فيضانات الأردن.. لماذا يتكرر مشهد الموت؟

محمود الشرعان-عمان
 
يتكرر مشهد الموت مع كل موسم مطري في الأردن، حيث لقي 11 شخصا حتفهم جراء السيول والفيضانات التي ضربت البلاد أمس الجمعة بعد أسبوعين من فاجعة البحر الميت، مما يطرح أسئلة حول أسباب تكرار هذه الحوادث.
 
السيول ضربت هذه المرة مناطق معان ومدينة البتراء السياحية ووادي موسى جنوبي الأردن، ومحافظتي مادبا والبلقاء وسط البلاد، مما أدى إلى وفاة هذا العدد من الضحايا، أحدهم غطاس بالدفاع المدني، فضلا عن إصابة تسعة آخرين وفقد عدد آخر.
‪سيول أمس الجمعة سببت أضرارا كبيرة في البنية التحتية‬ (الأوروبية)
‪سيول أمس الجمعة سببت أضرارا كبيرة في البنية التحتية‬ (الأوروبية)

تأتي الكارثة الجديدة بعد حادثة البحر الميت أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي التي راح ضحيتها 21 شخصا -غالبيتهم من الأطفال- جراء سيول جرفت حافلة مدرسية، في ظل غضب شعبي متواصل من تردي البنية التحتية في الأردن، والتقصير الرسمي في التعامل مع الكوارث الطبيعية.

وقد عبر أردنيون على مواقع التواصل عن حزنهم على تكرار الحوادث جراء الفيضانات. وتصدر وسم #سيول_الأردن موقعي التواصل الاجتماعي "تويتر" و"فيسبوك".

وحمل عدد من الناشطين الحكومة الأردنية نتائج حوادث الفيضانات، وما دعوه احتضار البنية التحتية، في حين استنكر آخرون سقوط هذا العدد بسبب الأمطار مع بداية موسم الشتاء، متهكمين على كون المواطن الأردني بات مجرد رقم، على حد وصفهم.

وطالب عدد منهم الحكومة الأردنية ورئيسها الدكتور عمر الرزاز بتقديم استقالتها، نتيجةً للكوارث الأخيرة في المملكة.

حوادث سابقة
لم تكن سيول الجمعة وحادثة البحر الميت أولى الفاجعات التي تمر بها المملكة، فقد تسببت عاصفة مطرية في العاصمة عمان بوفاة أربعة أشخاص -بينهم ثلاثة مصريين- خلال نوفمبر/تشرين الثاني 2015، وأدت إلى حدوث انهيارات في البنية التحتية.

الأمر ذاته حدث عام 2014، حين لقي ثلاثة أردنيين حتفهم جراء الأمطار التي أغرقت العديد من الشوارع الرئيسية في العاصمة.



ما الحل؟
وفي ظل استمرار اتساع رقعة الموت نتيجة الكوارث الطبيعية التي ألمت بالبلاد، يرى جيولوجيون ضرورة دراسة التغيرات المناخية، وإعادة النظر في طريقة إنشاء البنى التحتية بالمملكة. 

وأكثر دليل على ذلك فيضان سد "الوالة" في محافظة مأدبا بمعدل 120 مترا مكعبا في الثانية نتيجةً لقوة تدفق مياه الأمطار التي دخلت إليه كباقي سدود الأردن.

وتعليقا على ذلك يؤكد مهندس الطرق ميسرة ملص أن البنية التحتية لا تستطيع مواجهة السيول، قائلا إن "الطرق غير مصممة لهذا الحجم من الفياضانات لأن كلفتها عالية جدا".
 
ويضيف ملص في حديث للجزيرة نت أن تصميم العبارات والجسور والمنشآت المائية يتم عادة بناءً على احتساب كمية المياه للفيضان المتوقع خلال 50 أو 70 عاماً، ولا يتم تصميمها لفيضان متوقع بعد 200 عام مثلا وبكمية هائلة، لأن ذلك ينعكس على حجم العبارات والمنشآت وبالتالي على كلفتها.
 
ويتفق الجيولوجي محمد المغربي مع حديث ملص، إذ يؤكد أنه لا بد من دراسة للأرض التي سيتم بناء المنشأة عليها ومحيطها، وهذا لا يتم في المملكة.

ويشير المغربي إلى أن تأثير التغيرات المناخية على الأردن بات كبيرا، حيث أصبح هناك تغيير في نمط الهطول المطري، بمعنى أن "كمية المطر التي كانت تهطل في أسبوع أصبحت تهطل في ليلة واحدة، والموسم المطري بعد أن كان يتوزع على مدار فصل الشتاء، أصبح يتركز في أيام محددة بغزارة، مما يؤثر على المنشآت من أبنية وطرق ويقلل من تغذية المياه الجوفية".

‪السلطات الأردنية استنفرت الجيش والوحدات الأمنية في عمليات الإنقاذ (الأوروبية)‬ السلطات الأردنية استنفرت الجيش والوحدات الأمنية في عمليات الإنقاذ (الأوروبية)
‪السلطات الأردنية استنفرت الجيش والوحدات الأمنية في عمليات الإنقاذ (الأوروبية)‬ السلطات الأردنية استنفرت الجيش والوحدات الأمنية في عمليات الإنقاذ (الأوروبية)

استغلال المياه
وبهذا تتحول نعمة الأمطار في الأردن إلى نقمة، مع تكرار الحوادث الناتجة عن الهطول المطري خلال المواسم السنوية، رغم أن المملكة تعتبر من أفقر دول العالم مائيا، وتصنّف من المناطق الجافة وشبه الجافة.

ويرى أستاذ المياه الجوفية بالجامعة الألمانية الأردنية عاطف الخرابشة أن "كميات الأمطار التي تم التعامل معها خلال هذه الفترة، كان يجب أن يستغل الجزء الأكبر منها، خاصةً أننا بلد فقير مائيا".
 
ويقول الخرابشة للجزيرة نت إنه يجب أن تخزن المياه بطريقة منظمة للاستفادة منها في تغذية للمياه الجوفية، لأن البلد ستواجه مشكلة في المياه خلال فصل الصيف.

ويطرح حلًا سريعًا يتمثل في "بناء سدود لها سد رئيسي لتقليل سرعة المياه وكمية الرواسب، وهذا يؤدي إلى الاستفادة من هذه المياه بدل التعامل معها كمصيبة لتكون بمثابة حصاد مائي وتغذية اصطناعية للمياه الجوفية".

المصدر : الجزيرة