باحث: أتراك ألمانيا لن يتأثروا كثيرا بخلافات البلدين

يونس أولسوي الباحث بمركز دراسات تركيا التابع لحكومة ولاية شمال الراين الألمانية. الجزيرة نت.
أولسوي أوضح أن هناك فئة من الألمان من أصول تركية سيصوتون للأحزاب التي تهتم بحياتهم اليومية (الجزيرة)

خالد شمت-برلين

قلل الباحث في مركز دراسات تركيا التابع لحكومة ولاية شمال الراين الألمانية الدكتور يونس أولسوي من تأثير تدهور علاقات أنقرة وبرلين على مواقف الألمان من أصول تركية على اتجاه التصويت بانتخابات البوندستاغ الأحد القادم.

وأوضح أولسوي في مقابلة مع الجزيرة نت أن التأثير سيكون جزئيا بالنظر إلى وجود معارضين من داخل صف أتراك ألمانيا للحكومة التركية، واهتمام عدد منهم بالأحزاب التي تدعم تطوير تفاصيل حياتهم اليومية.

ومع اقتراب موعد انتخابات البوندستاغ في ألمانيا بات الألمان من أصول تركية موضوع نقاشات ساخنة بشأن مواقفهم الانتخابية ومدى تأثرها بتدهور العلاقة بين أنقرة وبرلين منذ مدة، حيث تشهد تلك العلاقة احتقانا غير مسبوق.

ويعيش في ألمانيا نحو ثلاثة ملايين تركي يحمل نحو نصفهم جنسية هذا البلد، ولهم الحق بالتصويت، ومثلت هذه الفئة في السنوات الماضية كتلة انتخابية متجانسة بتصويتها لصالح اليسار، لكن هذا الواقع تغير بتطور هذا الوجود التركي الذي يعتبر الأكبر خارج وطنه الأم.

وعقّد تردي العلاقات التركية الألمانية الخيارات الانتخابية للألمان الأتراك، ولا سيما بعد دعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مواطنيه إلى عدم التصويت للأحزاب الألمانية التي اعتبرها معادية لبلاده.

الجزيرة نت سعت للتعرف على خيارات أتراك ألمانيا في انتخابات برلمانها، والآفاق المحتملة للعلاقة بين الطرفين بعد تشكيل حكومة ألمانية جديدة بعد الانتخابات، وذلك في مقابلة مع الباحث بمركز دراسات تركيا التابع لحكومة ولاية شمال الراين الألمانية الدكتور يونس أولسوي.

وفي ما يلي نص الحوار: 

undefined هل أثر المناخ المشحون بين حكومتي أنقرة وبرلين على خيارات الألمان الأتراك بانتخابات البوندستاغ؟

هناك تأثير جزئي، فالمؤيدون للرئيس رجب طيب أردوغان سيلتزمون بنصيحته بالتصويت لأحزاب غير المسيحي الديمقراطي والاشتراكي الديمقراطي والخضر التي عدها معادية لمصالح تركيا، لكن بين أتراك ألمانيا معارضون للرئيس التركي، وحتى بين أنصاره لا يوجد حاليا تجانس بالنسبة للموقف للاقتراع، ولذلك فنصيحة أردوغان لن يكون لها تأثير كبير على تصويت أتراك ألمانيا.

undefined هل أدى التوتر المتزايد بين أنقرة وبرلين لانقسام انتخابي بين أتراك ألمانيا؟

هذا الانقسام موجود قبل الانتخابات البرلمانية الألمانية، وامتداد لانقسام سابق حدث خلال الانتخابات البرلمانية التركية الأخيرة، والاستفتاء على التحول للنظام الرئاسي.

undefined ماهي الأولويات الانتخابية الآن للألمان من أصول تركية، ومن هي الأحزاب الألمانية الأكثر استشرافا لهذه الأولويات؟

الوضع الانتخابي لهذه الفئة أصبح معقدا الآن، فالألمان ذوو الأصول التركية صوتوا سابقا تقليديا للحزبين الاشتراكي الديمقراطي والخضر لما أبداه هذان الحزبان من انفتاح تجاههم، لكن بمضي الوقت سرت أجواء جديدة، حيث أسهم تطور الوجود التركي وتنوعه بتعدد الخيارات الانتخابية لأفراد هذه الكتلة، وهو ما يصعب توقع هذه الخيارات الآن بشكل عام.

undefined مع هذا، هناك أولويات انتخابية لأتراك ألمانيا؟

هذا أصبح مختلفا من فئة إلى أخرى، ففئة ستصوت بناء على سياسة هذا الحزب أو ذاك تجاه تركيا، ومن خططوا لمستقبلهم في ألمانيا يرغبون بالتصويت لأحزاب تلبي تطلعاتهم الحياتية، وهذا التنوع داخل الألمان من أصول تركية يشير إلى أن أكثرهم سيصوتون للأحزاب الرئيسية المستقرة وليس لحزب صغير مؤيد للرئيس أردوغان بولاية شمالي الراين.

undefined لكن أكثرية الأتراك في ألمانيا يوصفون دائما بالمحافظين؟

هذا صحيح فيما يتعلق باقتراع هذه الفئة بالانتخابات التركية حيث يصوتون هناك لحزب محافظ، أما في ألمانيا فهم كانوا يختارون أحزابا غير محافظة، وهذا يرجع لأن شعورهم كمهاجرين أنهم غير مقبولين كمواطنين 100% بالمجتمع الألماني جعلهم فيما مضى يختارون الأحزاب الأكثر انفتاحا عليهم، ومع تحول الهجرة والمهاجرين إلى واقع معترف به في ألمانيا واعتبار معظم الأحزاب أن أتراك البلد هم جزء من المجتمع الألماني ارتبطت خيارات الألمان الأتراك بأوضاعهم الحياتية هنا، فرجال الأعمال أو من اشتروا منزلا ويخططون لمستقبلهم هنا لن يتأثر اقتراعهم في الانتخابات الألمانية بالاتهامات المتبادلة بين برلين وأنقرة.

undefined هل تلعب مسألة الهجرة دورا في خيارات أتراك ألمانيا الانتخابية؟

في الماضي لعبت دورا رئيسيا، لكن هذا تجاوزه الزمن مع وجود أربعة أجيال للهجرة التركية بألمانيا، وتنوع هذه الفئة وانخراطها في المجال العام وبالعمل مع مختلف الأحزاب ألغيا تصور الكتلة الانتخابية التركية التي تصوت لهذا الحزب أو ذاك لأنه منفتح تجاه الأجانب، ولعبت عوامل جديدة دورا في هذا التصويت، منها التوجه العام للأحزاب وبرامجها وجاذبية مرشحيها، كذلك لمسألة اللاجئين دور حاليا بتصويت أتراك ألمانيا.

undefined هل هناك توافق بين أحزاب ألمانيا على الحد من تأثير أردوغان على الأتراك بألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي؟

نعم، هناك توافق بين الأحزاب الألمانية على هذا، لكن هذا لا يعني أن لديها الإمكانيات للحد من هذا التأثير خلال وقت قريب.

undefined كيف تعاملت ألمانيا مع التحذيرات الأخيرة للحكومة التركية لمواطنيها بألمانيا من "الاستفزازات الكلامية ذات الطابع العنصري واحتجازهم تعسفيا"؟

لم يكن لهذه التحذيرات تأثير يذكر على أتراك ألمانيا لأن لديهم خبرات كافية للتعامل مع واقعهم، وعدم مغادرة ثلاثة ملايين تركي ألمانيا يعني أنهم يفضلون الحياة فيها، وأن المناخ العام تجاههم ليس مروعا كما تصوره التحذيرات، وربما تعرض أنصار الرئيس أردوغان لأسئلة نقدية شخصية في أماكن العمل أو الدراسة، لكن لا أحد منهم يخشى التعبير عن رأيه بحرية، وهذه التحذيرات موجهة بالأساس إلى الرأي العام التركي داخل بلاده، وهي لم تؤخذ بجدية شديدة لدى الرسميين الألمان، ولا تؤدي لتحسين أوضاع الأتراك هنا، وهي مثل مطالبة السياسيين الألمان المرتبطة بالحملة الانتخابية بإيقاف مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.

undefinedهل أحدث احتجاز تركيا 12 شخصا يحملون جنسيات ألمانية وتركية مزدوجة بينهم الصحفي دينيز يوغيل تأثيرا على الرأي العام الألماني؟

المناخ العام بألمانيا تجاه تركيا كان سيئا قبل هذه الاعتقالات وازداد سوءا بعدها، لأن الرأي العام الألماني المحتقن لم يتقبل ما جرى لهؤلاء الأشخاص، وعدم توجيه اتهام رسمي لهم أو تقديمهم للمحاكمة، وهو ما يضع الحكومة الألمانية تحت ضغوط للتشدد تجاه نظيرتها التركية، وأوصل العلاقات بين الطرفين إلى مستوى غير مسبوق من التردي.

المصدر : الجزيرة