكها بشرعية الرئيس المعزول محمد مرسي، تضمن إبداء عدم الممانعة من "البحث الجاد مع كل المخلصين عن كل ما ينقذ مصر من عثرتها التي تسبب فيها النظام"، وأن المعني بذلك هو مرسي ذاته.

وبينما حرصت أغلب وسائل الإعلام المحلية على عدم تناول تقرير الوكالة الأميركية، وتجنبت السلطات المصرية التعقيب عليه أو الرد على بيان الجماعة، استمر الجدل الدائر حول التقرير وما أثاره في مواقع التواصل الاجتماعي وفي بعض وسائل الإعلام العالمية والعربية.

غياب موقف إعلامي واضح محليا تجاه ما نشرته بلومبيرغ، شذ عنه مقال للخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية عمرو الشوبكي في صحيفة "المصري اليوم"، رأى فيه "استحالة" إنفاذ مصالحة بين الإخوان ونظام عبد الفتاح السيسي لكون الأخير بنى شرعية حكمه على استبعاد الإخوان و"إيقاف مشروع تمكينهم من الدولة".

السيسي يواجه تعقيدات داخل مؤسسات دعمته منذ يوليو/تموز 2013 (رويترز-أرشيف)
السيسي يواجه تعقيدات داخل مؤسسات دعمته منذ يوليو/تموز 2013 (رويترز-أرشيف)

مصالحة مستحيلة
ويتفق القيادي بجماعة الإخوان المسلمين وأمين لجنة العلاقات الخارجية في حزب الحرية والعدالة محمد سودان مع الشوبكي في ما برر به استحالة المصالحة بين الإخوان والسيسي، قائلا إن "السيسي كانت أجندته منذ اللحظة الأولى لاستيلائه على السلطة بالدبابة هو التخلص من الإخوان".

ويذهب في حديثه للجزيرة نت إلى أن السيسي حريص على ألا تقوم للإخوان قائمة، وأنه في ظل استمراره لن يسمح بأي عودة لنشاطهم سواء في المحافل السياسية أو في المجال الدعوي، ومن ثم فإن الحديث عن ترك السياسة والعودة إلى العمل الدعوي حديث خادع ومضلل.

ويرى القيادي بالجماعة أن السيسي يعاني في المرحلة الحالية من صراع بين مؤسسات الدولة الداعمة له ومنظومة الرئيس المخلوع حسني مبارك، إضافة إلى الخلافات الحاصلة داخل المؤسسة العسكرية وبين المخابرات العامة والحربية، فضلا عن التدهور الاقتصادي والاجتماعي الذي يستدعي بين الحين والآخر التغطية على هذه المظاهر من الفشل.

ونفى سودان بشكل قاطع وجود أي مصالحة بين الإخوان والنظام الحالي، واصفا الأنباء الواردة في التقرير بأنها "حديث واهٍ وأكاذيب" هدفها الخداع والتضليل.

لكن رئيس تحرير صحيفة "المشهد" مجدي شندي لا ينفي إمكانية وجود مساع للوصول إلى مصالحة بين النظام والإخوان باعتبار أن كل أمر جائز في السياسة، وإن كان يرى أن اجتهاد الطرفين في تثبيت دعائم العداوة بينهما سيصعب ذلك.

ويقول شندي للجزيرة نت إن المصالحة بين الطرفين حتما ستحدث، فهو يراهما وجهين لعملة واحدة، مرجعا ذلك إلى أن "المشتركات" بين الإخوان والنظام كثيرة، وتتمثل في عداوة الطرفين للقوى المدنية وخوفهما من مبدأ تداول السلطة، وسعي كل منهما إلى إقصاء الآخر عبر استخدام آليات الديمقراطية ثم الانقضاض عليها، حسب قوله.

السيسي يتطلع إلى فترة رئاسية ثانية (رويترز-أرشيف)
السيسي يتطلع إلى فترة رئاسية ثانية (رويترز-أرشيف)

تشتيت الانتباه
واعتبر شندي أن تناول مثل هذه الأنباء هدفه لفت الانتباه عن قطع الجسور مع كافة القوى السياسية التي لعبت دورا في ما يصفها بثورة 30 يونيو (تموز) 2013″، وكذلك العداوة الظاهرة تجاه عدد من مؤسسات الدولة التي كان لها دور في إدارة الحياة السياسية على مدى عقود.

من جهة أخرى، يرى الخبير في الحركات الإسلامية مصطفى زهران أن حجم جماعة الإخوان المسلمين في الواقع الاجتماعي المصري وتأثيرها في الحياة السياسية مع اعتبار التحولات التي تشهدها الدولة المصرية منذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي يوم 3 يوليو/تموز 2013.. كل ذلك يفرض عدم تجاوزها، ويستلزم العودة معها إلى مساحة مشتركة تستوعب تواجدها.

ويرجح زهران في حديثه للجزيرة نت أن تسعى السلطة السياسية في مصر -برغبة من السيسي- إلى إعادة النظر في ملف جماعة الإخوان والوصول إلى تفاهمات معها، في محاولة لرأب الصدع الذي يؤثر على المشهد السياسي بشكل عام، مما يمكن أن يتاح معه الدخول في فترة رئاسية ثانية دون عوائق.

ورأى أنه مما قد يدعم تحقيق تقدم في هذا المسار خلال المرحلة المقبلة، الانتقادات الدولية المتزايدة لتعامل النظام المصري مع ملف الإخوان، وتزايد الأصوات الصادرة من شخصيات معتبرة محسوبة على الإخوان تدعم حتمية القبول بالتراجع لخطوات وترك العمل السياسي وإعادة الحسابات للتعافي مما أصاب الجماعة.

المصدر : الجزيرة