في مصر السيسي.. إكرام الميت دفنه "سرا"
عبد الله حامد ـ القاهرة
ورفضت السلطات إقامة جنازة لمرشد الإخوان السابق مهدي عاكف، وحاصرت الشرطة الجثمان حتى دفنه، بحضور عدد قليل من أهله ومحامي الأسرة، استمرارا لسياسة منع الجنازات التي يرى النظام فيها خطرا شعبيا عليه.
ولم يكن عاكف الأول الذي تمنع السلطات الصلاة عليه وتشييع جنازته، فقد سبقه الشاب محمد بلبولة الذي جرت تصفيته أثناء حصار قريته البصارتة بدمياط شمالا "خوفا من أن تتحول جنازته لمظاهرة منددة بالسياسات القمعية والمميتة بحق المعارضين" وفق الناشط عبد الله، وهو أحد أبناء القرية.
واستدعت تفاصيل نهاية عاكف وقائع نهاية مؤسس الجماعة حسن البنا، الذي اغتيل وسط القاهرة أواخر الأربعينيات من القرن الماضي وجرى منع الصلاة عليه أو تشييع جنازته أيضا.
نظام ظالم
ووصف الناشط ومؤسس "حركة بداية" شريف دياب نظام السيسي بـ "الظالم الذي لا يحترم الإنسان حيا أو ميتا"، ملمحا إلى أن "هناك الآلاف داخل المعتقلات يعانون من الأمراض التي تسبب فيها النظام باعتقالهم وتعذيبهم في سجون غير آدمية ولا يحظون برعاية صحية كما جرى لعاكف".
وتابع دياب في حديثه للجزيرة نت قائلا إنه "ليس غريبا على نظام يفعل كل ذلك بالأحياء ألا يحترم الأموات وذويهم، وبالتأكيد فالنظام يخشى من أي حشد حتى لو كان جنازة أو عزاء".
ويرى دياب أن علماء الدين والمؤسسات الدينية "كغيرهم من أتباع السلطة، يحرصون على ضمان مصالحهم، والمقاومين منهم بين الاعتقال والفرار وبعضهم تحت التهديد التزم الحياد، بينما هم داعمون للنظام بصمتهم".
حقوق الميت
ويتفق مع الرأي السابق الأمين العام السابق للمجلس القومي لحقوق الإنسان السفير عبد الله الأشعل، مؤكدا أن حق المتوفى في أن يعامل جثمانه بكرامة واحترام وأن يتاح لأهله تشييعه، وهذا الحق له أساس قانوني وديني وأخلاقي وحرمانه من التشييع يرتب آثارا علي أهله تضاعف من أحزانهم عليه و"لا يجوز استغلال هذا الموقف الإنساني للتنكيل بالميت وذويه".
عسكرة "دينية"
ويؤكد وكيل وزارة الأوقاف السابق سلامة عبد القوي أن النفس البشرية لها احترامها وتقديرها في الشريعة الإسلامية، حتى بعد الموت، وأوجب الإسلام لها معاملة تليق بها من غسل وتكفين ودعوة الناس إلى تشيع الجنازة والصلاة عليها، وأوضح أن "منع النظام الانقلابي لجنازة عاكف ومنع الصلاة عليه دليل واضح على مخالفة نصوص الشريعة والأعراف الإسلامية والعربية".
وتابع في حديثه للجزيرة نت "تحذير الأوقاف من إقامة صلاة الغائب على عاكف دليل على عسكرة المؤسسات الدينية، في سابقة هي الأولى من نوعها وبالمخالفة لنصوص السنة النبوية ولكن الأوقاف تقدم النصوص العسكرية على النصوص النبوية" على حد قوله.
ورأى عبد القوي أن ما جرى مؤشر على ضعف النظام الذي يتسلح بدباباته وأسلحته "لإرهاب الناس"، ودليل قاطع على ما أسماه "قوة جماعة الإخوان المسلمين رغم كل ما تعرضوا له في الآونة الأخيرة".