بعد عامين من المنع.. عكاشة على الشاشة

أفلس النظام فأعاد عكاشة مجدداً للشاشة. (صورة لقطة شاشة لحلقة برنامج توفيق عكاشة الأخيرة 18 ـ 10 - 2018)
توفيق عكاشة عاد لتقديم برنامج تلفزيوني بعد تغييب قسري استمر أكثر من عامين (مواقع التواصل الاجتماعي)

عبد الكريم سليم-القاهرة

بينما كان الحشد ضد الرئيس المعزول محمد مرسي يتطاول ويتسع، تجادل صحفيون مدافعون ومعارضون لحق مرسي في الاستمرار بمدته للنهاية حول خطورة دور الإعلام الريفي المتمثل في أبرز أبواقه توفيق عكاشة، والمحرض ضد الرئيس "المعزول لاحقا"، وانتهوا إلى أنه بوق لجهاز أمني ولا ريب.

وعقب تولي الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، منّ عليه عكاشة بأنه هو الذي أتى به وزيرا للدفاع ثم للرئاسة، منذ أوحى للإخوان في برنامجه بأن زوجة السيسي وبناته منتقبات، وعمه ملتح، كما اعترف عكاشة بأنه قال ما قاله بالتنسيق مع جهاز سيادي "ليبتلع الإخوان الطعم كما كان مخططا".

ثم صعد الإعلامي الريفي سياسيا ليلتحق بالبرلمان الحالي "المطبوخ" في أقبية الأجهزة الأمنية، لكنه تمادى في إحراج الأجهزة التي صُنع على عينها حينما استضاف السفير الإسرائيلي بالقاهرة في بيته، مما اضطر البرلمان لفصله.

ومع انتهاء أدوار بعض الإعلاميين بعد مساهمتها في إسقاط مرسي، شحت أموال الدعم القادمة من بعض دول الخليج، ضاق فضاء البث بما رحب على عكاشة وقناته الخاصة الفراعين فأغلقها وقفا لنزيف الخسائر والديون.

عودة عكاشة
ورغم كل ما سبق فوجئ المصريون بعودة عكاشة للمشهد الإعلامي مؤخرا عبر قناة الحياة التي اشترتها مؤخرا شركة يقف وراءها جهاز أمني.

ورأى مراقبون العودة من قبيل تفتيش النظام في دفاتره الإعلامية القديمة، إعلانا لإفلاس أذرعه الإعلامية الحالية العديدة وانعدام تأثيرها على المصريين، كما توقعوا الاستعانة بمزيد من قدامى المذيعين المؤيدين ليطلوا مجددا عبر الشاشات.

ولم يختلف أداء عكاشة السابق عن اللاحق، إذ أطل مجددا بمفرداته الشعبية الريفية وطريقته المتبسطة، محذرا من "المؤامرات الماسونية التركية القطرية الأميركية الإسرائيلية الإيرانية على مصر".

وسمى عكاشة ما يحدث للمصريين بمؤامرة الجيل الخامس، وأقسم للمشاهدين أن ما يعاينونه من غلاء في الأسعار هو وهم، مطالبا الشعب بعدم تصديق الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي المساهمة في حروب الجيل الخامس.

وبرأي مشاهدين طالعوا حلقات عكاشة الأخيرة فإن هذا الإعلامي يوظَّف مجددا لإيصال رسائل للبسطاء، الذين يخشى النظام أن يتحولوا لقوة معارضة له.

السيسي اشتكى مرارا من عدم هيمنة الدولة على الإعلام كما كان يحدث في عهد جمال عبد الناصر (رويترز)
السيسي اشتكى مرارا من عدم هيمنة الدولة على الإعلام كما كان يحدث في عهد جمال عبد الناصر (رويترز)

مرحلة تخبط
ورأى الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للصحافة قطب العربي أن النظام يمر بمرحلة "تخبط كبرى" في التعامل مع الملف الإعلامي، عقب "فشل نظرية الأذرع الإعلامية" في استنساخ تجربة الإعلام في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

وبحسب العربي فقد فوجئ السيسي ونظامه بـ"فشل خطط الهيمنة" على وسائل الإعلام وانصراف الناس عنها لأنها "لا تعكس واقعهم المرير"، فتصوروا أن الأزمة تكمن في فشل الإعلاميين الحاليين في إقناع الناس به وليست في سياساته، فلجأ لمن سبق لهم النجاح من قبل في حشد كثير من البسطاء ضد مرسي وفقا لما كانت تطلبه أجهزة الأمن سرا.

وتوقع العربي أن يفشل عكاشة ومن مثله من العائدين لأنهم "احترقوا كأوراق إعلامية"، ولم يعد عكاشة -مثلا- جذابا بعد "انكشاف زيفه" ومشاركته في مسرحيات سياسية ومؤامرات مفضوحة.

إعلان إفلاس
بدوره يؤكد الكاتب الصحفي سليم عزوز أن الاستعانة بإعلاميين من قدامى مؤيدي السيسي -مثل عكاشة- هو بمثابة "إعلان إفلاس" لإستراتيجية السيسي في الهيمنة الإعلامية ما دفعه للتفتيش في دفاتره القديمة.

وفي تقدير عزوز فمن الواضح أن هذه الدفاتر لم يعد بها سوى توفيق عكاشة، الذي كانت أزمة السيسي معه تتلخص في أمرين؛ الأول: أن توفيق كان يتعامل مع السيسي على أنه شريك له في الانقلاب، بل كان يعتقد نفسه مفجرا لما يطلق عليه ثورة 30 يونيو.

أما الثاني فيتمثل في أنه بدأ "ينافسه عند الإسرائيليين" باستضافته للسفير الاسرائيلي في منزله، فكان لا بد من "قرصة لأذن عكاشة"، عاد بعدها يدرك "حجمه الطبيعي" بعد حكم إدانة في قضية تزوير الدكتوراه، وهو الحكم الذي أوقف تنفيذه.

ويشير المتحدث إلى أن السيسي جرب إعادة بعض ألسنته للحديث باسمه بداية من محمود سعد إلى إبراهيم عيسى، ولكن المشكلة تكمن في أنه لا يريد إعلاما أصلا، فهو متردد بين كراهيته للإعلام عموما واحتياجه إليه.

المصدر : الجزيرة