الانقسام يعود للمعارضة الجزائرية بعد سنتي وفاق

اول اجتماع للمعارضة الجزائرية في يونيو حزيران 2014
أول اجتماع للمعارضة الجزائرية في صيف عام 2014 (الجزيرة)
عبد الحميد بن محمد-الجزائر

بعد مرحلة من التوافق استمرت أكثر من سنتين عاد الانقسام إلى المعارضة الجزائرية، ليفرز حالة من التصدع في صفوفها، وصل إلى تبادل الاتهامات بين بعض أطرافها.

وكانت المعارضة الجزائرية عقدت مؤتمر عاما في يونيو/حزيران 2014 بعد فوز الرئيس بوتفليقة بولاية رابعة، تبنت خلاله أرضية سياسية تتضمن الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، والاتفاق على انتقال ديمقراطي بالتفاوض مع السلطة.
 
لكن الخلافات ما لبثت أن ظهرت وتعمقت، خاصة قبيل إجراء الانتخابات التشريعية في مايو/أيار الماضي، وازدادت مع استعداد البلاد لإجراء انتخابات مجالس البلديات والمحافظات في 23 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

أما هيئة المتابعة والتشاور التي تضم أحزابا وشخصيات لم تلتئم منذ أكثر من سنتين، وكذلك تنسيقية الانتقال الديمقراطي التي تعد النواة الصلبة للهيئة السابقة، وتضم إسلاميين وعلمانيين، وأصبحت هي الأخرى في حكم الميت.
 
ويعزو القيادي في حزب "جيل جديد" إسماعيل حمداني انقسام المعارضة بعد فترة من التكتل إلى أن أغلب أحزابها سبق أن شاركت في نظام الحكم، مثل حركات حمس والنهضة والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية.

وقال للجزيرة نت إن مشاركة قوى المعارضة في الانتخابات التشريعية الماضية "سبقتها من دون شك اتفاقات تحت الطاولة، والنظام كان أقوى، لأنه يعرف نقاط ضعف المعارضة بعدما قام بتوزيع الريوع عليها".

كما اعتبر مشاركة بعض قوى المعارضة في الانتخابات "خيانة وما تعرضت له من هجوم من قبل رئيس الوزراء داخل البرلمان دليل على ضعفها وهشاشتها".
  
ويستغرب موقف بعض أحزاب المعارضة التي كانت تطالب بإعلان شغور منصب الرئيس، والتي ترى اليوم في تطبيق المادة 102 من الدستور أمرا غير مؤسس.

‪نور الدين بكيس: الحزب السياسي تحول إلى مصدر للارتقاء الاجتماعي‬ (الجزيرة)
‪نور الدين بكيس: الحزب السياسي تحول إلى مصدر للارتقاء الاجتماعي‬ (الجزيرة)

تفسيرات
أما رئيس الكتلة النيابية لحركة مجتمع السلم ناصر حمدادوش فنفى وجود توافق كلي بين جميع مكوّنات المعارضة في مسألة شغور منصب رئيس الجمهورية، وأرجع سبب ذلك إلى كون المعارضة لا تملك آليات تفعيل المطلب دستوريا.

وتنص المادة 102 من الدستور على أن إعلان شغور منصب رئيس الجمهورية لا يكون إلا عن طريق المجلس الدستوري وبموافقة ثلاثة أرباع البرلمان بغرفتيه مجتمعتين.

وأضاف حمدادوش أن "الكل اتفق من البداية على أن العمل الجماعي لا يعني التحول إلى حزب واحد، لذلك لم تذب في بعضها وتتوحد تنظيميا حتى نقول عنها عادت إلى الانقسام والتشتّت".

وتابع قائلا "لذلك يفضل الحديث عن شبه إجماع حصل بين قوى المعارضة على المطلب الأكثر واقعية والأفضل سياسيا، وهو الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، أما النقطة التي حققت الإجماع فهي الحريات والانتقال الديمقراطي".

وأقر حمدادوش باختلاف المعارضة أيضا حول الموقف من الهيئة العليا المستقلة للإشراف على الانتخابات، التي تشكلت بموجب الدستور الجديد، متسائلا: "هل تكون شرطا في تحديد الموقف من المشاركة في الانتخابات التشريعية التي جرت في مايو/أيار الماضي أم لا؟ وهل يكون الموقف جماعيا أم تترك السيادة لكل حزب؟".

ويرجع أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الجزائر نور الدين بكيس انقسام المعارضة بعد تكتلها إلى "طبيعة الحزب السياسي ونوعية المناضلين".

ويرى أن الحزب السياسي تحول إلى مصدر للارتقاء الاجتماعي ولم يعد إطارا للدفاع عن المشاريع السياسية والأيديولوجية، مشيرا إلى أن القيادات الحزبية "أصبحت أسيرة مزاج مناضليها لأن الكثير منهم لا يقبل فكرة مقاطعة الانتخابات".

وفي تفسيره لتكتل المعارضة خلال السنوات الثلاث الماضية قبل أن تعود للانقسام، فيرجعه إلى خلو تلك المرحلة من أي انتخابات، "وهو ما منح القيادات الحزبية هامشا للسير في مبادرات التنسيق السياسي". 

المصدر : الجزيرة