حماس والقاهرة.. أسئلة الثمن المطلوب للمصالحة

صورة وفد حماس في القاهرة
وفد حركة حماس في القاهرة برئاسة إسماعيل هنية بعد مباحثاته مع الجانب المصري (الجزيرة)
محمد النجار
 
في الوقت الذي كانت فيه الأنظار تتجه نحو القاهرة لاستكمال خطوات التقارب بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والقيادي المفصول من حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) محمد دحلان، جاء إعلان حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة ليقفز بمربع المصالحة نحو السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس.
وشكل إعلان حماس حل اللجنة الإدارية في القطاع خطوة كبرى باتجاه المصالحة مع حركة فتح برئاسة عباس، لكنه ولّد أسئلة عن مستقبل الأوضاع في قطاع غزة، وسلاح المقاومة، وثمن العلاقة المستجدة مع مصر، ومستقبل تحالفات حماس العربية والإقليمية والدولية، والسؤال الأكبر برأي مراقبين هو الثمن الذي ستدفعه حماس للخروج من الحصار المفروض عليها من قبل أنظمة عربية مؤثرة.
 
وتكشف مصادر خاصة للجزيرة نت أن حركة فتح ورئيسها محمود عباس تفاجآ بقرار حماس حل لجنتها الإدارية، حيث إن فتح كانت تتوقع أن تمتنع حماس عن حل اللجنة كما فعلت على مدى الأشهر السبعة الماضية، أو تضع شروطا تجهض قرارها بالحل.
‪‬ حماس خرجت باتفاقها مع المصريين من الاختيار بين عباس ودحلان(رويترز)
‪‬ حماس خرجت باتفاقها مع المصريين من الاختيار بين عباس ودحلان(رويترز)

دحلان وعباس
كما أن المفاجأة الأخرى لما أعلنته حماس هي أن الجميع كان يتوقع أن التفاوض المصري معها يجري على ترتيب الأمور لحليف القاهرة محمد دحلان، لكن النتائج كشفت أن الجهد المصري انصب على تحقيق المصالحة مع عباس الذي كانت علاقات القاهرة به قد مرت بفترة من البرود نتيجة دعم مصر المعلن لخصمه اللدود وصاحب النفوذ الكبير في حركة فتح بقطاع غزة.

 
وبحسب مصدر مطلع على تفاصيل ما جرى في القاهرة، فإن حماس نجحت ولأول مرة في أن تكون صاحبة المبادرة بعد أن قدمت ورقة سياسية واضحة للجانب المصري، وبات عبء الموافقة والرد عليها بيد الطرفين الآخرين المتنازعين في حركة فتح: محمود عباس ومحمد دحلان.
 
وبدلا من أن تتفاوض حماس مع تياري فتح المتناقضين -خاصة وأن مشكلة عباس مع دحلان خصوصا في قطاع غزة تبدو أكبر من مشكلته مع حماس- باتت الورقة في ملعب طرفي الصراع في حركة فتح للمصالحة بينهما، ووقف لعب حماس على التناقضات بينهما، خاصة بعدما عادت القاهرة لدعم السلطة برئاسة عباس، بعد أن حاولت لسنوات تجاوزها لصالح دعم حليفها المفضل لديها ولدى أطراف عربية مؤثرة: محمد دحلان.

الدور المصري
أما عن حقيقة الدور المصري، واندفاع القاهرة الجدي نحو علاقة مع حماس بعد أعوام أربعة من التوتر والاتهامات للحركة بالإرهاب والتدخل بالشأن الداخلي المصري، فتتحدث المصادر عن أن القاهرة ترغب في الخروج من دورها الذي حشرت نفسها فيه من داعم لجزء من حركة فتح إلى المؤثر الأكبر في القضية الفلسطينية.

 
وبحسب هذه المصادر فإن القاهرة أرادت من خطوتها التقارب مع حماس تحقيق أمور عدة، أولها قطع الطريق على توسع الدور التركي القطري في القضية الفلسطينية، وتحقيق مصالحة بين عباس وحماس بعيدا عنهما، لا سيما بعد أن لمست توجها من عباس نحو تركيا التي استقبله رئيسها رجب طيب أردوغان مؤخرا، عوضا عن اتصالات عباس بقطر للغاية ذاتها.
 
إضافة لما سبق، فإن ما أبدته حماس من تعاون أمني مع الأجهزة الأمنية المصرية مؤخرا كان مثمرا لصالح تحقيق الأمن في سيناء، كما أن محاولات عزل حماس وتضييق الحصار عليها لم تنجح في تغيير قناعة الرأي العام في غزة الحاضن للمقاومة وخيارها.
 
على الطرف الآخر، فإن حماس باتت تشعر بخطورة الأوضاع في قطاع غزة واحتمالات انفجاره في وجهها قبل غيرها، وهو ما جعلها تقدم تنازلات تتعلق بالتخلي عن إدارة القطاع، والحفاظ على عدد من المكتسبات التي حصلت حماس على تطمينات بشأنها.

سلاح المقاومة

وبحسب مصادر الجزيرة نت فإن أهم نقطة حققتها حماس تتعلق بأن سلاح المقاومة لن يتعرض للمساس، إضافة إلى تقاسم مسؤولية الأمن في غزة، حيث سيبقى الأمن الداخلي بنسبة كبيرة في عهدة حماس، لكن الأمن الخارجي لمعبر رفح سيخضع للأمن التابع للسلطة في رام الله.
 
ثم إن حماس خرجت من الاختيار بين عباس ودحلان لصالح دفع الطرفين للبحث عن مصالحهما سويا للتلاقي والتوقف عن التنافس على استقطاب الحركة.
 
غير أن مراقبين لما يجري في القاهرة يرون أن هناك أسئلة كبرى لا تزال دون إجابات، ومنها الأسئلة المتعلقة بتحالفات حماس المستقبلية، وهل يريد المصريون من حماس التخلي عن تحالفها الحالي مع تركيا وقطر مقابل فتح أبواب القاهرة والرياض وأبو ظبي لها؟ وهل ستقبل مصر بأن تترك لحماس إدارة العلاقة مع كل هذه الأطراف المتناقضة؟
عن السؤال الأخير، تبدو الإجابات مبهمة لا سيما وأن قرار حماس التخلي عن إدارة غزة حاز على ترحيب الأمم المتحدة، واللافت أن وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش رحب به، رغم أن سفير بلاده في واشنطن يوسف العتيبة دأب على وصف حماس بالحركة الإرهابية، وهو ما يثير التساؤلات عما يجري من مباحثات في مصر، وما هو الثمن المطلوب من حماس أن تدفعه مقابل تحقيق الانفراج في غزة وفي علاقات الحركة الداخلية والخارجية؟ وهي أسئلة تنتظر الإجابة عنها إلى أن يخرج الدخان الأبيض من القاهرة.
المصدر : الجزيرة