تجديد الثقة بحكومة الأردن.. ارتياح السلطة وغضب بالشارع

حسن الشوبكي-عمان

لم يعرف بعد من المنتصر ومن المهزوم في مواجهة تصويت النواب الأردنيين على طرح الثقة بحكومة هاني الملقي، فالذين حجبوا الثقة سجلوا موقفا لكن الشارع يحتاج إلى ما هو أبعد من ذلك، والذين جددوا الثقة بالحكومة خسروا قواعدهم الشعبية وتعرضوا لسخرية مفتوحة في منصات التواصل الاجتماعي، في حين تعلم حكومة الأردن أن من يسندها ومن يقوض سلطتها هو الوضع في الشارع وأثر الاحتجاجات ضدها.

وكان 23 نائبا تقدموا بمذكرة لطرح الثقة بحكومة الملقي، أكثر من نصفهم من كتلة الإصلاح المحسوبة على المعارضة وحزب جبهة العمل الإسلامي، لكن النتائج جاءت مخيبة للآمال بالنسبة إليهم فلقد منح الثقة للحكومة بـ67 نائبا وحجب الثقة عنها 49 نائبا فقط، مما يعني تجديد الثقة بالحكومة بعد اتخاذها قرارات مست جيوب المواطنين وتسببت بمزيد من الغلاء في البلاد.

تجديد الثقة بالحكومة لم يكن مفاجئا ولكنه جاء صادما لأغلبية الأردنيين، وسؤال المغردين والناشطين على صفحات التواصل كان: كيف تمنح الثقة لحكومة أقدمت على رفع أسعار أكثر من 167 سلعة وخدمة، وأفرزت واقعا اقتصاديا جديدا وضاعفت أسعار الخبز ورفعت الضرائب بنسب كبيرة؟

لا تأجيل للقرارات
وقال رئيس الوزراء الأردني هاني الملقي عقب التصويت إن حكومته لن تؤجل القرارات. وأضاف "واجبنا حماية الوطن والمواطن، نحن لا نبحث عن شعبية وإنما عن عزة الوطن".

‪الملقي قال عقب تجديد الثقة بحكومته إنها لن تؤجل القرارات ولا تبحث عن شعبية‬ (الجزيرة)
‪الملقي قال عقب تجديد الثقة بحكومته إنها لن تؤجل القرارات ولا تبحث عن شعبية‬ (الجزيرة)

وجاءت معظم ردود الفعل ساخرة من تجديد الثقة بالحكومة، إذ ذهب بعض الناشطين إلى تهنئة الحكومة بما فعله البرلمان، وتقول الكاتبة لميس أندوني "مبروك للحكومة على هذا المجلس الذي ينتصر لمصالحه الفردية ويصوت وفقا للتعليمات".

وتندر ناشط آخر بقوله "هدية للحكومة لأنها رفعت الأسعار، إنها تستحق هذه الهدية وليذهب المستهلكون إلى.. ".

وسادت أجواء الإحباط أثناء وبعد جلسة التصويت على سحب الثقة بالحكومة لتوجه الشتائم بحق مانحي الثقة وبالمجلس عموما.

وعبر محتجون في ساحة العين بمدينة السلط غرب العاصمة الأردنية ليلة أمس عن أن مجلس النواب متوافق مع الحكومة في سياساتها الاقتصادية وفي الغلاء المتفشي، ومن الغريب -حسب المحتجين- أن يتناقض المجلس مع الحكومة، فكلاهما يعملان معا، ويدفع الثمن المواطن في نهاية الأمر.

ويعد هذا المنعطف السياسي مهما للحكومة التي تبحث عن أفق جديد بعد الانتقادات اللاذعة التي وجهت إليها ولا تزال بسبب القرارات الاقتصادية الأخيرة، وكشف مصدر رسمي مطلع للجزيرة أن السيناريو الذي كان يتحدث عن رحيل الحكومة "أصبح خلفنا في الوقت الحالي، ومن المرجح أن يجري رئيس الوزراء تعديلا على حكومته يطال نحو ست حقائب وزارية في الأيام المقبلة".

هذا الارتياح الرسمي المؤقت يقابله قلق مستمر في الشارع يعبر عنه محتجون بين الفينة والأخرى في معان والكرك والسلط وذيبان والطفيلة، وسط مطالبات بالعودة عن قرارات رفع الأسعار، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني لإدارة المرحلة المقبلة بكل تعقيداتها السياسية والاقتصادية.

مفارقة بالتصويت
لكن اللافت في التصويت على الثقة أن نواب الدوائر الانتخابية الأكثر فقرا بالأردن والأكثر تضررا من قرارات رفع الأسعار والضرائب كانوا الأكثر منحا للثقة، وقال تقرير "راصد لمراقبة البرلمان" إن نواب دوائر الأولى في إربد، والثانية في الزرقاء والمفرق، وبدو الجنوب قد صوتوا بنسبة 100% لصالح الثقة بالحكومة، في حين صوت نواب الدوائر الثانية في إربد، والرابعة في إربد ومعان بنسبة 80% لصالح الثقة بالحكومة.

ورأى مراقبون في هذا التصويت تناقضا للواقع الذي يعيشه أبناء هذه الدوائر والمناطق، فهم يعيشون واقعا اقتصاديا مرتبكا، ورغم ذلك يصوت نوابهم لمصلحة الحكومة وقراراتها التي زادت من نكد عيش هؤلاء الأردنيين.

المصدر : الجزيرة