عندما يتبنى إعلام الثورة المضادة "الربيع الإيراني"

إعلام الثورة المضادة العربي والمحسوب على إيران تعامل بشكلمتناقض مع الربيع العربي واحتجاجات إيران
محمد النجار-الجزيرة نت

من "الانتفاضة" إلى "الثورة" المقابلة، ظل إعلام إيران والمحسوب عليها منسجما مع مصطلحات "المؤامرة" في وصف ما يحدث في إيران بعد سوريا ودول أخرى ثارت شعوبها على أنظمتها.
خلال ساعتين فقط، نشر أحد حسابات قناة العربية السعودية على تويتر 13 تغريدة عن "انتفاضة إيران"، وباتت الأحداث هناك وخارطة التظاهرات فيها موضع تحليل مستمر في تغطية شبه مفتوحة على مدار الساعة على قناتي العربية والحدث، وكانت مصطلحات "الثورة" و"الانتفاضة" تظهر على لسان مذيعي وضيوف القناتين بشكل اعتيادي.
 
الأمر نفسه ظهر في قناة سكاي نيوز التابعة لإمارة أبو ظبي، وسارت على نهجها بقية القنوات والصحف السعودية والإماراتية، في حين كانت وسائل الإعلام المصرية أكثر حذرا في تناول الأحداث الجارية في إيران، وإن ظهرت في بعض هذه الوسائل مصطلحات "الثورة" بين الفينة والأخرى.
 
أخبار الاعتقالات وصورها ظهرت بشكل ملفت على وسائل الإعلام السعودية والإماراتية، وهي التي طالما انتقدها مغردون لصمتها عن تغطية أخبار نحو أربعين ألف معتقل في السجون المصرية منذ الانقلاب العسكري عام 2014، إضافة إلى عشرات المعتقلين السياسيين الذين تصدر منظمات حقوقية تقارير بشأنهم في السعودية والإمارات.
 

الربيع العبري

واحد من أوجه التناقض يظهر في استخدام المصطلحات من قبل عدد من مشاهير المغردين الخليجيين تحديدا، وأحد هؤلاء قائد شرطة دبي السابق الذي طالما غرّد ضد الربيع العربي ووصفه تارة "بالربيع العبري"، وأخرى "بالفسيخ العربي".

لكن خلفان لم يتوان عن وصف ما يجري في إيران "بالثورة المدنية"، و"الانتفاضة"، بينما يعيد بشكل دوري إعادة نشر عشرات التغريدات التي تنشر أخبارا عن احتجاجات إيران، أو تبشر "بالثورة" التي ستطيح "بنظام الملالي".

والملفت أن خلفان كان غرد في يونيو/حزيران الماضي بأن الربيع العربي القادم سيقوده كل من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، وهم القادة الثلاثة الذين يصفهم ناشطون عرب بأنهم قادة "الثورة المضادة" التي أطاحت بعدد من الثورات العربية.

المدير السابق لقناة العربية عبد الرحمن الراشد كان انتقد بعض ثورات الربيع العربي، وركز على عيوبها، بل وهاجم إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما واتهمها بالانحياز لجماعات الإسلام السياسي التي جاءت بها الثورات في مصر وتونس، وبارك الانقلاب العسكري في مصر عام 2014.
 

حول الراشد حسابه على تويتر منذ أيام لنشر أخبار وتحليلات وصور وفيديوهات الأحداث الجارية في إيران، بل إنه تبرع في اليوم الثالث من الاحتجاجات بنشر خارطة التظاهرات وجدول بأسماء المدن الإيرانية التي تمت الدعوة فيها لتظاهرات ضد النظام في إيران.

من الانقلاب للثورة
وما تدعو للمقارنة مقالات الراشد وتحليلاته المطولة التي طالما هاجمت وانتقدت الثورات العربية، لا سيما في مصر قبل أن يمتدح الانقلاب عليها، إضافة إلى انتقاد ثورات تونس واليمن، في حين يتحدث اليوم بإسهاب عن قيم الحرية والديمقراطية التي يقول إن الشعب الإيراني يحتاجها للتخلص من "القمع والظلم".

 

في الجهة الأخرى من الإعلام الذي دعم الثورة المضادة، كانت تغطية الإعلام الإيراني والمحسوب عليه، الذي انحاز لثورات الربيع العربي في بداياتها، لا سيما في تونس ومصر، قبل أن يقرر أن هذه الثورات مجرد "مؤامرات أميركية صهيونية" بعد أن وصلت لسوريا. 

والملفت أن بعض هذا الإعلام انقلب على تغطياته السابقة، فبارك الانقلاب على الثورة المصرية، وهاجم قوى الثورة العربية، لا سيما جماعات الإسلام السياسي التي انحازت للثورة السورية على النظام الذي يصفه هذا الإعلام "بالمقاوم والممانع".

 
ومع انطلاق الاحتجاجات في إيران، ظل هذا الإعلام منسجما مع نفسه، فاستخدم المصطلحات ذاتها التي نعت بها الثورة السورية وبعض ثورات الربيع العربي، وتبنى خطاب مسؤولين إيرانيين باعتبار أن طهران تتعرض لمؤامرة أميركية صهيونية أيضا، وهو التبني نفسه لخطاب النظام السوري، وقوى الثورة المضادة التي انقلبت على الربيع العربي.
 
ووسط مشهد التغطيات الانتقائية، تبرز مصطلحات الحرية والديمقراطية والانتخابات والبرلمان والأحزاب وإرادة الشعوب في وصف ما يجري في إيران اليوم، من قبل إعلام دول طالما دعمت ومولت ثورات مضادة انقلبت على إرادة شعوب عربية لم تكن تطالب بأكثر مما يطالب به الإيرانيون اليوم.
المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي