قانون العفو بلبنان.. مصير السجناء تمليه السياسة

يطالب اهالي السجناء الاسلاميين باصدار قانون للعفو عن ابنائهم
أهالي المعتقلين الإسلاميين يطالبون بإصدار قانون للعفو عن أبنائهم (الجزيرة)

وسيم الزهيري-بيروت

ينتظر الشاب اللبناني محمد صالح بشغف توصل القوى السياسية والحزبية إلى اتفاق بشأن إصدار قانون للعفو العام ينهي معاناته، ويؤكد محمد من سجن رومية قرب بيروت أن ملفه فارغ من أي تهمة، ويبدي أسفه الشديد لتأخيره عن متابعة دراسته.

أوقفت السلطات اللبنانية محمد صالح قبل نحو سنة وسبعة أشهر في مطار بيروت الدولي أثناء سفره إلى قبرص لإكمال دراسته في الهندسة، وذلك لاتهامه بالانتماء إلى تنظيم إرهابي. ولكنه يقول إنه أوقف بسبب تقديمه مساعدة بسيطة لأحد اللاجئين السوريين من ذوي الاحتياجات الخاصة.

ويتساءل عمر صالح والد محمد عمن سيعوضه عما تكبده من نفقات لتعليم ابنه بعد ضياع كل هذه المدة. ويرى عمر في حديث للجزيرة نت أن هناك "استهدافا" لطائفة معينة، جازما بعدم انتماء ابنه إلى أي جهة حزبية أو سياسية.

داخل سجن رومية يقبع كثير من الموقوفين الإسلاميين (الجزيرة)
داخل سجن رومية يقبع كثير من الموقوفين الإسلاميين (الجزيرة)

حسابات طائفية
يعود بقوة إلى التداول الحديث عن إصدار قانون للعفو العام على وقع مطالب شعبية ومناطقية، مدفوعة بتعويل القوى والأحزاب السياسية على الاستفادة شعبيا من الأمر على بعد أشهر قليلة من موعد الانتخابات النيابية المقررة في مايو/أيار المقبل.

وبعد آخر قانون للعفو العام صدر في أعقاب انتهاء الحرب الأهلية أوائل تسعينيات القرن الماضي تسعى بعض القوى السياسية إلى التوصل لإصدار قانون قد يستفيد بموجبه نحو 31 ألف شخص متهمين بقضايا مخدرات ونحو خمسة آلاف من عناصر جيش لبنان الجنوبي المتهمين بالتعامل مع إسرائيل إبان احتلالها الأراضي اللبنانية، إضافة إلى ما يقارب 1200 شخص ممن باتوا يعرفون بالسجناء الإسلاميين.

ويقول المحامي محمد صبلوح وكيل عدد من الموقوفين الإسلاميين إن رئاسة الحكومة أبلغتهم أن القانون سيشمل عند صدوره أعدادا كبيرة من الموقوفين الإسلاميين باستثناء المتهمين بقتال الجيش اللبناني وقضايا إرهابية كبيرة، لكنه لفت إلى وجود عراقيل تؤخر الاتفاق النهائي في هذا الموضوع.

وأشار إلى أنه تم التوافق مؤخرا على إعادة بحث الموضوع لإيجاد آلية تعتمد كأساس، واعتبر أن القوى السياسية تسعى جاهدة لإقرار قانون للعفو لاستثماره في الانتخابات النيابية.

ويلفت صبلوح إلى محاكمات غير عادلة واعتقالات عشوائية وتلفيق تهم طالت عددا من الأشخاص، مما تسبب في تعقيدات في ملفات الموقوفين الإسلاميين، بينما لم تتم محاكمة كثيرين بسبب انتماءاتهم السياسية والطائفية. وأكد أن أهالي الموقوفين الإسلاميين يطالبون بالعفو عن كل شخص بريء وتحقيق العدالة بشكل سريع.

العفو العام في لبنان يصدر بقانون من البرلمان (الجزيرة)
العفو العام في لبنان يصدر بقانون من البرلمان (الجزيرة)

تحديد المشمولين
ويصدر العفو العام في لبنان بقانون من البرلمان يتضمن أحكاما تلغي الجرم لفترة زمنية. ولفت النائب غسان مخيبر رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان إلى أنه لا يمكن التكلم في القضاء عن ملف خاص بالإسلاميين، وأشار إلى صعوبة في تحديد الجرائم التي تستفيد من قانون العفو العام.

وأوضح مخيبر للجزيرة نت أن العفو العام ممكن للجرائم البسيطة كتعاطي المخدرات وليس الاتجار بها، وقال إن المتعارف عليه لبنانيا أنه لا يمكن العفو عن الجرائم الخطيرة المرتبطة بالإرهاب، كما لا يمكن التثبت من براءة عدد من الملاحقين بجرائم إرهابية إلا بالمحاكمات، وأشار إلى أن الخطأ كان في بطء المحاكمات، داعيا القضاء إلى تسريعها.

وذكر أن هناك بعض الجرائم البسيطة المرتبطة بعمليات إرهابية يمكن شمولها بالعفو، وأكد مخيبر عدم وجود مشروع قانون للعفو في البرلمان حاليا، لكنه لفت إلى وجود مداولات بشأنه بين رئاسة الحكومة ووزارة العدل وإدارات أخرى.

المصدر : الجزيرة