الإغلاق الفدرالي.. ترمب يفتتح عامه الثاني بأزمة

U.S. President Donald Trump prepares to address the annual March for Life rally, taking place on the National Mall, from the White House Rose Garden in Washington, U.S., January 19, 2018. REUTERS/Carlos Barria
الإغلاق الفدرالي أفسد على ترمب احتفاله بعامه الأول بالرئاسة (رويترز)
محمد النجار-الجزيرة نت

"في ذكرى عام على وجودي في الرئاسة، منحني الديمقراطيون هدية لطيفة"، بهذه الكلمات غرد الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعليقا على الإغلاق الفدرالي الذي استفاق عليه الأميركيون صباح أمس السبت.
ورغم أن هذا الإغلاق هو الـ 19 في تاريخ الولايات المتحدة، فإنه كان فريدا من نوعه، لأنه تصادف مع الذكرى الأولى لتسلم ترمب مهامه في البيت الأبيض.
 

وكما هو حال عامه الأول الحافل بالأزمات، فإن ترمب افتتح عامه الثاني في الرئاسة بأزمة أطلق عليها زعيم الأقلية الديمقراطية في الكونغرس تشاك شومر اسم "إغلاق ترمب"، بينما رد عليه الرئيس الأميركي بتسميتها بـ "إغلاق شومر".

 
وبعيدا عن حرب التسميات فإن الأميركيين استفاقوا على واقع عرفوه سابقا مرات عدة، كان آخرها في عهد الرئيس باراك أوباما عام 2013 عندما توقفت المؤسسات الفدرالية عن العمل مدة 16 يوما.
 

بين إغلاقين
لكن محللين أميركيين عدة رأوا أن ما يميز "إغلاق ترمب" عن "إغلاق أوباما"، أن الإغلاق الحالي يأتي مع رئيس جمهوري يتمتع بوجود أغلبية جمهورية أيضا في الكونغرس، بينما حدث إغلاق 2013 عندما كان الرئيس الديمقراطي يواجه أغلبية جمهورية في الكونغرس.

 
ويركز العديد من المحللين الأميركيين على المعاني السياسية للإغلاق، لأنه يأتي وسط خلاف جذري بين الرئيس والجمهوريين من جهة والديمقراطيين من جهة أخرى، حول تمويل برامج تتعلق بالمهاجرين الذين أعلن ترمب الحرب على قوانينهم وبرامج تمويلهم منذ وصوله للبيت الأبيض.
 
ويرفض الديمقراطيون التصويت على مشروع الموازنة الجديدة ما لم يتضمن تمويلا لبرنامج التأمين الصحي الحكومي لأطفال اللاجئين غير الشرعيين الذين لا يجدون من يعيلهم.
 
كما يطالبون بإيجاد حل لنحو 700 ألف لاجئ غير شرعي، والمعروفين باسم (دريمرز) أو الحالمين، بعد إلغاء ترمب برنامج (داكا) الذي أقرته إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، والذي قرر ترمب إلغاءه مع منحه تصريحا مؤقتا ينتهي في مارس/آذار القادم.
 

أطفال داكا

وتعود قضية "أطفال داكا" كما يطلق عليها في الولايات المتحدة لنحو مليون مهاجر كانوا مهددين بالترحيل، قبل أن تمنحهم إدارة أوباما قبل خمسة أعوام حماية تحت ضغط الاحتجاجات الإقامة بقرار تنفيذي.
 
وهؤلاء عبروا الحدود الأميركية وهم قاصرون في فترات متفاوتة، ومنهم اليوم أطباء ومهندسون لكنهم لا يتمتعون بوضع قانوني وباتوا اليوم مهددين بالترحيل.
 
وتوقع ليون فرسكو، مساعد المدعي العام بوزارة العدل الأميركية في حديث للجزيرة أن يعيد الكونغرس التمويل لبرنامج أطفال داكا، مشيرا إلى أنه من غير الممكن وقف التمويل لهذا البرنامج بشكل مفاجئ.
وبرأيه فإنه إذا نجح الديمقراطيون بتمرير قانون أطفال داكا، فإن الجمهوريين ربما سيسعون للحصول على تمويل لبناء الجدار مع المكسيك، وتعديل قانون الحصول على الهوية الخضراء لنحو 50 ألفا حول العالم سنويا عبر نظام القرعة، إضافة لتعديل برنامج لم شمل عائلات المهاجرين.

نصف مليون موظف
بالعودة للإغلاق الفدرالي، فإن الأميركيين سيبدؤون بالشعور بآثاره اعتبارا من يوم غد الاثنين، بعد أن تعود المؤسسات الفدرالية للعمل، ولا سيما أن نحو نصف مليون موظف فدرالي لن يتمكنوا من العودة لأعمالهم اعتبارا من صباح الغد إذا لم يتوصل الفريقان لاتفاق في الساعات القليلة المقبلة.

ورغم أن الإغلاق لن يؤثر على نحو 1.5 مليون عسكري أميركي، ولا على استمرار العمليات العسكرية والحروب التي يخوضها الجنود الأميركيون في بقاع عدة حول العالم، فإنهم لن يحصلوا على رواتبهم إذا استمر الإغلاق، رغم أن هذه الرواتب ستدفع بأثر رجعي بعد حل الأزمة، كما حدث في مرات سابقة.
 
ولن تتأثر العديد من الوزارات والإدارات الرئيسية بالإغلاق، لكن الأميركيين سيشعرون ببطء الإجراءات الحكومية، كما ستتوقف وزارات ودوائر كاملة عن العمل إلى حين حل الأزمة الحالية.

احتفال ترمب
وأفسد الإغلاق الفدرالي على الرئيس احتفاله بالعام الأول له في البيت الأبيض، حيث كان ينبغي له أن يتوجه لمنتجعه في فلوريدا، لكنه ظل في واشنطن، وحاول في لقاء له الجمعة مع زعيم الأقلية الديمقراطية تشاك شومر التوصل لحل، لكن اللقاء انتهى إلى لا شيء.

وإضافة لهذا الإغلاق، فإن عشرات الآلاف من الأميركيين استقبلوا ترمب بمظاهرات حاشدة رافضة لسياساته في عامه الأول، إضافة لاستطلاعات رأي نشرت في الأيام الماضية كشفت عن تراجع قياسي في شعبيته وصل إلى 38%، وهي نسبة قال محللون أميركيون إنها الأقل لرئيس أميركي خلال العام الأول لرئاسته.
ووسط حالة الشد والجذب بين الطرفين، فإن الساعات وربما الأيام القادمة ستكون حاسمة، حيث يؤكد مراقبون أن أعين المشرعين من الحزبين ستبقى مسلطة على انتخابات التجديد النصفي نهاية العام الجاري، بينما يحبس "أطفال داكا" ومعهم ملايين الأميركيين أنفاسهم انتظارا لمصير مباحثات الجمهوريين والديمقراطيين.
المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع التواصل الاجتماعي