أخطاء الحمض النووي تحرم عائلة من وداع فقيدتها بسيول البحر الميت

أيمن فضيلات–عمان

فتحت أخطاء فحوصات الحمض النووي (دي أن أي) لضحايا سيول البحر الميت جراح العائلات المكلومة من جديد، بعدما أثبتت نتائج الفحوصات تبديل جثامين الموتى بين العائلات، مما أحدث حالة غضب عارمة في الأردن وبين أهالي الضحايا.

ثلاثة أيام عصيبة مرت على عائلات الضحايا، بين الانتظار لمعرفة مصير أبنائهم ومعرفة حقيقة وفاتهم، ورحلة البحث عنهم بين جثث المفقودين، وتشخيص التلاميذ الموتى لمعرفة هوياتهم.

لكن الصدمة الكبيرة لذوي الضحايا وقعت ليلة أمس السبت بعدما أعلن مدير المركز الوطني للطب الشرعي الدكتور أحمد بني هاني وقوع خطأ في التعرف على الجثث وتسليم جثامين ضحايا حادثة البحر الميت، وذلك بعدما أخذت عائلة العزة جثمان الفتاة سارة أبو سيدو على أنها ابنتها المتوفاة هند. 

اتفاق حزين
الأخطاء في نتائج الفحوص حرمت عائلة أبو سيدو من لحظة الوداع الأخيرة لابنتها قبل الدفن، وقررت عائلتا العزة وأبو سيدو دفن ابنتيهما هند بجوار أختها ريم وصديقتها سارة، رافضتين نبش القبر من جديد لاستخراج جثمان ابنتيهما ودفنهما بمكان آخر.

الطب الشرعي حاول إلقاء اللوم على عائلة العزة في عدم تعرفها على ابنتها هند، وأخذها جثمان الضحية سارة أبو سيدو على أنها لابنتها، إلا أن عائلة العزة أصدرت بيانا منتصف الليلة الماضية أعلنت فيه أنها تسلمت الجثة بعد مطابقة الطب الشرعي للفحوص.

وقالت عائلة العزة في بيانها إن الطب الشرعي حصل على عينات من والد ووالدة الفتيات ريم وهند المتوفيتين في حادثة البحر الميت، وإن نتائج الفحوص أثبتت أن الجثتين تعودان للفتاتين، وتم تسليمهما لذويهما لدفنهما يوم الجمعة.

أخطاء الفحوص أصابت الأردنيين بحالة من الذهول والاستنكار، وضجت وسائل التواصل الاجتماعي بحالة من الغضب على الإجراءات المتبعة من قبل الطب الشرعي والصحة في تسليم جثامين الموتى لذويهم.

وشهد وسم #سارة-عدنان-ابو-سيدو تفاعلا واسعا من رواد تويتر، فعلقت نسرين قائلة "حتى الموت صار في بلدنا شرشحة.. والله شي بيجلط.. الله يصبر أهلها.. قال خربطت المستشفى بجثتهم شو هالإهمال هاد.. لازم يتحاسبو ويتم مقاضاة المستشفى وإقالة المسؤول.. مشاعر الناس مش لعبة عندكم".

وعلقت تسنيم أبو سيدو قريبة المتوفاة قائلة "والله فقع قلبي من البكاء، البنت توفيت وما ودعوها أهلها، واندفنت بعيدة عن أهلها، شي بحرق القلب، الله يرحمك يا سارة ويرحم كل الأطفال اللي توفوا بهاي الحادثة المؤلمة ويصبر أهاليهم جميعا، إلى جنات الخلد يا أحباب الله".

أبو سيدو ينعى طفلته
ونعى الدكتور عدنان أبو سيدو والد الفتاة ابنته سارة فجر اليوم على حسابه في تويتر قائلا "بقلوب مؤمنة صابرة، أنعي فلذة كبدي ومهجة فؤادي حبيبتي ابنتي سارة، لله ما أعطى ولله ما أخذ ولا نقول إلا كما أمرنا ربنا إنا لله وإنا إليه راجعون، في جنة الخلد يا سارة يا حبيبتي".

وعلق سيف البطوش على تغريدة أبو سيدو قائلا "يعني شعوري كأب الآن بس قاعد بتخيل أبوها وأمها وهم بقولوا لو شفناها لو حضناها لو لو قبل ما تندفن… الله يكون بعونهم بس ولا حول ولا قوة إلا بالله".

وشهدت وسائل التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين نعي أهالي الضحايا لأبنائهم بطريقة حزينة ومؤلمة أبكت المتابعين وأحرقت قلوبهم.

روايات الناجين
قصة الرحلة تكشفت بعدما روى تفاصيلها المصابون والناجون من الغرق، فقد كشفت المعلمة مجد الشراري، إحدى الناجيات من حادثة البحر الميت، أن الرحلة عبارة عن مغامرة سفاري لتسلق الجبال الوعرة القريبة من البحر الميت باتجاه شلالات ماعين عبر الوادي الواقع بين الجبال، وهو ممر سيل مائي.

وأضافت الشراري في تصريحات صحفية أن الرحلة نظمتها شركة سياحية وأشرف عليها ثلاثة أدلاء سياحيين، وبدأت رحلة المسير في السيل المائي من العاشرة صباحا حتى الواحدة ظهرا، لكن بعد تغير الطقس وهطول الأمطار قررت الشركة وقف الرحلة لخطورتها.

وتابعت "كنا 44 شخصا، 37 طالبا مقسمين على ثلاث فرق، مع كل فرقة معلمة ودليل سياحي، وبهطول الأمطار زادت حدة المياه في السيل وانجراف الصخور والطين مما أدى لسحب الطلاب والمعلمات أثناء مسيرهم وسط الماء وغرقهم".

وتمكنت الشراري والفرقة التي معها من تسلق جبل والاحتماء به من السيل الجارف إلى حين إنقاذهم من قبل فرق الدفاع المدني.

رفض شعبي
الحكومة الأردنية قررت تشكيل لجنة وزارية برئاسة رجائي المعشر نائب رئيس الوزراء الأردني للتحقيق في الحادثة التي قضى فيها 21 طالبا وطالبة وأصيب فيها 35 آخرون الخميس الماضي.

وقوبلت اللجنة بحالة من الرفض الشعبي، مطالبين بتشكيل لجنة محايدة من النقابات المهنية وقضاة وأساتذة جامعيين ومختصين بعيدين عن القطاع الرسمي للخروج بتوصيات حقيقية وواقعية.

وفي إجراء مستعجل، أعلنت وزارة التربية والتعليم الأردنية وقف الرحلات المدرسية لإشعار آخر، ومنع تنظيم أي رحلة خلال موسم الشتاء، وتعليق الدوام المدرسي في المدرسة الخاصة المنظمة للرحلة مدة أسبوع لحين استكمال التحقيق من قبل اللجنة التي شكلتها الوزارة في الحادث.

وأعلنت مديرية الدفاع المدني استكمال أعمال البحث والتفتيش في منطقة البحر الميت بعد أن تم مسح مسرح الحادث بالكامل للبحث عن الأشخاص المفقودين.

وقرر المدعي العام في منطقة الشونة الجنوبية حظر النشر في التحقيقات القضائية وأقوال الشهود في قضية البحر الميت.

المصدر : الجزيرة