ماذا يكتب المغردون السعوديون ضد قطر؟

تقرير السعوديون على تويتر بالأرقام
حملات اللجان الإلكترونية السعودية ضد قطر استخدمت مختلف أنواع السب والتجريح والتحريض (الجزيرة)

بين العالميْن الافتراضي والواقعي سجل الإعلام السعودي حالة غير مسبوقة من الحرب على قطر منذ اندلاع الأزمة الخليجية قبل أكثر من مئة يوم، حيث انطلقت الجيوش الإلكترونية تدق نواقيس الحرب منذ الساعات الأولى للحصار الذي تفرضه ثلاث دول خليجية بالإضافة إلى مصر على دولة قطر.

وقد أثارت عمليات الانتشار وإعادة الانتشار التي تمارسها اللجان الإلكترونية، أو ما يسمى "الذباب الإلكتروني" -كما أطلق عليه نشطاء في تويتر- حالة من الاستياء لدى متابعي الإعلام العربي، باعتباره نمطا جديدا يخرق القيم الإعلامية ويتجاوزها إلى اعتماد السب والتشهير وقلب الحقائق وحتى التحريض على العنف وعلى أمن الدول الأخرى معيارا وحيدا للتدوين.

والواقع أن حملات الذباب الإلكتروني ليست إلا ظهيرا إعلاميا للمواقف السعودية الرسمية تجاه دولة قطر، حيث أرغمت السلطات السعودية عناصرها الإعلامية على إعلان الحرب "التويترية" على القطريين.

وفي مرحلة لاحقة لم تكتف السلطات السعودية بصمت من لا يريد أن ينزلق إلى قاع السب، فقامت باعتقال عدد من الشخصيات العلمية والفكرية.

مستشارون للسب
استطاع سياسيون وصحفيون سعوديون حفر أسمائهم بحروف من سباب وتحريض في ذاكرة الأزمة الخليجية الحالية، ومن أبرز هؤلاء سعود القحطاني المستشار برتبة وزير بالديوان الملكي والذي يمثل محور عمليات الذباب الإلكتروني، تفاعلا مع تدويناته وإعادة تغريد واستمدادا من مستويات البذاءة التي تطبع ما يكتب.

وأطلق القحطاني وسوما (هاشتاغات) كثيرة منذ اندلاع الأزمة، منها وسم قذافي الخليج ناشرا تحته عدة شائعات كاذبة عن مظاهرات شعبية في الدوحة، وعمليات اعتقال ودهم تمارسها القوة التركية في قطر.

وحاول مستشار آخر بالديوان الملكي -وهو رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة تركي آل الشيخ- أن يسجل ضربات مرتدة في المرمى القطري، قبل أن يكشف المغردون أن الأمر ليس سوى حالة تسلل بناء على شائعات ومعلومات مغلوطة.

وبالتوازي مع ذلك اختار أن يمثل دور الظهير الفني للذباب الإلكتروني، حيث كتب كلمات أغنية سياسية تحت شعار "عَلِم قطر" أداها سبعة فنانين، ونالت من الاستنكار والإدانة أضعاف ما نالت من الإشادة والاستماع، حيث قضت كلماتها على اللحن والإيقاع، ولم تزد على أن كانت لحنا فاترا في جوقة السباب السعودية.

التحريض على العنف
مدونون آخرون من الفاعلين في اللجان الإلكترونية اختاروا التحريض الصريح ضد النظام السياسي في قطر، ومن هذا الفليق السعودي إبراهيم آل مرعي الذي ثبت على صفحته على تويتر تغريدة تقول "لا يوجد حل جذري للأزمة القطرية الا بتغيير النظام، وأي حل غير ذلك يعتبر مخدرا سياسيا وأزمة أمنية دائمة لدول الخليج، واستمرارا للإرهاب".

يحاول آل مرعي -في تغريداته ضد قطر- أن يظهر بلبوس المحلل الإستراتيجي قبل أن ينهار كل ذلك أمام التعليقات الناسفة من النشطاء التويتريين، وأمام تناقضاته البينة. ففي بداية الأزمة اتهم قطر بأنها وراء اختراق حساب وزير الخارجية البحريني على تويتر خالد بن أحمد، قبل أن يأتي الرد سريعا من المنامة التي أكدت في بيان رسمي أن المتهم في عملية الاختراق هو "أحد العناصر الإرهابية المطلوب أمنياً والهارب حاليا خارج البلاد والمسقطة جنسيته في وقت سابق".

التهمة ذاتها كررها رئيس اللوبي السعودي بأميركا سلمان الناصري الذي يقود حملة علاقات عامة لتشويه قطر والسعي إلى عزلها، ولكنه وفي الوقت ذاته -وتلك مفارقة غريبة- يدعو لإنهاء عزلة إسرائيل وإقامة علاقات مباشرة وتطبيع كامل معها وفق مقالات كتبها سابقا.

ولم تأل هذه اللجان الإلكترونية جهدا في السعي لإثارة الفوضى وضرب النسيج الاجتماعي والقبلي، وزعزعة الاستقرار في قطر حيث حرضت مرارا وتكرارا على التظاهر في قطر، وحذر أحد قادتها (سعود القحطاني) من التعرض لها أو قمعها، ولكن خيبة الأمل كانت كبيرة، فبدلا أن تندلع مظاهرات لا وجود لأسبابها ومبرراتها في قطر، انقلب السحر على الساحر وأطلق مغردون لاحقا دعوات للتظاهر بالسعودية تحت شعار حراك 15 سبتمبر.

وبينما كان المغردون ينشطون تبريرا وتسويقا و"تشريعا" لـ "حراك" لا أثر له في قطر، راحوا يستصدرون الفتاوى ويستنجدون بالعلماء والمشايخ لإصدار فتاوى تحرم المظاهرات وتدين أي حراك في الشارع السعودي.

تندر وسخرية
وفي غمرة الحصار والتشويه والتحريض، تحولت في أحيان كثيرة حملات الذباب الإلكتروني إلى مادة مثيرة للسخرية والتندر، بعد أن شهدت وسوم وحملات اللجان الإلكترونية "انحطاطا" غير مسبوق وغير مفهوم بالنظر إلى غرابته أحيانا، وظهر ذلك جليا في قصص كثيرة من بينها ارتفاع درجة حرارة أبقار قطر، ولبن الحمير، وعدم تحمل المعدة القطرية للمنتجات التركية.

وبما أن تلك الحملات جمعت بين ثلاثي الغرابة والكذب والتحريض فقد أنتجت قصصا غريبة تتحدث أحيانا عن تفريق مظاهرات بالدوحة، وعن اعتقالات في الوكرة، وعن قيام القوات التركية بفرض حظر تجوال وحملات تفتيش، وظهور عناصر الحرس الثوري الإيراني في مدن قطر.

ولن ينقضي عجبك حين تقرأ لمغرد سعودي استبد به الحماس للمشاركة في الحملة، فقال لقناة العربية إنه شاهد الحجاج القطريين يحجون في رمضان بمنتهى الحرية، فهل نسي أو جهل أنه لا حج في رمضان!!

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية + مواقع التواصل الاجتماعي