مياه الصرف الصحي.. سلاح إسرائيلي لإخلاء الخان الأحمر

الخان الأحمر، شرقي القدس، فلسطين أكتوبر 2018 صورة تظهر مدى قرب المياه العادمة من منازل التجمع وحظائر الأغنام(

أسيل جندي–الخان الأحمر

عقب انتهاء المهلة الأخيرة التي حددتها سلطات الاحتلال لسكان تجمع "أبو داهوك" البدوي في الخان الأحمر لإخلائه، استخدمت إسرائيل وسيلة ضغط جديدة تهدف إلى ترحيلهم، عبر ضخ مياه الصرف من مستوطنة كفار أدوميم الواقعة على السفح المطل على التجمع، مما أدى إلى تشكل مستنقع قرب منازل المواطنين وحظائر أغنامهم.

الطفل يوسف أبو داهوك (أربعة أعوام) أول ضحايا مياه الصرف المتدفقة لليوم الثالث على التوالي، إذ يعد منزل عائلته من أقرب المنازل للمستنقع الجديد، وعن حالته الصحية قالت والدته أم محمد إنهم لاحظوا ظهور طفح جلدي على جسده، ثم أصيب بنوبات سعال شديدة، وبعد اصطحابه لعيادة الخان الأحمر زادت حالته الصحية سوءا مع ارتفاع درجة حرارته وشعوره بضيق التنفس؛ مما اضطرهم للخروج من التجمع والتوجه لبلدة العيزرية (شرقي القدس) لتشخيصه رغم صعوبة التحرك.

تقضي أم محمد وقتها بين الاهتمام بطفلها المريض ومراقبة الأغنام للحرص على عدم اقترابها من المستنقع، وتقول "أضع الأعلاف للأغنام أمام الحظيرة وأقف حولها حتى تنتهي من طعامها وشرابها وتدخل مجددا مكانها.. نحن نشرب الحليب يوميا من أغنامنا واقترابها من المياه العادمة والشرب منها سيؤدي إلى كوارث صحية عليها وعلينا".

‪الطفل يوسف أول ضحية للمياه العادمة وشقيقته ذات الثلاثة أشهر بجواره‬ (الجزيرة)
‪الطفل يوسف أول ضحية للمياه العادمة وشقيقته ذات الثلاثة أشهر بجواره‬ (الجزيرة)

كارثة بيئية
أما يوسف أبو داهوك، وهو أحد سكان التجمع، فتوجه لمكان تجمع مياه الصرف، بعد أن نفقت إحدى المواشي التي يُرجّح أنها شربت من هذه المياه، بينما انتشر البعوض والحشرات وانبعثت الروائح الكريهة بالقرب من المستنقع.

أبو داهوك أكد للجزيرة نت أن هذه ليست المرة الأولى التي تُضخ بها مياه الصرف من المستوطنة المجاورة نحو التجمع، لكنه جزم بأنها المرة الأولى التي تكون بهذه الكثافة وتستمر أياما، بحيث تشكل مستنقعا كبيرا بجوار المواطنين.

‪يوسف أبو داهوك أحد سكان التجمع المستائين من سياسة الاحتلال لتهجيرهم‬  (الجزيرة)
‪يوسف أبو داهوك أحد سكان التجمع المستائين من سياسة الاحتلال لتهجيرهم‬  (الجزيرة)

"أغرقوا التجمع بالمياه العادمة، وعدا عن كون ذلك يجلب الحشرات والأمراض الجلدية، فإن خوفنا الأكبر يكمن في غرق الأطفال أو المواشي في هذا المستنقع أو شرب مياهه؛ مما سيؤدي إلى كوارث صحية"، كما يقول أبو داهوك.

وعرج على أبرز وسائل الضغط التي تمارس ضدهم وضد التجمعات البدوية في الخان الأحمر بهدف ترحيلهم إراديا قائلا: إن أقساها الضغوط النفسية، حيث لا يخلو التجمع من تحركات يومية للاحتلال ومستوطنيه الذين يتجولون حول التجمع ليلا ونهارا ويثيرون الرعب في نفوس الأطفال والنساء.

وتطرق لانتهاك آخر مارسه الاحتلال بحق السكان بسحب تصاريح العمل من الرجال وطردهم من أماكن عملهم، وتعدى ذلك إلى توجيه رسائل نصية لهواتفهم تحمل تهديدات بضرورة الرحيل عن الأرض، وتحذير من حشد المتضامنين أو رفض قرار هدم التجمع وإخلائه.

‪أبو رحمة: مستوطنو كفار أدوميم يتناغمون مع الإدارة المدنية في الضغط على المواطنين‬ (الجزيرة)
‪أبو رحمة: مستوطنو كفار أدوميم يتناغمون مع الإدارة المدنية في الضغط على المواطنين‬ (الجزيرة)

حياة بدائية
وفي ما يتعلق بتفاصيل الحياة اليومية، أشار أبو داهوك إلى معاناتهم في الحصول على الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء؛ إذ صادرت سلطات الاحتلال ألواح الطاقة الشمسية التي تبرعت بها عدة جهات للخان الأحمر، ويعيش السكان بلا كهرباء، وتقتصر الإنارة على المدرسة من خلال مولد كهربائي.

أما المياه فيُجبر السكان على جلبها بمركبات خاصة لملء الخزانات في التجمع، كما يستغرق إدخال أسطوانات الغاز اللازمة للطبخ ساعات وأياما، وعن هذه الجزئية تحدث أبو داهوك "وضعنا أسطوانات الغاز في تجمع بدوي مجاور بسبب الحصار واستغرق إدخالها تجمعنا ثماني ساعات.. أخفيناها داخل أغطية وأدخلناها مشيا على الأقدام على ظهور الحمير، نستعمل أساليب بدائية جدا منذ إغلاق مدخل التجمع بالمكعبات الإسمنتية".

وبعيدا عن مستنقع المياه الآسنة، قال منسق حملة "أنقذوا الخان الأحمر" التي أطلقتها هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عبد الله أبو رحمة: إن سكان مستوطنة كفار أدوميم يتناغمون مع الإدارة المدنية في الضغط على المواطنين، خاصة بعد انتهاء المهلة الممنوحة لهم، مضيفا أن إحاطة التجمع بعشرات المركبات العسكرية صباح اليوم يهدف إلى بث الرعب وإرغام السكان على الرحيل إراديا.

وأشار أبو رحمة إلى أن الإدارة المدنية تفاجأت صباحا بحجم المستنقع الذي سيعيق إخلاء التجمع لأنها تنوي وضع الحافلات التي ستقل المواطنين في المكان ذاته، مؤكدا أنها ستلجأ لشفط المياه وتجفيفها بشكل كامل ليس لمصلحة المواطنين وإنما لتسهيل اقتحام التجمع وإخلائه.

المصدر : الجزيرة