جاهزية إسرائيل للحرب.. تشكيك وانتقاد

قيادة الجيش وفي يمين الصورة رئيس هيئة أركان الجيش غادي آيزنكوت، خلال معاينة انتقل الجيش في التدريبات من الإجراءات الدفاعية والوقائية على الخطط الهجومية.
رئيس هيئة أركان الجيش غادي آيزنكوت (يمين) مع قادة من الجيش (الجزيرة)

محمد محسن وتد-القدس المحتلة

في حين يواصل الجيش الإسرائيلي مناورات عسكرية تحاكي خوضه حربا على جبهات عدة، تترقب الأوساط السياسية والعسكرية تقرير لجنة الخارجية والأمن للكنيست يشكك في جاهزية الجيش وقدرته على الانتصار وحسم المعارك.

ويحمل التقرير، الذي يؤكد أن الجيش الإسرائيلي غير مستعد للمعارك ويشكك في جاهزيته للحرب، المسؤولية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وأعضاء المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية "الكابينيت".

كما يوجه انتقادات للمستوى السياسي حيال النهج والتعامل مع الجيش والعلاقة معه خلال المعارك، والفشل السياسي والعسكري في استخلاص العبر من الحروب السابقة وعدم تطبيق توصيات تقارير ولجان تحقيق سابقة.

ويصنف التقرير الصادر عن اللجنة الفرعية المعنية بالعقيدة الأمنية وتراكم القوة، التي يرأسها عضو الكنيست عوفير شيلح، على أنه سري للغاية وستبقى توصياته طي الكتمان.

‪الجيش الإسرائيلي عزز من منظوماته الدفاعية على كافة الجبهات‬  (الجزيرة)
‪الجيش الإسرائيلي عزز من منظوماته الدفاعية على كافة الجبهات‬  (الجزيرة)

الحسم والانتصار
وفي السياق، يرجح المحلل العسكري للإذاعة الإسرائيلية آيال عليمة بأن جوهره يناقش مدى جاهزية الجيش للحرب القادمة والعلاقة بين المستويين العسكري والسياسي خلال سير المعارك والأهداف المعلنة من أي حرب مستقبلية ومفهوم الحسم والانتصار بالحروب من وجهة النظر العسكرية وكيف يمكن توظيفها لتحقق الحكومة مكاسب سياسية.

وشدد عليمة في حديثه للجزيرة نت على أن الجيش ومن خلال تكثيفه للتدريبات والمناورات العسكرية التي تحاكي خوض المعارك على أكثر من جبهة في الحرب العصرية، يسعى لاستخلاص العبر وتطبيق توصيات التقارير لحروب سابقة واستحداث قدرات وأساليبه وخططه والتأقلم مع المستجدات الإقليمية.

بيد أن بنك الأهداف حسب المحلل العسكري "يحددها المستوى السياسي وليس الجيش، وبالتالي التقرير يأتي لمنح دور أكثر للجيش بالقرارات والحسم وتحديد صلاحيات كل طرف لكيلا يتملص من المسؤولية بعد نتائج الحرب".

وعن جاهزية الجيش للحرب والحسم بالمعارك، يضيف عليمة أن "بداية الجيش دائما على أهبة الاستعداد والجاهزية لأي مواجهة، لكن مفهوم الحسم والانتصار بالمعارك والحروب العصرية غير واضح، وخلافا للانطباع السائد وباعتراف رئيس هيئة أركان الجيش غادي آيزنكوت، فالجيش الإسرائيلي لم ينتصر ولم يحسم المعارك منذ حرب يوم الغفران، لربما كانت هناك إنجازات عسكرية لكن الجمهور الإسرائيلي لا يفسر ذلك حسما وانتصارا". 

‪في التدريب الذي يحاكي مواجهة عسكرية شاملة، شارك عشرات آلاف الجنود من مختلف وحدات الجيش وسلاح الجو‬ (الجزيرة)
‪في التدريب الذي يحاكي مواجهة عسكرية شاملة، شارك عشرات آلاف الجنود من مختلف وحدات الجيش وسلاح الجو‬ (الجزيرة)

حروب وإخفاقات
واستشهد عليمة بتوصيات لجنة التحقيق في حرب لبنان الثانية عام 2006، التي اعتبرت نتائج الحرب "إخفاقا خطيرا" وشخصت ثغرات لدى القيادات السياسية والعسكرية، فتم الشروع بالحرب دون وضع إستراتيجية وأهداف محددة رغم الهدف المعلن بإبعاد حزب الله عن الحدود وتقويض قدرته العسكرية، إذ أخفق الجيش بإدارته للحرب والمعارك البرية ولم يوقف إطلاق صواريخ حزب الله ولم يحقق تقدما عسكريا من شأنه أن يمكّن القيادة السياسية من تحقيق الإنجازات.

الإخفاقات ذاتها تكررت على الجبهة الجنوبية خلال الحرب على غزة بالعام 2008، إذ فشل الجيش في تحقيق أهدافه بـ"معركة الفرقان" للوصول إلى الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي أسرته حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وكرر فشله في "العصف المأكول" حين عاود الحرب على القطاع عام 2014.

ولم تستخلص الحكومات المتعاقبة العبر من حروبها لترميم قوة الردع للجيش، وعجزت عن القضاء على القدرة الصاروخية للمقاومة وتقويض ترسانتها العسكرية وتدمير شبكة الأنفاق وتأليب الفلسطينيين في غزة على المقاومة بغرض إسقاط حكم حماس، لضمان تهدئة طويلة يتوقف خلالها إطلاق الصواريخ على إسرائيل.

‪في التدريب الذي يحاكي مواجهة عسكرية شاملة، شارك عشرات آلاف الجنود من مختلف وحدات الجيش وسلاح الجو وطائرات الشبح المقاتلات من طراز أف 35‬ (الجزيرة)
‪في التدريب الذي يحاكي مواجهة عسكرية شاملة، شارك عشرات آلاف الجنود من مختلف وحدات الجيش وسلاح الجو وطائرات الشبح المقاتلات من طراز أف 35‬ (الجزيرة)

السياسي والعسكري
من جهته، يقول المحلل السياسي عكيفا إلدار إن جميع الحروب التي خاضها الجيش الإسرائيلي سواء على لبنان أو غزة، ارتبطت ارتباطا وثيقا بانتخابات الكنيست، بحيث أن القوى السياسية والأحزاب الحاكمة كانت تؤجج الصراع من خلال صناعة العدو الخارجي، إذ يصطف المجتمع الإسرائيلي خلف الجيش والحكومة خلال الحروب والهواجس الأمنية وينحي جانبا القضايا الاجتماعية والاقتصادية والخدماتية.

ويرجح أن التقرير سيسلط الضوء أيضا على العلاقة ما بين المستوى السياسي والعسكري والسجال حول طبيعة الأهداف من المعارك والحروب السابقة، وتوظيف المستوى السياسي من الحرب لأهداف انتخابية وجر الجيش إلى مربع السياسة وتحميله مسؤولية أي إخفاق.

ولفت إلدار في حديثه للجزيرة نت إلى أن التقديرات والاستنتاجات وإخفاقات الحروب على غزة تحديدا لخصها تقرير مراقب الدولة الإسرائيلي، الذي وجه انتقادات شديدة اللهجة إلى نتنياهو حيال أدائه خلال العدوان العسكري على غزة عام 2014، والتعامل مع شبكة الأنفاق الهجومية ونهج وأداء "الكابينيت" وعلاقاته وتناغمه مع قيادة الجيش خلال سير المعارك.

المصدر : الجزيرة